تقرير سري للكونغرس الأميركي يكشف العلاقات المستمرة بين قطر وإسرائيل وإيــران
كشف تقرير سري للكونغرس الأميركي، تم نشره في موقع التسريبات «ويكيليكس»، العلاقات المستمرة بين قطر وإسرائيل وإيران، وأن قطر كانت السبّاقة في العلاقة مع تل أبيب، مستعرضاً زيارات قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى العاصمة الدوحة.
ينفي التقرير أن تكون قطر قد أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي فعلاً، وقال إنها ادعت إغلاقه، ومع ذلك، وفقاً للمسؤولين القطريين، استمر العمل على مستوى منخفض جداً. |
كما يلفت التقرير الذي وُزع على أعضاء الكونغرس عام 2008 ويجري تحديثه اعتماداً على معلومات وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن قطر وإيران حافظتا على علاقات إيجابية في ما بينهما، على الرغم من أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج العربي الأخرى شهدت فتوراً.
وجاء في نص التقرير، الذي استند إلى برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أميركيون حول قطر، أنه «على الرغم من أن قطر وإسرائيل ليس لديهما علاقات دبلوماسية رسمية، فإن الدوحة كانت السباقة في المحادثات العربية الإسرائيلية بتوسيع العلاقات الاقتصادية خلال فترات التقدم في عملية السلام».
وأضاف التقرير «وقد استضافت قطر مجموعات العمل العربية الإسرائيلية متعددة الأطراف، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في أبريل 1996». كذلك «وافقت قطر على إنشاء بعثة تجارية إسرائيلية في الدوحة، رغم تباطؤ العلاقات بعد تراجع عملية السلام عام 1996».
وينفي التقرير أن تكون قطر قد أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي فعلاً، وقال «بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، ادعت قطر أنها أغلقت المكتب، ومع ذلك، وفقاً للمسؤولين القطريين، استمر العمل على مستوى منخفض جداً».
وتابع «قبل البدء بعملية تحرير العراق (الغزو الأميركي عام 2003)، أغلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية البعثة التجارية في الدوحة، وأجلت ثلاثة مبعوثين إسرائيليين وأسرهم». مستدركاً «وعدت إسرائيل بإعادة فتح المكتب بعد ذلك، وعلى الرغم من ضغوط بعض الدول العربية الأخرى، فقد استضافت قطر المؤتمر الاقتصادي بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نوفمبر 1997».
وكشف التقرير أن «وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، رفضت دعوة قطر للمشاركة في مؤتمر الديمقراطية بالدوحة في أكتوبر 2006 بسبب وجود ممثلين عن حماس، واكتفت تل أبيب بالمشاركة عبر وفد مكون من مسؤولين أقل مرتبة من وزارة الخارجية».
وتطرق التقرير إلى زيارة «نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، شمعون بيريز، إلى قطر في فبراير 2007، ورفضه الاقتراح الذي قدمه الأمير بالتفاوض المباشر بين إسرائيل وقطر».
على صعيد إيران، نوه التقرير بأن «طهران والدوحة حافظتا على علاقات إيجابية بينهما، على الرغم من أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج العربي الأخرى شهدت فتوراً». وبيّن أن «المسؤولين القطريين اجتمعوا بشكل متكرر مع أعضاء الحكومة الإيرانية في طهران والدوحة في السنوات الأخيرة، كما أن الحكومة القطرية تدعو بانتظام إلى زيادة الحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران».
وكان موقع «بوابة العين الإخبارية» قد نشر في وقت سابق برقية سرية للسفير الأميركي لدى الدوحة، جوزيف لابارون، التي كتبها يوم 29 مارس 2009 ووجهها إلى وزير خارجية بلاده آنذاك، عقب اجتماع مع وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، أحمد بن عبدالله آل محمود، حيث ضم الاجتماع سفراء الولايات المتحدة ودول أوروبية في العاصمة الدوحة.
