حمد بن خليفة: العراقيون صعب التـــعامل معهم ولا يمكن الثقة بهم
في سياق الكشف عن تفاصيل البرقيات السرية التي كتبها دبلوماسيون أميركيون حول قطر، وعلاقاتها العربية والجيران الإقليميين وإسرائيل، كشفت إحدى البرقيات الأميركية هذه المرة عن رأي أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثاني، خلال عام 2008 بالأوضاع في العراق، وهاجم العراق وقادته، وقال إنه يصعب التعامل مع العراقيين، وإنه لا يمكن الثقة بهم، معتبراً أن الرئيس العراقي حينها جلال طالباني «ليس قائداً قوياً» على حد قوله.
حمد كشف عن موقفه هذا خلال لقاء مع نائب وزير الدفاع الأميركي، جوردون انغلاند، في العاصمة الدوحة، يوم 6 أغسطس 2008، وتم تلخيص الاجتماع في برقية سرية صاغها السفير الأميركي لدى قطر جوزيف لابارون يوم 12 من الشهر نفسه.
وعند سؤاله عن العراق، قال إن «العراقيين هم أناس صعاب، ولا يمكن أن نثق بهم، ومن الواضح أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تغادر العراق على الفور».
وأضافت البرقية في نقلها عن أمير قطر السابق «التحدي هو العثور على زعيم قوي يمكنه السيطرة على العراق. جلال طالباني ليس قائداً قوياً».
ومضى بقوله «الفوضى ستعم (العراق) إذا ما غادرت الولايات المتحدة مبكراً جداً»، مستدركاً «أعتقد أن العراق سيصبح فوضى على أي حال».
واعتبر أمير قطر السابق أن مفتاح الاستقرار في العراق هو علاقته مع إيران، بقوله إن طهران «في الواقع هي مفتاح للمنطقة بأسرها».
• أساس مشروع تقسيم العراق بمساندة قطرية كان «احتضان السنّة والدعوة إلى إقليم سنّي مقابل إقليم شيعي» في إطار مخطط تقسيم العراق. |
أما في الملف اللبناني، فاعتبر أن حل مسألة مزارع شبعا ستؤدي إلى سلام بين إسرائيل ولبنان.
وفي نص البرقية الأميركية قال حمد، إن «مسألة مزارع شبعا لاتزال بحاجة إلى حل، وهي قضية يعتقد أنه ينبغي أن تُعالج من قبل الأمم المتحدة. وعندما يتم حل ذلك فإن السلام بين إسرائيل ولبنان سيكون ممكناً».
يذكر أن لبنان أعلن مراراً أنه يربط سلامه مع إسرائيل بإنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ويبدو أن المصالح القطرية تقاطعت مع مشروع نظام ولاية الفقيه الإيراني، للعبث بأوضاع «الجيران»، منذ غزو العراق عام 2003، بهدف أن تخرج طهران الرابح الأكبر من ضعف البلاد والوصول إلى هدف تقسيمها، لتشكّل الدوحة مع طهران تحالفاً يسعى لتحقيق التقسيم عبر إثارة القلاقل الطائفية والمذهبية.
ولتنفيذ هذا المشروع أغدقت قطر أموالها بسخاء في العراق في سبيل إثارة القلاقل وتقويض جهود الاستقرار، حسب رئيس المجلس الموحد لعشائر بغداد والمحافظات الـست.
وفي هذا السياق، قال نائب الرئيس العراقي، إياد علاوي، معلقاً على تدخلات قطر في بلاده، في مؤتمر صحافي بالقاهرة قبل أسابيع «آن الأوان أن نتحدث كلنا بصراحة ونضع النقاط على الحروف ونصل إلى نتائج. يجب أن نصارح قطر بكل هذه المخالفات وكل هذه المشكلات».
وأوضح علاوي أن أساس مشروع تقسيم العراق بمساندة قطرية كان «احتضان السنّة والدعوة إلى إقليم سنّي مقابل إقليم شيعي»، مضيفاً «قلت لهم، أي للقطريين، لن نسمح بهذا الأمر، نحن علينا من دون مجاملة مواجهة كل من يخرج عن الخط».
وأضاف علاوي «أتمنى أن يعرف الواقع، وماذا عملت قطر وماذا لم تعمل. وإذا حصل ذلك يأتي وقت المصارحة والمصالحة، أو المصارحة والعزل. الدولة التي تؤذي الآخرين يجب أن تعزل بالكامل ــ أي دولة كانت عربية أو إسلامية ــ لكن المصارحة هي مفتاح الحل».
وكان وزير خارجية قطر قد طلب من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تحويل مبلغ نصف المليار دولار، الذي كان مخصصاً لإطلاق سراح القطريين المخطوفين لدى حزب الله، كهدية من الدوحة، لدعم ميليشيات الحشد الشعبي، حسب صحيفة «عكاظ» السعودية.
