عباس: القدس عصية على أية محاولة لاغتيال هويتها أو تزويـر تاريخها
أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، في كلمة أمام الجلسة الطارئة للبرلمان العربي، أن مدينة القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية، وأنها عصية على أية محاولة لاغتيال هويتها أو تزوير تاريخها. في وقت أكدت الشعبة البرلمانية الإماراتية خلال مشاركتها في الجلسة، أن الاعتراف الأميركي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل يهدد السلم والأمن الدوليين.
وقال عباس في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي في افتتاح الجلسة الطارئة للبرلمان العربي في القاهرة، إن مدينة القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية، وإنها عصية على أية محاولة لاغتيال هويتها أو تزوير تاريخها.
واعتبر خلال الجلسة التي عقدت لبحث تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، اعتداء سافراً على الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية للشعب الفلسطيني، واستهدافاً لتطلعاته المشروعة لنيل حريته واستقلاله وعلى حقوق المسيحيين والمسلمين في العالم أجمع، وأنه يقوض بشكل متعمد جهود تحقيق السلام ويعزز التطرف، ويكرس مواصلة الإجراءات العنصرية والاستعمارية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يهدد الاستقرار والأمن الدوليين.
وقال إن هذا الإعلان الخطر، الذي يرمي إلى تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس، لاغٍ وباطل ولا يتسم بأي شرعية بوصفه انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة ولقرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحدياً للإرادة والإجماع الدولي ويجب إلغاؤه فوراً.
وأضاف أن الإعلان عن رفض القرار أو اعتباره باطلاً ولاغياً لا يكفي، فيجب مواجهة سياسة التهويد والحرب المعلنة على الوجود الفلسطيني، أي أن ضرورة إفشال القرار تتطلب خطوات جريئة تنطلق من تحديد مصلحة القدس فوق كل مصلحة، وتتطلب آلية مقاومة مدينة مرتبطة بالأرض وصمود سكانها لتصل إلى كل أصقاع العالم.
من جهته، دعا رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهد السلمي الأمم المتحدة لقيادة عملية السلام كطرف محايد ونزيه، وتطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وتحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية القدس وصون مقدساتها، وإفشال أية تحركات فردية أو أحادية، بعد أن خرجت الولايات المتحدة الأميركية عن حيادها ونزاهتها كوسيط لعملية السلام.
واعتبر السلمي أن القرار الأميركي يعد تحدياً صارخاً لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، ويستفز مشاعر العرب والمسلمين وأحرار العالم.
ويبحث البرلمان مشروع خطة عمل تحرك البرلمان العربي للتصدي لقرار الإدارة الأميركية، والدعوة لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها مدينة القدس الشرقية.
في السياق، أكدت الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي خلال مشاركتها في الجلسة الطارئة للبرلمان العربي، أن هذا القرار وهذه الخطوة الأميركية تهدد السلم والأمن الدوليين من منطلق أن القدس لا تخص العرب فقط وإنما تخص العالم الإسلامي بأسره، ولا يمكن أن تستأثر بها إسرائيل بزيفها وادعاءاتها، الأمر الذي قد ينجم عنه صراع عنيف بين حضارات العالم الأساسية.
وأشارت الشعبة إلى أن القرار يمثل تحدياً صارخاً لأسس ومبادئ القانون الدولي التي تعتبر كل الإجراءات والقوانين لدولة الاحتلال التي من شأنها تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس الشرقية ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديموغرافية لاغية وباطلة، كما أنه يناقض قرارات مجلس الأمن الدولي التي أكدت عدم المساس بوضعية القدس.
وأضاف وفد الشعبة في كلمة ألقاها عضو المجلس الوطني الاتحادي جاسم النقبي، ممثلاً عنها خلال أعمال الجلسة الطارئة، أنه كان من الضروري أن نجتمع كممثلين للشعوب العربية، للتعبير عن نبض الشارع العربي الذي يستهجن هذه الخطوة الأميركية التي من شأنها طمس هوية القدس الإسلامية والعربية مما يخالف كل الأعراف والشرائع الدولية التي أكدت هوية القدس الإسلامية والعربية.
وأشار إلى أن مثل هذا القرار سيزيد من وطأة الفتن وعدم الاستقرار في المنطقة، وقد يكون مبرراً قوياً للجماعات الإرهابية في نشر المزيد من الأفكار المتطرفة، ما يؤثر في استقرار وأمن وسلام دول المنطقة ومن ثم في السلم والأمن الدوليين.
ودعا إلى ضرورة عقد جلسة مشتركة طارئة مع اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث إن قرار الولايات المتحدة الأميركية سيؤدي إلى تهويد القدس والمسجد الأقصى، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة في إشعال حرب دينية مستعرة في ظل ما تتمتع به القدس من مكانة دينية مرموقة لأكثر من مليار و700 مليون مسلم في العالم، مشيراً إلى أن المسجد الأقصى في القدس هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين. كما دعا إلى تشكيل وفود من البرلمان العربي لزيارة البرلمان الأوروبي والبرلمان الإفريقي وبرلمان أميركا اللاتينية، لشرح تداعيات هذا القرار وأثره في مستقبل السلام والأمن في المنطقة والتنسيق مع هذه البرلمانات الإقليمية للتقصي عن استهجانهم ورفضهم للقرار الأميركي، وإبلاغ الكونغرس والإدارة الأميركية بذلك.
إلى ذلك، تواصلت الاحتجاجات أمس، في العالمين العربي والإسلامي لليوم الخامس على التوالي، بعد قرار ترامب الأسبوع الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما تستمر تبعاته الدبلوماسية من بروكسل الى القاهرة مروراً بأنقرة.
وخرجت تظاهرات في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أربعة أيام من المواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية.
وفي القدس الشرقية المحتلة، تم تنظيم تظاهرة أمام «البيت الأميركي» وهو مركز ثقافي تابع للقنصلية الأميركية.
كما خرجت تظاهرة في الضاحية الجنوبية لبيروت تنديداً بالقرار الأميركي.
وفي بروكسل، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن الاعتراف الأميركي بالقدس «يجعل السلام ممكناً» في الشرق الأوسط.
وقال نتنياهو الذي كان إلى جانب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن «القدس عاصمة إسرائيل ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، هذا يجعل السلام ممكناً لأن الاعتراف بالواقع هو جوهر السلام».
وكررت موغيريني موقف الاتحاد الأوروبي الداعم لدولتين اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنباً الى جنب، عاصمتهما القدس.
وقالت موغيريني «كشركاء وأصدقاء لإسرائيل، نعتقد أن المصالح الأمنية لإسرائيل تقتضي ايجاد حل قابل للاستمرار وشامل» للنزاع بين إسرائيل وفلسطين.
بينما أصرت إدارة ترامب على أن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل سيدعم السلام، وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، إن الخطوة «ستدفع السلام الى الأمام».
في المقابل، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، أن القرار الأميركي يمكن ان يعيق الجهود الأميركية من أجل السلام في الشرق الأوسط.
كما رفض مسؤولون عديدون من بينهم عباس لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، خلال جولته المقررة في أواسط ديسمبر، وستشمل اسرائيل والضفة الغربية ومصر.