عرسال.. «شبه معركة» مفتاحها الدوحة وطهران
مع اقتراب معارك عرسال التي تقودها ميليشيات «حزب الله» من نهايتها، يبدو مصير بعض مسلحي «جبهة النصرة» الذين لايزالون في التلال ولم يتم القضاء عليهم غامضاً، لكن تكشّف الحقائق أخيراً ربما يزيل بعضاً من هذا الغموض.
• «حزب الله» يسعى للسيطرة على كامل المنطقة الحدودية بين سورية ولبنان، وإنشاء منطقة أمنية خاضعة لنفوذه، مبقياً على اتصاله بالقوات السورية ودعمه لنظام الأسد. • ثمن التقارب بين الدوحة وطهران يتمثل في محاولة شراء انتصار لـ«حزب الله»، تستغل فيه قطر علاقاتها مع «النصرة» لإقناعها بالانسحاب من المنطقة المحاذية لجرود عرسال. |
وقالت مصادر لبنانية في عرسال، على الحدود اللبنانية السورية، إن الوساطة لإخراج ما تبقى من مسلحي «النصرة» المحاصرين في منطقة وادي حميد فشلت.
لكن المصادر أشارت إلى محاولات أخرى للتسوية تقوم بها قطر وإيران، تقضي بإخراج المسلحين من الأراضي اللبنانية مع اقتراب المعارك من نهايتها.
هؤلاء المسلحون سيكونون أمام خيارين، إما اللجوء إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سورية، أو الاقتراب أكثر إلى تجمعات اللاجئين السوريين في المخيمات بلبنان.
ففي الأول، ووفق المعلومات المتداولة، فإن «داعش» يفرض على النصرة مبايعته، وهو ما ترفضه الجماعة الموالية للقاعدة.
أما الخيار الثاني فالجيش اللبناني تحسب له ونشر قواته لمنع تسلل المسلحين لمخيمات اللاجئين، حتى لا تتحول إلى بؤر إرهابية.
ومما يرجح رضا جميع الأطراف عن مساعٍ للتسوية، الهدوء النسبي الذي فرض نفسه على أرض المعركة خلال الساعات الأخيرة، وإن تجدد القصف المتقطع في بعض الأحيان.
أما ميليشيات «حزب الله» فتشير تقارير إلى أنها كانت منذ البداية تفضل منطق التسوية على الاستمرار في القتال.
وتباشر قطر وإيران مساعيهما للوصول إلى التسوية، وبحسب محللين فإن ثمن التقارب بين الدوحة وطهران هو المحاولة لشراء انتصار لـ«حزب الله»، تستغل فيه قطر علاقاتها مع «النصرة» لإقناعها بالانسحاب.
ووفقاً لهذا السيناريو فإن ما تشهده تلال عرسال هو «شبه معركة»، لاعباها الأساسيان في الدوحة وطهران، وهما يتوجهان لفرض تسوية على أدواتهما في ميدان المعركة.
وبعد أيام على انطلاق المعارك التي تقودها ميليشيات «حزب الله» في جرود عرسال ضد «جبهة النصرة»، أشارت مصادر سياسية وعسكرية لبنانية إلى هدف آخر للحزب، يبتعد عن تحرير المنطقة من المسلحين.
وبحسب مراسلة «سكاي نيوز عربية»، تتحدث المصادر عن مساعي الحزب للسيطرة على كامل المنطقة الحدودية بين سورية ولبنان، وإنشاء منطقة أمنية خاضعة لنفوذه، مبقياً على اتصاله بالقوات الحكومية السورية ودعمه لنظام حليفه الرئيس بشار الأسد.
وخلال أيام المعارك، أثارت القرارات المتفردة للحزب بعيداً عن الدولة اللبنانية القلق في بيروت من مزيد من التغول لهذه الميليشيات، والانقسام بشأن الدور الذي يلعبه «حزب الله» سياسياً وعسكرياً في لبنان.
وتشير تغريدة حديثة لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، إلى قلق الحكومة من انفراد «حزب الله» بالقوة العسكرية في المعارك الجارية بالمناطق الحدودية.
وتحدث باسيل على حسابه بموقع «تويتر»، أول من أمس، عن أهمية اضطلاع الجيش اللبناني بـ«تحرير جرود القاع ورأس بعلبك وكل الجرود»، مشيراً إلى أن «إرهاب داعش لن يفلت من قبضة الجيش».
ويتناغم تصريح باسيل مع الواقع العسكري على الأرض في منطقة عرسال والمناطق الحدودية القريبة منها، حيث يعتقد أن «حزب الله»، دون الجيش اللبناني، يستعد لمعركة ضد مسلحي «داعش» بعد الانتهاء من قتاله ضد «جبهة النصرة»، بصرف النظر عن الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدها خلال الأيام الماضية.
وتطرق وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي، خلال حديثه لـ«سكاي نيوز عربية»، عن الدور الذي يختطفه «حزب الله» من الحكومة في الداخل اللبناني، وعلاقات الحزب وولاءاته لدول أخرى.
وأكد المرعبي أن «النزاع بين الحكومة اللبنانية وميليشيات حزب الله مستمر»، معتبراً أن سلاح ميليشيات حزب الله «خارج على القانون».
وقال: «دائماً ما يهدد الحزب بقتل وتصفية من يخالفه»، مشدداً على أن ميليشيات حزب الله «تتصرف بأوامر مباشرة من إيران».