وجاء في برقية السفير الأميركي أن الوزير القطري أكد أن بلاده لا توافق على عزل إيران أو قصفها أو جعلها عدواً، واصفاً العلاقات الإيرانية-القطرية بأنها ودية. وذكر السفير الأميركي لدى الدوحة، أن ترتيب الاجتماع استغرق ثلاثة أشهر.
وقال لابارون في البرقية إنه تم في الاجتماع تسليم المسؤول القطري المواقف المشتركة للولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا بشأن ثلاث قضايا رئيسة تتعلق بإيران وهي: التمويل الإرهابي، والأسلحة النووية، وتنمية الطاقة.
وأضاف «حضر وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد آل محمود بمشاركة ثلاثة موظفين من وزارة الخارجية القطرية وقاموا بأخذ ملاحظات، واستمعوا إلى المواقف المشتركة باهتمام، وقدم المسؤول القطري ملاحظاته بنفسه».
وبحسب البرقية فإن «ملاحظاته (آل محمود) تشير مرة أخرى إلى أن علاقة قطر مع إيران تقوم في جوهرها على الخوف من طهران، فالأخيرة أكبر بكثير وأكثر قوة، وتشاطر حقل غاز كبير الحجم الذي له تأثير في قطر ومستقبل أجيالها».
وتتضمن ملاحظات الوزير أيضاً «معرفة قطر بأن إيران في وضع جيد لتدمير مستقبلها، عندما تختار إيران ذلك. ويمكن تفسير الكثير في العلاقة بين البلدين على هذا الأساس».
وذكرت البرقية أنه قبل الرد على النقاط المشتركة قدم آل محمود وصفاً للسياسة العامة القطرية تجاه إيران، حيث نقلت البرقية عن آل محمود إشارته إلى إيران بالقول: «سنكون جيرانا إلى الأبد. إن الأغلبية من الأصول الهيدروكربونية، حقل الشمال، تتشاطر مع إيران».
وتابع الوزير القطري «إذا ما كانت قطر ستجعل من إيران عدواً، فإن قطر بذلك تضحي بأمنها القومي. لا يمكننا ولن نفعل ذلك». وأوضح أنه «لذلك اتبعت قطر سياسة الحياد في الحرب العراقية الإيرانية»، مستطرداً «لا أحد كان يمكنه أن يساعدنا، إذا ما طالبتنا إيران بالتعويض عن خسائر الحرب». وأكد آل محمود أن «قطر تدعم الحوار مع إيران وليس عزلها»، واستدرك «لكننا قلقون من التوصل إلى اتفاق من قبل الولايات المتحدة مع طهران من وراء ظهرنا، دون استشارتنا، أو حتى إبلاغنا».
وبشأن البرنامج النووي قال آل محمود «لدى قطر شواغل أساسية في هذا المجال: أن تكتسب إيران القنبلة، أو أن تتعرض للقصف. الدوحة قلقة جداً حيال الأمرين وتعارضهما على حد سواء».
وانتقل آل محمود لانتقاد المواقف المعارضة لعلاقات بلاده مع إيران، قائلاً «أتفهم موقفكم حيال تطوير إيران النفط والغاز، ولكنني لا أفهم لماذا يتم انتقاد قطر كثيراً بسبب علاقاتها مع إيران».
ولفتت البرقية الأميركية إلى أن آل محمود انتقل لاحقاً إلى اقتراح البحث عن مشروع تنمية مشترك يمكن لدول الخليج والدول العربية التفاوض بشأنه مع إيران، وبذلك حث طهران على عدم تطوير أسلحة نووية. لكن السفير الأميركي ذكّر الوزير القطري بقانون العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وفي إشارة إلى المطلب الدولي بعدم التورط في التمويل الإرهابي، ردّ آل محمود على الوفد الأوروبي – الأميركي «ستواصل قطر دعمها الفعال لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك قرار 1737 (2006)، و1747 (2007) و1803 (2008)». غير أن آل محمود استدرك بالقول «قطر لن تسعى لعزل إيران، فهي لاتزال على علاقة ودية معها بما يتفق مع قرارات مجلس الأمن».