المعارضة القطرية في لندن.. مجــابهة للإرهاب واستجابة للتطلعات الشعبية
وسط التفاف عالمي وعربي كبير، تدخل المعارضة القطرية مرحلة جديدة في 14 سبتمبر المقبل، بالعاصمة البريطانية لندن، التي تستضيف المؤتمر الأول حول الأزمة القطرية وتداعياتها السياسية والاقتصادية المتعاظمة، الخطوة التي عدها مراقبون نقلة نوعية في الحركة الاحتجاجية ضد «تنظيم الحمدين» الحاكم في الدوحة.
وهذه هي المرة الأولى التي يجتمع فيها الإصلاحيون القطريون لإيصال صوتهم إلى العالم، عبر مؤتمر توأمة مجموعة من القيادات العربية والأوروبية، للتباحث حول مستقبل الدوحة، التي اختطفها «تنظيم الحمدين» الحاكم من محيطها العربي والخليجي، عبر الارتماء في أحضان نظام الملالي الإيراني، وتركيا، ما جعلها تمثل تهديداً خطراً للسلم والأمن الدوليين.
ويمثل المؤتمر الذي ينطلق تحت شعار «إنقاذ قطر» تطوراً طبيعياً لحركات المعارضة القطرية، التي بدأت في الظهور منذ انقلاب حمد بن خليفة آل ثاني على والده، واحتضان نظامه لجماعة الإخوان الإرهابية منذ أكثر من عقدين، بيد أن الآلة القمعية القطرية لم تكن تستمع لأي من الأصوات المعترضة على وجود الإرهابيين، واستنزافهم لخيرات البلاد، فكان مصير كل من يفكر بصوت مسموع الزج في دهاليز السجون القطرية التي تكتظ بآلاف المعارضين.
هذا المصير تعرض له الكثيرون في الدوحة، ومنهم من لايزال قابعاً داخل السجون القطرية حتى الآن، بحسب معارضين قطريين، فيما أفلح عدد منهم في الفرار من جحيم أمن «الحمدين»، ليطلب اللجوء السياسي في أوروبا، ويتخذ من منفاه منصة لاطلاع الرأي العام العالمي على بشاعات نظام تميم وعصبته من الجماعات المتطرفة، التي تتحكم بمفاصل الأمور في الإمارة الصغيرة.
بيد أن انعقاد مؤتمر لمناقشة الأزمة، عقب إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب يمثل تطوراً طبيعياً، حسب النائب البرلماني البريطاني والعضو السابق في اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية والخبير في الشؤون الخليجية، دانيال كافتشينسكي، مشيراً إلى أن مثل هذا المؤتمر يعد فرصة لمعرفة المزيد عن الأزمة، بالنظر إلى حجم الاستثمارات الضخمة لقطر في بريطانيا، والذي يتطلب من البريطانيين أن يكونوا على ثقة تامة بالمواقف القطرية، كما أنها فرصة للتعرف إلى آراء الإصلاحيين القطريين من أمثال خالد الهيل.
الإجماع الإقليمي والقلق الدولي المتزايد من سياسات النظام القطري، التي تهدد الأمن العالمي، يعتبران فرصة سانحة للمعارضة القطرية لمخاطبة الضمير العالمي، واختبار جديته في وضع حد للعنف والإرهاب والفوضى، عبر وقف التمويل القطري للإرهاب، بحسب ما أكده خالد الهيل، المتحدث الرسمي باسم المعارضة القطرية قائلاً «حريصون على الحضور والمشاركة، فهذا سيكون أهم مؤتمر حول الأزمة، ولابد أن يسمع العالم صوتنا، فحكومة قطر لا تسمح لأحد بأن يتحدث عن سياساتها أو نشاطاتها في المنطقة».
والهيل الذي يقود تجمعاً يفوق مناصروه الـ32 ألف شاب داخل قطر، باسم الحركة الشبابية لإنقاذ قطر، التي وجدت التفافاً كبيراً، يعد أحد أبرز الشباب المعارضين الذين تم احتجازهم لأعوام في السجون القطرية، قبل أن يتمكن من الهرب إلى خارج البلاد.
ويقول الهيل في لقاء تلفزيوني سابق على قناة «الغد العربي» إن «الحركة تسعى لإيقاف الحكومة القطرية عن دعم تنظيم الإخوان المسلمين، وإجبارها على احترام اختيارات الشعوب العربية»، مؤكداً أن قناة «الجزيرة» بمثابة الذراع الإعلامية لوزارة الخارجية القطرية.
كما أن المواطن القطري أصبح غريباً في وطنه، مقيداً في حريته الفكرية والسياسية، بحسب الهيل، إلى الدرجة التي يتحاشى فيها التطرق لحقوقه وحرياته، فيما تبدد الحكومة القطرية أمواله في دعم الجماعات المتطرفة وتسليحها، وزعزعة أمن واستقرار الدول العربية، ما يسهم في عزل الدوحة عن امتدادها الطبيعي أكثر.
وهذه هي ذات المخاوف التي أعلنتها المعارِضة القطرية، منى السليطي، في حديث تلفزيوني آخر، مشيرة إلى أن المتضرر الأول من سياسات «تنظيم الحمدين» العدائية تجاه المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، هو الشعب القطري، الذي يتلاعب به تميم لمصلحة من يحتلون «الديوان الأميري» من جماعات التطرف والإرهاب، وأشارت السليطي إلى أن ثمة غضباً كبيراً بدأ يتبلور بشكل أكثر من السنوات الماضية.
الغضب القطري مرشح للانفجار في أي وقت، خصوصاً عقب تعنت النظام، وتحميله الشعب القطري فاتورة دعم الإرهاب، عبر العزلة التي يفرضها عليه بالحيلولة بينه وبين امتداداته الطبيعية في السعودية والإمارات والبحرين، بحسب علي الدهنيم، المعارض القطري والضابط السابق بجهاز مخابرات الدوحة، الذي أكد في تصريحات سابقة، أن القطريين لن يصمتوا طويلاً على عبث الحمدين.
قراءات المعارضة القطرية، التي قدمها ثلاثة من رموزها في الخارج، تشير بحسب مراقبين، إلى أن الخطوة التصعيدية التي تعتزم المعارضة القطرية تنظيمها في لندن، ليست معزولة عن موجات الاحتجاجات الداخلية في الدوحة، فما تنوي المعارضة القيام به في 14 من سبتمبر، يمثل استجابة طبيعية لتصاعد الغضب في أوساط الشعب القطري على تميم وعصاباته.