قرقاش: الدوحة تنشد رضا واشنطن وودّ طهران ولن يغطيها إعلام مـدفوع الثمن
أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، أمس، أن انتهازية الدوحة باتت مكشوفة، وأن قطر تتخبط في تناقضاتها، ناشدة تارة رضا واشنطن، وطوراً ود إيران، كما أكد أن الإعلام مدفوع الثمن الذي يبرِّر صمت الدوحة وتعاطفها مع طهران لن يغطيها، وذلك بعد أن وافقت الحكومة الإيرانية، التي يتزعمها الملالي، على فتح مكتب لوكالة أنباء إيران (إرنا) في العاصمة القطرية الدوحة، خلال اجتماع للحكومة الإيرانية برئاسة الرئيس حسن روحاني، حسب ما ذكرت الوكالة.
قرقاش أكد أن إعلام قطر التابع يبرِّر صمت الدوحة وتعاطفها مع إيران. مجيد رفيع زاده: التملق القطري لتركيا وإيران في هذه الأزمة، سيؤدي بالدوحة حتماً إلى زيادة المسافة بينها وبين الولايات المتحدة وأوروبا، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي. حسن هنيزاد: في المستقبل القريب، ستنسحب قطر من دول مجلس التعاون الخليجي، وتتجه لتشكيل تحالف جديد، سيضم إيران التي يتزعمها المرشد علي خامنئي، وبشار الأسد. |
وفي التفاصيل، قال قرقاش، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «مجدداً تتخبط الدوحة في تناقضاتها، تنشد رضا واشنطن وودّ طهران، حالة الاضطراب لن يغطيها إعلام مدفوع الثمن يهاجم جيرانها، الانتهازية أصبحت مكشوفة».
وقال قرقاش في تغريدة ثانية إن «إعلام قطر التابع يروج لتقاطع مصالح الرباعية مع إسرائيل في دعم الموقف الأميركي بشأن إيران، والحقيقة أنه يبرِّر صمت الدوحة وتعاطفها مع طهران».
وكان قرقاش أكد، في تغريدات سابقة له قبل أيام، أن إنفاق المال القطري على كل مرتزق مستمر، وأن تغيير التوجه الداعم للتطرف والإرهاب وتقويض أمن الجار، سيبقى الأساس من أجل الخروج من الأزمة.
كما كان وزير الدولة أعلن، في التاسع من أكتوبر الجاري، أن قطر قد فشلت في فكّ أزمتها عبر الإعلام والتدويل، داعياً إياها إلى أن تطرق باب الرياض وستجد الحل، مشيراً إلى أنه «لا يجب أن يتسبب عناد فرد وإرثه الملتبس في هذا الانهيار»، بحسب تعبيره.
يذكر أن قرقاش كان لفت مراراً إلى أن أهل قطر يرفضون هذا التقارب المعلن بين طهران والدوحة، ودعا قطر إلى تعديل سياساتها مع جيرانها، والتوجه إلى الرياض لحل الأزمة.
وتأتي تغريدات قرقاش في وقت وافقت فيه الحكومة الإيرانية على فتح مكتب لوكالة أنباء إيران (إرنا) في العاصمة القطرية الدوحة، خلال اجتماع للحكومة الإيرانية برئاسة الرئيس روحاني، حيث يأتي القرار كحلقة جديدة في سلسلة موالاة النظام القطري لملالي إيران، ومساعي الأخير لاستغلال أزمة قطر منذ قرار الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب مقاطعة الدوحة، رداً على استمراره في دعم الإرهاب والجماعات المتطرفة.
ووجد الإعلام الإيراني ضالته وموطئ قدم في الدوحة، يمكنه من نشر الأكاذيب وقلب الحقائق بالتعاون مع قناة «الجزيرة» بوق نظام «الحمدين»؛ للتضليل في تناغم بين محوري الشر، قادهما إلى إطلاق هجمة مسعورة على مجلس التعاون الخليجي، الذي خرقت الدوحة نظامه الأساسي، بعد مخالفتها للمنطلقات والأهداف التي تأسس عليها المجلس، المكون من: السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان.
وفي أغسطس الماضي، أعادت قطر سفيرها إلى طهران، رغم أن الدول الأربع طالبت قطر، ضمن مطالب أخرى، بتخفيض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إيران لإعادة العلاقات معها.
تقارب في النهج والتفكير بين نظام الملالي والحمدين، بشأن مجلس التعاون، تزامن أيضاً، مع عودة السفير القطري إلى طهران، في خطوة تؤكد بالدليل الدامغ خيانة الدوحة للأشقاء وتآمرها عليهم.
وحول الخطوات الأخرى التي تعتزم قطر اتخاذها للتقارب أكثر مع إيران، قال الخبير الإيراني، حسن هنيزاد، في تصريحات سابقة لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إن «الدوحة (ظلت) لمدة ست سنوات إلى جانب تركيا والمملكة العربية السعودية في ما يخص الأزمة السورية، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار التدهور الحاد الأخير في العلاقات بين قطر والسعودية، يمكننا القول إن قطر تحتاج إلى دعم إيراني، وأعتقد أنه في المستقبل القريب ستنسحب قطر من دول مجلس التعاون الخليجي، وتتجه لتشكيل تحالف جديد».
وعن طبيعة التحالف الجديد، رأى أنه سيضم كلاً من: إيران التي يتزعمها المرشد علي خامنئي، وبشار الأسد الحليف الرئيس لطهران، وتميم بن حمد أمير قطر.
