قطر خسرت ثلث احتياطياتها المالية منذ بدء الأزمة
سجلت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي انخفاضاً غير مسبوق بنحو 10.5 مليارات دولار في يونيو الماضي، وبما يعادل 30%، لتصل إلى أدنى مستوى في خمسة أعوام على الأقل.
وبذلك يتبقى لقطر 24 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي، بعد شهر عاصف بدد خلاله البنك المركزي 10.5 مليارات دولار.
• سجلت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي انخفاضاً غير مسبوق بنحو 10.5 مليارات دولار في يونيو الماضي، وبما يعادل 30%، لتصل إلى أدنى مستوى في خمسة أعوام على الأقل. • التحدي الأكبر للقطاع الاقتصادي القطري سيبرز في حال استمرار الأزمة. |
وعلى الرغم من أن انخفاض الاحتياطيات كان متوقعاً في يونيو، إلا أن وتيرة التآكل فاقت كل توقع، وإذا ما استمرت على حالها فإن الاحتياطيات يمكن أن تتبدد خلال أشهر قليلة، وعندها ستكون الخيارات صعبة.
وبدأت الضغوط على العملة القطرية إثر مقاطعة الرُباعية العربية، التي هزت ثقة القطاع المالي العالمي والمستثمرين الأجانب بقطر، ومع اشتداد الضغوط البيعية على الريال القطري وانسحاب الودائع الأجنبية من البنوك، اضطر البنك المركزي للتدخل بائعاً للدولار.
وازداد الوضع سوءاً مع توقف العديد من البنوك العالمية عن التعامل بالعملة القطرية.
وتشير التقديرات إلى أن استمرار ربط الريال القطري بالدولار يتطلب بقاء الاحتياطيات أكبر من حجم الكتلة النقدية البالغ 17 مليار دولار، ما يعني أن سعر صرف العملة القطرية بات مهدداً بشكل جدي، بعد أن بات هامش المناورة ضيقاً للغاية لدى البنك المركزي.
وتبدو الخيارات كلها صعبة، وربما يكون أقربها اللجوء إلى جهاز قطر للاستثمار، واستخدام أصوله السائلة وتسييل ما يمكن تسييله سريعاً للدفاع عن العملة، لكن هذا الخيار مكلف وغير مضمون النتائج.
فأصول جهاز قطر للاستثمار تقدر بـ300 مليار دولار، وفق تصريحات رسمية، وتشمل هذه الأصول أسهماً محلية بما يراوح بين 50 و75 مليار دولار، وهي حيازات صعبة التسييل، ما يعني أن الأصول الأجنبية لدى الصندوق لا تزيد على 225 مليار دولار، وليس واضحاً مقدار الأصول السائلة منها، فالعديد من أصول الصندوق تعد استثمارات قد تحتاج إلى سنوات لضمان بيعها بسعر مُجدٍ.
ويعد الخيار الآخر هو فك الربط بين الريال القطري والدولار، وهو خيار قد يوقف استنزاف الاحتياطيات، لكن آثاره ستكون كبيرة على الثقة بالاستقرار النقدي.
وبالفعل بدأ جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي في الدولة، بضخ مليارات الدولارات إلى البنوك القطرية لتعويض نقص السيولة.
فالقطاع المصرفي وجد نفسه أمام تحدٍّ كبير، عقب عدم تجديد ودائع غير المقيمين، وعلى رأسها الخليجية، فضلاً عن سحب أخرى.
لكن التحدي الأكبر للقطاع الاقتصادي القطري سيبرز في حال استمرار الأزمة، وما ترتب عليها من عقوبات اقتصادية. حينها سيواجه الاقتصاد القطري عجزاً أكبر في سيولة القطاع المصرفي، ما سيدفع جهاز قطر للاستثمار، لبيع أجزاء من محفظة أصوله لدعم السيولة.
وجاء إعلان مصرف قطر المركزي، أول من أمس، عن تراجع صافي احتياطيات النقد الأجنبي لديه بنحو 10 مليارات دولار في يونيو، ليعكس تأثيراً واضحاً للأزمة القطرية على اقتصاد الدولة.
فقد بات يخيم على قطر مناخ اقتصادي قاتم، خصوصاً مع تأكيد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب المضي في إجراءاتها ضد الدوحة، ما لم يغير نظامها النهج الداعم للإرهاب.
وتوضح الأرقام انعكاس تعنت قطر وعدم استجابتها لمطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على اقتصادها، ليظهر التأثير الراهن للأزمة التي بدأت منذ أقل من شهرين.
كما أن استمرار الأزمة سيضع الحكومة القطرية أمام قرارات مالية لا يقل أحدها صعوبة عن الآخر، فقد ترغم الدوحة على الاختيار بين الدفاع عن عملتها عبر استنفاد احتياطاتها، وتقييد الواردات، وتخفيض قيمة الريال القطري.
وسيتلقى أيضا قطاع الاستثمار، الذي شهد ارتباكاً وتوجساً منذ فرض العقوبات، ضربة مع استمرار الأزمة، فسوق الدوحة المالية شهدت عمليات بيع واسعة للأسهم القطرية، مع تراجع ثقة المستثمرين في شتى قطاعات السوق.
ومع تقلص عدد الزوار الخليجيين والسياح، شهد قطاع السياحة تراجعاً ملموساً، ومعه القطاع العقاري الذي لم يعد جاذباً للاستثمار، وسط حالة عدم اليقين التي تسود المستثمرين.
كذلك يرى خبراء أن الدوحة ستغدو بيئة طاردة للشركات، خصوصاً تلك التي ترغب في اتخاذ قطر مركزاً للخدمات لبقية دول الخليج.