برقية أميركية تكشف سعي الدوحة لإضعاف الجيش اللبناني وجهود الجامعة العربية

«عقـــوبتان» في انتظار قطــر حــال إدانتـها في الأمم المتحدة بقضية «الــغفران»

وفد من المعارضة القطرية يعرض شكواه أمام المنظمات الحقوقية. أرشيفية

دعت المعارضة القطرية الدول العربية الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب إلى تصعيد شكواها ضد الدوحة إلى الأمم المتحدة، بشأن سحب السلطات القطرية جنسيات الآلاف من قبيلة الغفران، مشيرة إلى أن هناك عقوبتين تنتظران الدوحة حال إدانتها بالأمم المتحدة. من جهة أخرى، كشفت برقية أميركية عن سعي قطر لإضعاف الجيش اللبناني لمصلحة ميليشيات «حزب الله» الإرهابية الموالية لإيران، وأيضاً إضعاف دور الجامعة العربية في لبنان.

ووفق تصريحات مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بسويسرا، فإن المعارضة القطرية موجودة بجنيف حالياً لمتابعة مناقشات المفوضية في الدعوة المقدمة حول إسقاط 6000 جنسية عن قطريين بقبيلة الغفران من جانب أمير قطر تميم بن حمد.

وأضاف المصدر لـ«بوابة العين الإخبارية» أن المعارضة القطرية تنسق مع مندوبيات الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) في المفوضية لاستخدام صلاحياتهم في نقل التوصيات التي ستخرج عن المناقشات إلى الأمم المتحدة.

قبيلة الغفران تتعرض لأزمات من النظام القطري منذ التسعينات.

 ويعد السعي للحصول على إدانة من مفوضية حقوق الإنسان خطوة مطلوبة لتصعيد الأمر للحصول على إدانة أقوى من خلال قرارات الأمم المتحدة في نيويورك.

وعن الإجراءات القانونية المتبعة في هذه القضية، قال المصدر الدبلوماسي المصري إنه تتم مناقشة الشكوى من حيث الشكل تحت البند الرابع من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر ثلاث لجان، ثم مناقشتها من حيث المضمون عبر لجنة يتم تشكيلها من المجلس، والتي تضع توصيات أولية تنقلها إلى الجلسات العامة في حال إثبات وجود نموذج يدل على أن الدولة المقدم شكوى بحقها، وهي قطر، قامت بإجراءات قائمة على التمييز الطائفي أو العرقي بحق جماعة أو رابطة بعينها، أو صدرت منها إجراءات بالتهميش بحق مجموعة، أو القيام بانتقاص من حقوق فريق معين، وهو ما ينطبق على سحب الجنسيات من أبناء هذه القبيلة.

وبعد أخذ تصويت من الدول الأعضاء على إصدار قرار يسمى باسم المشكلة، يوزع بعد ذلك على الدول الأعضاء، التي يكون مطلوباً منها تقديم ما لديها من أدلة أو قرائن تثبت أو تنفي موضوع المشكلة.

والخطوة التالية، بحسب المصدر ذاته، هي أن المفوضية تعد تقريراً عاماً في جلسة أخرى بحضور المندوب القطري في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي يطلب منه الرد على هذه الاتهامات، وذلك خلال الاستعراض الدوري للمفوضية، في وقت يسمح لها بتقديم ردها مقروناً بما يثبت صحة موقفها، وعلى هذا الأساس، يتم وضع التوصيات النهائية الحاملة لاسم موضوع الدعوى، ثم يكون التصويت من جانب الدول، والذي يكون بمقتضاه أمام إعلان التوصيات أو حفظ الشكوى.

العقوبات المنتظرة

وعن العقوبات التي ستلاحق قطر في حال إدانتها، قال المصدر الدبلوماسي إن التوصيات ستظل شكلية إلى أن تطلب إحدى الدول أو أكثر، نقل ملف الشكوى إلى مقر الأمم المتحدة بنيويورك، ليكون هناك تفعيل للشكوى وعدم وقوفها عند التوصيات، وأن الإدانة من جانب الأمم المتحدة تعتبر بمثابة عقوبة دولية، لأنها هنا بمثابة الوصمة التي تسجل في تاريخها الحقوقي.

كما ستلاحق قطر عقوبة أخرى، قائمة على مطالبة الأمم المتحدة لها بأن تقوم بالتحقيق الداخلي والمراجعة في حالة نفيها لصحة الشكوى عبر أجهزتها، وفي حالة سحب الجنسيات تكون مطالبة بأن تراجع هذا الإجراء، وأن يكون اتخاذه ليس جماعياً من جانب سلطة الدولة، وأن يأخذ طريقه الطبيعي في القضاء صاحب الحق أمام ميثاق الأمم المتحدة بإسقاط الجنسية في حالة معينة ومحددة.

وفي سياق آخر، قالت الإعلامية المعتمدة لدى الأمم المتحدة في جنيف، دينا أبوصعب، هذا العام في اجتماعات المفوضية يوجد أمر جديد، وهو أنه لأول مرة نجد معارضة قطرية تتحرك بشكل فاعل، تاريخياً لم يكن ذلك موجوداً قبل ذلك.

وأشارت دينا في لقاء مع «بوابة العين الإخبارية» إلى أن قبيلة الغفران تتعرض لأزمات من النظام القطري منذ التسعينات، بعد إعلان الانقلاب الشهير بقطر، حيث كانوا مع النظام السابق، وبالتالي فهم منبوذون ومغضوب عليهم، وصودرت أموالهم وسحبت الجنسية منهم، فلجؤوا إلى المملكة العربية السعودية، وجزء كبير منهم ممنوعون من الدخول إلى الدوحة.