التعنت القطري والخروج عن الصف الخليجي والعربي، يأتيان في إطار تخبط موقف وتحالفات نظام «الحمدين» في مجال السياسة الخارجية، في الوقت الذي تستمر فيه المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية، التي تفرضها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب منذ 5 يونيو الماضي على الدوحة؛ لدعمها الإرهاب والجماعات المتطرفة.
وفي وقت سابق، حذر الباحث الأميركي مجيد رفيع زاده القيادة القطرية من أن انتهاج سياسة التحدي والعناد سوف يجرها إلى مستنقع خطير يُعرّض مصالحها الوطنية للخطر، ويفاقم الضرر الذي أصاب علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع جيرانها، مشيراً إلى أن الدوحة لن تنجو من ذلك بتملق تركيا وإيران، ولكن بالتقارب مع جيرانها وحلفائها القدامى.
وقال زاده، وهو من أصل إيراني ويرأس المجلس الأميركي الدولي حول الشرق الأوسط وعضو المجلس الاستشاري لجامعة «هارفارد»، إن «قطر تظهر تحدياً كبيراً في مواجهة المقاطعة، التي فرضتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين».
وفي مقال نشره موقع بيزنس إنسايدر الأميركي، أشار زاده إلى أن «الدوحة أعلنت عن إقامة روابط أوثق مع تركيا وإيران، وفتحت ميناءً جديداً، واستوردت طائرة ممتلئة بالأبقار لإطلاق صناعة الألبان الخاصة بها».
واعتبر أن هناك سببين رئيسين لموقف قطر: الأول هو الحصول على الدعم المحلي لموقفها وقيادتها، والثاني هو إثناء الرباعي عن مواصلة المقاطعة، بأن تجعل الأمر يبدو كأن الدوحة ليست بحاجة إلى أو لديها رغبة في الاستسلام.
واستدرك بالقول: «لكن الواقع هو أن تأثير مقاطعة مجلس التعاون الخليجي في اقتصاد قطر كان كبيراً. والآن بعد أن وردت أولى دفعات البيانات الاقتصادية ذات المغزى، من الواضح أن الوضع في الدوحة آخذ في التدهور، ومن المحتمل أن يزداد الوضع سوءاً».
وأشار إلى أن «الدولة الغنية بالغاز حرقت 38.5 مليار دولار من احتياطياتها المالية الضخمة في شهري يونيو ويوليو الماضيين، كما قدرت وكالة موديز للتصنيف الأسبوع الفائت، أي ما يعادل 23٪ من الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المتوقع أن ينمو أقل بنسبة الثلث العام المقبل».
الموقع اعتبر أن «هذا الإنفاق الحكومي الطارئ سوف يتصاعد، مع تغيير مؤسسات فيتش، وموديز، وستاندرد آند بورز، نظراتها إلى قطر من مستقر إلى سلبي»، مشيراً إلى أن صندوق النقد الدولي أصدر تحذيرات إلى الدوحة، حول توقعاته طويلة الأجل.
وأضاف: «سوق الأوراق المالية القطري كان يتراجع دائماً في بداية هذه الأزمة، لكن ينبغي أن يكون الأمر مقلقاً بالنسبة للدوحة أنه فشل في التعافي، حيث فقدت البورصة 15٪ من قيمتها السوقية خلال الـ100 يوم الأخيرة، لتصل إلى أدنى مستوى لها في 52 شهراً هذا الأسبوع، وتخسر عشرات المليارات من قيمتها».
ونوه المقال بأن «الشركات القطرية ومؤسسات الدولة تحركت بسرعة لبيع الأصول غير الضرورية، وشملت عمليات البيع الضخمة الغريبة بيع حصة أسهم بقيمة 417 مليون دولار في شركة تيفاني للمجوهرات، وأسهم في مورجان ستانلي بقيمة 417 مليون دولار.
وقد فاجأت عملية الاستغناء القطريين، الذين يخبرهم قادتهم بأنه لن تكون هناك عواقب مالية أو اقتصادية من المقاطعة. لكنهم لاحظوا أن تضخم أسعار المواد الغذائية والمشروبات اقترب من 5٪ منذ يونيو». ورأى أن «المشكلة التي تواجه قطر ليست الاضطرار إلى إعادة معايرة شبكة استيرادها، ولكن المشكلة أن حليفيها الجديدين (تركيا وإيران)، لا يقدمان شيئاً مثل ما كان يقدمه حلفاؤها القدامى (الخليج)، من حيث الاستثمار والفرص التجارية».
ورجح أنه «من خلال تملق تركيا وإيران في هذه الأزمة، ستؤدي الدوحة حتماً إلى زيادة المسافة بينها وبين الولايات المتحدة وأوروبا وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، وهؤلاء هم أعظم حلفائها وشركائها التجاريين الذين تصدهم، وفي الوقت نفسه تعاني قطر بشدة».
وتوقع أن «تعزل قطر نفسها أكثر فأكثر»، ليزيد تأثر القطاع المصرفي، حيث أظهر النصف الأول من عام 2017 انخفاضاً في أرباح قطاع الخدمات المالية في قطر بنسبة 14.2٪، مقارنة بالنصف الأول من عام 2016، ولا يمثل ذلك سوى شهر واحد من الأزمة.
ومضى قائلاً: «الخسارة النسبية للتجارة القطرية في اقتصاداتها لا تكاد تُذكر، مقارنة بفقدان النفوذ والاستثمار والثقة، الذي ستعانيه قطر بخسارة جميع أقرب شركائها التجاريين بدرجات متفاوتة».