كما أغدقت قطر أموالها بسخاء في العراق في سبيل إثارة القلاقل وتقويض جهود الاستقرار، حسب رئيس المجلس الموحد لعشائر بغداد والمحافظات الـست، رعد السليمان. ويأتي الكشف عن البرقية الأميركية والدور التخريبي لقطر في العراق بعد أن تم كشف تقرير سري للكونغرس الأميركي، تم نشره في موقع التسريبات «ويكيليكس» أيضاً، أن العلاقات المستمرة بين قطر وإسرائيل وإيران، وأن قطر كانت السبّاقة في العلاقة مع تل أبيب، مستعرضاً زيارات قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى العاصمة الدوحة.
وينفي التقرير أن تكون قطر قد أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي فعلاً، وقال إنها ادعت إغلاقه، ومع ذلك، وفقاً للمسؤولين القطريين، استمر العمل على مستوى منخفض جداً.
كما يلفت التقرير الذي وُزع على أعضاء الكونغرس عام 2008 ويجري تحديثه اعتماداً على معلومات وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن قطر وإيران حافظتا على علاقات إيجابية في ما بينهما، على الرغم من أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج العربي الأخرى شهدت فتوراً.
وجاء في نص التقرير، الذي استند إلى برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أميركيون حول قطر، أنه «على الرغم من أن قطر وإسرائيل ليس لديهما علاقات دبلوماسية رسمية، فإن الدوحة كانت السباقة في المحادثات العربية الإسرائيلية بتوسيع العلاقات الاقتصادية خلال فترات التقدم في عملية السلام».
وأضاف التقرير «وقد استضافت قطر مجموعات العمل العربية الإسرائيلية متعددة الأطراف، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في أبريل 1996». كذلك «وافقت قطر على إنشاء بعثة تجارية إسرائيلية في الدوحة، رغم تباطؤ العلاقات بعد تراجع عملية السلام عام 1996».
وينفي التقرير أن تكون قطر قد أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي فعلاً، وقال «بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، ادعت قطر أنها أغلقت المكتب، ومع ذلك، وفقاً للمسؤولين القطريين، استمر العمل على مستوى منخفض جداً». وتابع «قبل البدء بعملية تحرير العراق (الغزو الأميركي عام 2003)، أغلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية البعثة التجارية في الدوحة، وأجلت ثلاثة مبعوثين إسرائيليين وأسرهم». مستدركاً «وعدت إسرائيل بإعادة فتح المكتب بعد ذلك، وعلى الرغم من ضغوط بعض الدول العربية الأخرى، فقد استضافت قطر المؤتمر الاقتصادي بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نوفمبر 1997».
وكشف التقرير أن «وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، رفضت دعوة قطر للمشاركة في مؤتمر الديمقراطية بالدوحة في أكتوبر 2006 بسبب وجود ممثلين عن حماس، واكتفت تل أبيب بالمشاركة عبر وفد مكون من مسؤولين أقل مرتبة من وزارة الخارجية».
وتطرق التقرير إلى زيارة «نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، شمعون بيريز، إلى قطر في فبراير 2007، ورفضه الاقتراح الذي قدمه الأمير بالتفاوض المباشر بين إسرائيل وقطر». على صعيد إيران، نوه التقرير بأن «طهران والدوحة حافظتا على علاقات إيجابية بينهما، على الرغم من أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج العربي الأخرى شهدت فتوراً». وبيّن أن «المسؤولين القطريين اجتمعوا بشكل متكرر مع أعضاء الحكومة الإيرانية في طهران والدوحة في السنوات الأخيرة، كما أن الحكومة القطرية تدعو بانتظام إلى زيادة الحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران». وكان موقع «بوابة العين الإخبارية» قد نشر في وقت سابق برقية سرية للسفير الأميركي لدى الدوحة، جوزيف لابارون، التي كتبها يوم 29 مارس 2009 ووجهها إلى وزير خارجية بلاده آنذاك، عقب اجتماع مع وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، أحمد بن عبدالله آل محمود، حيث ضم الاجتماع سفراء الولايات المتحدة ودول أوروبية في العاصمة الدوحة. وجاء في برقية السفير الأميركي أن الوزير القطري أكد أن بلاده لا توافق على عزل إيران أو قصفها أو جعلها عدواً، واصفاً العلاقات الإيرانية-القطرية بأنها ودية. وذكر السفير الأميركي لدى الدوحة، أن ترتيب الاجتماع استغرق ثلاثة أشهر. وقال لابارون في البرقية إنه تم في الاجتماع تسليم المسؤول القطري المواقف المشتركة للولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا بشأن ثلاث قضايا رئيسة تتعلق بإيران وهي: التمويل الإرهابي، والأسلحة النووية، وتنمية الطاقة.