حنيف القاسم يطالب المجتمع الدولي بكفالة امتثال جميع أطراف النزاع لأحكامه
ناشد رئيس مجلس إدارة مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، الدكتور حنيف حسن القاسم، المجتمع الدولي بأن يكفل امتثال جميع أطراف النزاع لأحكامه بغية حماية أرواح المدنيين، وفقاً للأحكام الواردة في اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المعروفة عموماً باسم اتفاقية جنيف الرابعة.
وشدّد على أن احترام القانون الدولي يجب أن يوجه تحركات المتحاربين في الصراعات المسلحة، مؤكداً أهمية أن يدين قادة العالم على نحو موحد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي تؤثر في المدنيين بغض النظر عن مكان وقوعها.
رئيس مجلس إدارة مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي: الحرب في سورية دخلت عامها السابع وأصبحت أسوأ كارثة من صنع الإنسان بالعالم وأثرت في ملايين الأرواح. الاستخدام غير المتناسب للقوة أدى إلى معاناة هائلة أفضت بدورها إلى إساءة معاملة المدنيين وقتلهم. |
وقال حنيف في التقرير الذي أصدره المركز بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، واستعرض فيه الكوارث الإنسانية في مناطق النزاعات المسلحة، خصوصاً المنطقة العربية، إن الحرب في سورية دخلت عامها السابع وأصبحت أسوأ كارثة من صنع الإنسان بالعالم وأثرت في ملايين الأرواح، وأجبرت أكثر من نصف سكان سورية على الفرار، بمن فيهم 6.3 ملايين مشرد في الداخل و5.1 ملايين لاجئ يعيشون في مخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط وأوروبا، وأزهقت أرواح 450 ألف مدني تقريباً، بسبب هذا الصراع الدائم الذي لا تلوح له نهاية فورية في الأفق.
وأوضح القاسم أنه في الشأن العراقي ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولمركز رصد النزوح الداخلي، فقد نزح ثلاثة ملايين عراقي على الأقل نتيجة للحرب الأهلية في العراق، حيث تقدر هيئة «إحصاء القتلى العراقيين» بأن أكثر من 50% من بين نسبة الوفيات المرتبطة بالحرب -عقب غزو العراق عام 2003- هم من المدنيين.
ولفت إلى أنه في الشأن اليمني تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10 آلاف مدني لقوا حتفهم، وعلاوة على ذلك تقدر المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن نحو ثلاثة ملايين مدني من اليمن نزحوا من ديارهم.
وقال رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان، إن موضوع اليوم العالمي للعمل الإنساني لعام 2017 هو «المدنيون الذين وقعوا ضحايا في صراعات ليسوا هدفاً»، يعيد التأكيد مجدداً على الرؤية التي أعرب عنها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره المؤرخ 10 مايو 2017، بشأن حماية المدنيين في الصراعات المسلحة، داعياً إلى «العمل الجماعي لتعزيز حماية المدنيين في النزاعات المسلحة».
وأشار الأمين العام في التقرير نفسه إلى «أزمة حماية عالمية»، ويُعزى ذلك إلى تزايد استخدام القوة، ويكون المدنيون في نهاية المطاف الضحايا الرئيسين له.
وأضاف أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تشير التقديرات إلى أن ما بين 60-90% من الوفيات المرتبطة بالحرب، هم في المقام الأول من بين صفوف المدنيين، وأصبح المدنيون الضحايا الرئيسين للحرب في القرن الـ21.
وأوضح القاسم أن تجارة الأسلحة في الأسواق السوداء، وغير النظامية أدت إلى زيادة ظهور الجماعات العنيفة والمتطرفة في العديد من البلدان في المنطقة العربية، وقد مكنت تجارة الأسلحة غير المشروعة الجماعات الإرهابية من أن تزدهر في البلدان المتضررة من النزاع والعنف، وتظهر الصور المقلقة للبنية التحتية المدنية مثل المدارس والمستشفيات التي تتعرض للقصف في فلسطين وفي سورية والعراق.
وأكد أن البنية التحتية المدنية يستهدفها المتحاربون على نحو متزايد، وعلى الرغم من أن معاهدة تجارة الأسلحة سعت إلى تنظيم تجارة الأسلحة على الصعيد الدولي، إلا أن عملية تدفق الأسلحة والمعدات التي صارت في متناول يد الجماعات العنيفة والمتطرفة، مازالت تؤجج الصراعات الدموية في المنطقة العربية، بسبب عدم التصديق على المعاهدة من جانب بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأوضح القاسم أن العمليات الحربية والصراعات المسلحة تزداد حدةً في المراكز الحضرية في المنطقة العربية، مشيراً إلى أن نمط الحرب الحديثة قد تغير فالمعارك التي كانت تُخاض في ما مضى في المناطق غير الآهلة بالسكان مثل شواطئ نورماندي وصحراء العلمين، تخاض الآن في المراكز الحضرية في غزة والموصل وبغداد وحلب، وهي مؤثرة على حياة الملايين من المدنيين، كما أن استخدام الأسلحة الثقيلة وما يسمى بالقصف الاستراتيجي واستخدام التكنولوجيات الحديثة مثل الطائرات بدون طيار، قد زاد من احتمال إلحاق أضرار جانبية بالمدنيين أثناء الصراعات المسلحة.
وأضاف القاسم أن الاستخدام غير المتناسب للقوة أدى إلى معاناة هائلة أفضت بدورها إلى إساءة معاملة المدنيين وقتلهم، وقد ظهر مصطلح الأضرار الجانبية كمصطلح مقبول لتبرير الأخطاء والاستخدام العشوائي للقوة.
وأوضح أنه من أجل الاستجابة للحاجة إلى توفير الحماية للمدنيين أثناء الصراعات المسلحة، يقع على عاتق العالم مسؤولية أخلاقية بغية إنهاء الاتجار غير المشروع في الأسلحة والعتاد الذي يؤجج نمو الجماعات العنيفة والمتطرفة، مشدداً على ضرورة قيام الدول بالتصديق على معاهدة تجارة الأسلحة والامتثال لأحكامها من أجل إنهاء الاتجار غير المشروع في الأسلحة، الذي يقدر حالياً بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وينبغي ألا ينتهي أمر الأسلحة والعتاد في أيدي الجماعات المتطرفة مثل تنظيم «داعش»، الذي يرتكب جرائم خطيرة تنم عن انعدام الضمير ضد السكان المدنيين في المنطقة العربية.