وهناك تحرك آخر للمعارضة القطرية بجنيف، يتمثل في تحريك ملف قطر الخاص بحقوق العمال في منشآت كأس العالم في الدوحة.

وعن مدى تدخل منظمات حقوقية عالمية على علاقة بالدوحة في تعطيل الملفين، نظراً لحصول تلك المنظمات على تمويل من قطر، وعلى رأسها «هيومن رايتس واتش»، قالت دينا أبوصعب إن هذه المنظمة لا تتلقى أموالها المعروفة بالتبرعات من قطر فقط، بل من دول أخرى، ومن الطبيعي أن أي منظمة تسير بحسب مصدر التمويل، لكن هذه المنظمات يؤخذ برأيها في الحسبان بمفوضية الأمم المتحدة، لكن ليس لها الفعالية المباشرة في التوصيات.

وفي افتضاح لمزاعم قطر على مدى سنوات بأنها تقدم الخير للبنان، كشفت رسالة سرية كتبتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندليزا رايس، دور الدوحة في محاولة إضعاف الجيش اللبناني لمصلحة ميليشيات «حزب الله» الإرهابية الموالية لإيران.

فسيدة الدبلوماسية الأميركية كشفت في رسالتها، أن قطر لعبت بشكل متزايد دوراً معرقلاً في الانتخابات الرئاسية بلبنان مطلع عام 2008. وكانت هذه التدخلات لمصلحة الفريق المعارض حينها، والموالي لإيران، وعلى رأسه ميليشيات «حزب الله». واستنادا إلى الرسالة المؤرخة بالسادس من فبراير من ذلك العام، ونشرها موقع التسريبات الشهير «ويكيليكس»، فإن قطر عملت مع سورية (التي كانت تسعى لاستعادة السيطرة على لبنان) للتأثير في جهود وساطة جامعة الدول العربية لتهدئة الوضع في لبنان، وذلك لمصلحة المعارضة المؤيدة لدمشق، بما فيها «حزب الله» الموالي لإيران.

وحذّرت رايس من أن فوز المعارضة اللبنانية، في إشارة إلى الأحزاب المؤيدة لسورية حينها، سيزيد احتمالية صراع داخلي أو إقليمي آخر سيغمر لبنان.

حينها كانت قطر وافقت على مشاركة 203 من جنودها في القوات الأممية «اليونفيل»، ثم زعمت الانسحاب منها «لأسباب داخلية»، ليتضح لاحقاً أنها فعلت ذلك لمصلحة تعاظم قوة «حزب الله».

وكانت الاتصالات لانتخاب خليفة للرئيس اللبناني إميل لحود، الذي انتهت ولايته في 24 نوفمبر من عام 2007، تواصلت أشهر عدة، إلى حين إجرائها في 25 مايو 2008، حيث تم انتخاب ميشال سليمان ليصبح الرئيس الـ11 للبنان.

وفي حينه، تأجلت الانتخابات الرئاسية 19 مرة، علماً بأن الرئيس اللبناني يُنتخب من أعضاء المجلس النيابي بأغلبية الثلثين في الدورة الأولى، والأغلبية المطلقة في الدورة الثانية، شريطة حضور ثلثي الأعضاء.

وآنذاك كان «حزب الله» يقود فعلياً الصوت المعارض في لبنان والمؤيد لسورية، علماً أنه في حينه كان هناك 68 مقعداً للأكثرية و59 مقعداً للمعارضة.

ووقتها، استثمرت الدوحة علاقاتها مع «حزب الله» من أجل استضافة حوار بين الفرقاء اللبنانيين في 18 مايو 2008.

وتعود قصة هذا التدخل القطري المعاكس لمصلحة لبنان إلى الفترة التي شهدت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري 2005.

وقتها انفتحت ساحة لبنان على مصراعيها للتدخلات الدولية، بحجة التحقيقات بشأن من يقف وراء الاغتيال من ناحية، أو لتهدئة الأمور بين الفرقاء في الحكومة والمعارضة من جهة أخرى.

وكان الجيش السوري لايزال موجوداً في لبنان الذي طالبه بالرحيل وترك لبنان يدير شؤونه بنفسه، إلا أن دمشق استقوت وقتها بـ«حزب الله» وأحزاب أخرى موالية لها ولإيران، ما فتح الباب لصراعات وتوترات وحوادث تفجير عانى منها لبنان بشكل مرير.

وفي حين كانت جامعة الدول العربية تسعى لوضع حد لهذا البركان الذي زلزل لبنان، تسربت قطر من الصف العربي لتنضم إلى صف إيران و«حزب الله» وسورية، وتعمل ضد لبنان في الخفاء.


قطر في لبنان.. موّلت اجتياح «حزب الله» لبيروت وأسقطت حكومتين

تعزز الوجود القطري في لبنان بعد حرب يوليو 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل، عبر إعلان الدوحة أنها تقف إلى صف ما كان يوصف بـ«المقاومة»، في إشارة إلى «حزب الله». وقد موّلت قطر اجتياح «حزب الله» لبيروت، وأسقطت حكومتين في لبنان.

وقدمت قطر وقتها سلاح المال لتقوية «حزب الله» عبر مشاركتها في تمويل مشروعات إعادة إعمار جنوب لبنان (مناطق نفوذ الحزب).

تويتر