«بروباغندا» تركية لتوسيع الوجود العسكري في قطر
حاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أخيراً، تفعيل بروباغندا جديدة لتلميع صورته، وتبرير أفعاله المشبوهة التي باتت تواجه كثيراً من المعارضة الداخلية، خصوصاً في ما يتعلق بالأزمة القطرية التي استغلها أردوغان، السلطان التركي، أبشع الاستغلال لتمرير مشروعه العثماني التوسعي، من دون أي اعتبار لأمن واستقرار دول المنطقة، حيث وصل به الأمر إلى أن يحرج حليفته قطر بادعاء نشرته بعض الصحف التركية، ومنها «ديلي صباح» و«يني شفق» و«يارتسيك حياة»، الأسبوع الماضي، نقلاً عن الكاتب التركي محمد أجيت، أن «القوات التركية تمكنت من إحباط محاولة انقلاب ضد النظام القطري، وأن نحو ٢٠٠ جندي تركي تلقوا أمراً، في يونيو الماضي، بحماية مقر إقامة أمير قطر شخصياً».
هناك معارضة شديدة لسياسات أردوغان العسكرية في التوسع العسكري بالمنطقة، وإقحام البلاد في صراعات إقليمية ستقود إلى استفحال المشكلات الداخلية وعزلة تركيا إقليمياً ودولياً. |
وفي هذا السياق، يقول «مركز المزماة للدراسات والبحوث»، في تقرير له حول بروباغندا أردوغان الجديدة، إن بعض الصحف ابتعدت كثيراً عن المهنية والموضوعية، وزجت باسم السعودية والإمارات في خبرها الملفق، الذي كان أول من كذّبه النظام القطري نفسه، حيث نفت السفارة القطرية في تركيا كل ما تم تداوله في الصحف ووسائل الإعلام التركية عن إحباط محاولة انقلاب بمساعدة القوات التركية، وقالت إن تلك التقارير تحتوي على الكثير من الادعاءات العارية عن الصحة جملةً وتفصيلاً، داعية وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والعودة إلى المصادر الأساسية الرسمية للأخبار قبل نشرها، الأمر الذي يتطلب وضع إشارات استفهام عدة أمام هذا الخبر التركي والنفي القطري.
وأوضح المركز إن الهدف الأردوغاني من نشر هكذا دعاية إعلامية، هو إيجاد ذريعة أمام الرأي العام الداخلي والإقليمي لإرسال دفعة جديدة من القوات التركية لقطر، لاسيما أن هناك معارضة شديدة لسياسات أردوغان العسكرية في التوسع العسكري بالمنطقة، وإقحام البلاد في صراعات إقليمية ستقود إلى استفحال المشكلات الداخلية وعزلة تركيا إقليمياً ودولياً، ويريد منها أيضاً التغطية على نياته العسكرية الحقيقية من السيطرة على جزيرة سواكن السودانية، التي جاءت لأغراض عسكرية بهدف دعم أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبقية الدول الإفريقية.
وأكد المركز أن السعودية بدورها قامت أيضاً بالتعليق على الخبر ورفضت، في بيان صادر عن سفارتها في أنقرة، تلك الاتهامات الباطلة، واستنكرت الزج باسمها في مثل تلك الادعاءات، لاسيما أن قطر بنفسها كذبت الخبر ونفته جملة وتفصيلاً.
وأوضح التقرير أن الكاتب التركي، المعروف بصلاته مع المسؤولين الأتراك، أصر على روايته التي حصل عليها من مصدر عسكري رفيع المستوى رغم التكذيب القطري، ما يدل على أن اختلافات بدأت تلوح في أفق تلك التحالفات الباطلة، فقبل أيام قليلة صدرت اتهامات من مسؤول إيراني رفيع المستوى لقطر بأنها تدعم الإرهاب، واليوم نجد اشتباكاً بين الحلفاء، وبداية لانحلال أواصر تلك الصداقة، وكأن واقع الحال يقول لقطر ليس لكِ ملاذ إلا العودة إلى حضنك العربي ولو بعد حين، ولاسيما أن إيران تشهد احتجاجات واسعة أشغلت وستشغل النظام الإيراني وحرسه الثوري عن دعم النظام القطري.
وأكد المركز في تقريره أن العلاقات مع الدول الحالمة بالتوسع والأنظمة القائمة على الفكر الاستعماري، لا تدوم إلا بمقدار ما يخدم مصالح تلك الدول.
كما أكد أنه من السذاجة التصديق أن إيران، الدولة الداعمة للإرهاب حيثما وجد، وذات العداء الشديد للدول العربية السنية، قد قامت بدعم قطر في أزمتها مع دول الرباعي العربي لأهداف إنسانية أو بصدق نية، وبغض النظر عن المصالح الاقتصادية التي قام كثير من المسؤولين الإيرانيين بالتعويل عليها، والأحلام التي رسموها عن ارتفاع التبادل التجاري بين إيران وقطر بعد مقاطعتها من جيرانها الخليجيين منذ الأيام الأولى للأزمة، فإن أهداف الحرس الثوري في التغلغل في خاصرة الخليج العربي هي الأهم، بالإضافة إلى أطماع أردوغان التي لم تعد خافية على أحد في استعادة الإمبراطورية العثمانية التي اندثرت منذ زمن طويل، فيرسل المزيد من القوات العسكرية إلى قطر ثم يستدعي قائد القوات القطرية إلى السودان لبحث تمويل عسكري سوداني - تركي، ويزداد تغلغله في إفريقيا والبحر الأحمر بجوار السعودية، على حساب الكرامة القطرية التي يبدو أنها اليوم تحت رحمة القرار التركي بما أنها تحت حمايته أمنياً.
واختتم المركز تقريره بالقول «إن المتابع للشأن القطري اليوم يرى بوضوح أن خيارات الدوحة تتجه إلى الأسوأ وبسرعة كبيرة، ما بين بوادر سقوط نظام الحمدين الذي بات وشيكاً، والانهيار المريع الذي ينتظر الاقتصاد القطري، أو الانصياع لأوامر الدول الاستعمارية التي لجأت إليها قطر في أزمتها بدلاً من الإسراع بالعودة إلى الحضن العربي، والتوقف عن دعم الإرهاب هنا وهناك، فاليوم كذّبت قطر خبر محاولة الانقلاب، ولا نعلم غداً ما الفضائح التي سينشرها أردوغان ولا يجد النظام القطري مهرباً منها ولا وسيلة لتكذيبها.