ترامب يعترف بالقدس عاصمـــة لإسرائيل.. ويقرر نقل السفارة إليها
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أنه «آن الأوان للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل»، وقرر نقل السفارة إليها في تحدٍّ للدول العربية والغربية، التي كانت قد حذرت من خطورة هذه الخطوة، وأضاف ترامب أن قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل «تأخر كثيراً»، فيما دعت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لاجتماعين طارئين، لبحث وتنسيق الردود المناسبة على قرار ترامب.
وفي التفاصيل، أشار ترامب إلى أن «العديد من الرؤساء قالوا إنهم يريدون القيام بشيء، ولم يفعلوا»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن حل مشكلاتنا باتباع الأخطاء نفسها في الاستراتيجيات السابقة».
وأضاف ترامب «نحن اليوم نعترف بالواقع، بأن القدس هي عاصمة إسرائيل»، معتبراً أن هذا القرار «تأخر كثيراً».
وشدد ترامب على أن بلاده «ملتزمة بالتوسط لتحقيق اتفاق سلام، يصب في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين»، وأن هذا القرار لا يمس الوضع النهائي للتسوية بين الطرفين، لافتاً إلى أنه يدعم حل الدولتين، في حال اتفق الطرفان.
وتابع «هذا القرار لا يهدف إلى الابتعاد عن الالتزام الكامل بتسهيل اتفاق سلام مستدام، نريده أن يكون رائعاً للإسرائيليين والفلسطينيين. هذا لا علاقة له بالوضع النهائي بشأن الحدود المتنازع عليها أو الاتفاق النهائي بين الطرفين».
وطالب الرئيس الأميركي وزارة الخارجية بالاستعداد لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وإطلاق عملية توظيف لمهندسين ومتعاقدين لبناء السفارة.
ودعا ترامب إلى «الهدوء» و«التسامح»، بعد أن أعلن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيراً إلى أن نائبه مايك بنس سيتوجه إلى الشرق الأوسط «خلال الأيام القليلة المقبلة». وقال «اليوم ندعو إلى الهدوء وإلى الاعتدال، ولكي تعلو أصوات التسامح على أصوات الكراهية».
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أن وزارة الخارجية ستبدأ فوراً في تطبيق قرار ترامب نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس.
ويكون ترامب بذلك تجاهل كل التحذيرات الدولية والعربية، من مغبة اتخاذ هذا القرار وتداعياته المحتملة على المنطقة.
ونصحت برقية بعثتها وزارة الخارجية الأميركية لكل بعثاتها الدبلوماسية في أنحاء العالم، أمس، كل المسؤولين بتأجيل أي سفر غير ضروري إلى إسرائيل والقدس والضفة، حتى 20 ديسمبر الجاري.
فلسطينياً، قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إنه يندد باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ويرفضه، وأكد أن القرار الأميركي لن يغير من واقع أن القدس «عاصمة دولة فلسطين الأبدية».
وأضاف أن الإجراءات المستنكرة تشكل تقويضاً متعمداً لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، وتمثل إعلاناً بانسحاب واشنطن من الدور الذي كانت تلعبه، خلال العقود الماضية، في رعاية عملية السلام.
وأعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل «يدمر» أي فرصة لحل الدولتين.
وقال عريقات للصحافيين بعد خطاب ترامب: «للأسف، قام الرئيس ترامب بتدمير أي إمكانية لحل الدولتين. أعتقد أن الرئيس ترامب هذه الليلة أبعد الولايات المتحدة عن القيام بأي دور في أي عملية سلام».
وقال السياسي الفلسطيني، محمد دحلان، إنه ينبغي للفلسطينيين رفض أي محادثات سلام في المستقبل، وتعليق التنسيق الأمني مع إسرائيل، بعد قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس.
ودعا دحلان، في تغريدة على «تويتر»، إلى الانسحاب من المفاوضات بعد انتهاك مبدأ وضع القدس. كما دعا إلى إنهاء كل أشكال التنسيق، خصوصاً التنسيق الأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وأدان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، قرار ترامب، وقال في بيان إن «قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، لن يغير حقائق التاريخ والجغرافيا». وأضاف أن «الشعب الفلسطيني يعرف كيف يرد بشكل مناسب، إزاء المساس بمشاعره ومواقعه المقدسة».
وقال القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان، لصحافيين، إن القرار من شأنه أن «يفتح أبواب جهنم على المصالح الأميركية في المنطقة»، داعياً الحكومات العربية والإسلامية إلى «قطع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الإدارة الاميركية، وطرد السفراء الأميركيين لإفشاله».
وكانت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية أعلنت، أمس واليوم وغداً، أيام غضب شعبي. ودعت القوى إلى مسيرة مركزية، اليوم، في مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
عربياً، قالت وزارة الخارجية المصرية إن مصر تستنكر إعلان ترامب، وترفض أية آثار مترتبة عليه. وأضافت في بيان «أكدت مصر أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفاً لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها واقعة تحت الاحتلال وعدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة».
وذكرت الوزارة أن القرار ستكون له «تأثيرات سلبية للغاية» في عملية السلام.
واعتبر الأردن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل خرقاً للشرعية الدولية والميثاق الأممي.
دولياً، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إعلان ترامب، وأكد أنه «لا بديل عن حل الدولتين، واعتبار القدس عاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين».
وأضاف غوتيريش أن القدس هي أحد ملفات مفاوضات الوضع النهائي، وأن القرار الأميركي يهدد السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تصريح من الجزائر على الفور عن أسفه، داعياً إلى «تجنب العنف بأي ثمن». وشدد على «تمسك فرنسا وأوروبا بحل الدولتين إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، ضمن حدود معترف بها دولياً، ومع القدس عاصمة للدولتين».
وانتقدت تركيا القرار، وأكدت الخارجية التركية أن قرار ترامب «غير مسؤول، وغير قانوني».
وأعلنت باكستان، ثانية كبرى الدول المسلمة، وحليفة الولايات المتحدة منذ أكثر من نصف قرن، معارضتها التامة لهذه الخطوة، معربة عن قلقها من هذه الخطوة.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، من أن هذه الخطوة تشكل «استفزازاً غير مبرر لمشاعر» العرب.
وتستعد جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لعقد اجتماعات طارئة لبحث التحركات، رداً على قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
ويعقد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، اجتماعاً غير اعتيادي، بعد غدٍ السبت، بناء على طلب من فلسطين والأردن.
وذكرت مذكرة لمندوبية دولة فلسطين أن الاجتماع سيناقش «بحث التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير في الموقف الأميركي، الذي يمس مكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي».
من جانبها، ستعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعاً في إسطنبول الأربعاء المقبل. وقال المتحدث باسم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إبراهيم كالين، إن الهدف من الاجتماع هو «تنسيق الرد» على قرار الولايات المتحدة بشأن القدس.