معارك عنيفة عند أطراف الغوطة الشرقية لدمشق
شهدت أطراف الغوطة الشرقية قرب دمشق، أمس، اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة، فيما طالب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فصائل المعارضة بالعمل على إنجاح الهدنة في الغوطة، مؤكداً في الوقت نفسه أن بلاده ستواصل دعم النظام السوري، «للقضاء على التهديد الإرهابي».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن اشتباكات عنيفة اندلعت عند أطراف الغوطة الشرقية، موضحاً أن قوات النظام، ووسط «قصف جوي ومدفعي عنيف على مناطق الاشتباك، حققت تقدماً محدوداً في منطقتي حوش الظواهرة والشيفونية، في شرق المنطقة المحاصرة».
في المقابل، شهدت مناطق أخرى في الغوطة الشرقية هدوءاً، خلال ساعات الليلة قبل الماضية، قبل أن يتجدد القصف الجوي صباح أمس، مستهدفاً مناطق عدة، بينها مدينة دوما، بحسب مراسل «فرانس برس»، والمرصد السوري.
إلا أن القصف الجوي والمدفعي توقف مع بدء سريان الهدنة، وفق المصدرين.
ومنذ بدء التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية في 18 فبراير الماضي، وثق المرصد مقتل نحو 590 مدنياً، ربعهم من الأطفال، ما أثار تنديدات واسعة من قبل المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية.
ورغم تبني مجلس الأمن الدولي، السبت الماضي، قراراً ينص على وقف شامل لإطلاق النار في سورية «دون تأخير»، أعلنت روسيا هدنة «إنسانية» يومية في الغوطة الشرقية، تستمر فقط بين الساعة التاسعة صباحاً والثانية من بعد الظهر.
ويُفترض أن تطبق الهدنة يومياً في التوقيت ذاته، على أن يُفتح خلالها «ممر إنساني» عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما، لخروج المدنيين.
وكان اليوم الأول من الهدنة شهد انتهاكات عدة، إذ قتل مدنيان جراء قصف لقوات النظام.
في المقابل، اتهم الإعلام السوري الرسمي الفصائل المعارضة باستهداف معبر الوافدين بالقذائف، الأمر الذي نفاه المتحدث العسكري باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، حمزة بيرقدار.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري، أمس، مجدداً بثاً مباشراً من معبر الوافدين، الذي بدا خالياً من حركة المدنيين سوى من بضع سيارات إسعاف، مجدداً اتهامه للفصائل المعارضة بمنع خروج المدنيين.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، إنجي صدقي: «من الصعب أن يستخدم أي مدني ممرات العبور، إذا لم تكن هناك ضمانات كافية»، مضيفة «أسرة مؤلفة من أم وأطفال لن تخاطر بحياتها، إذا لم تكن لديها ضمانات السلامة اللازمة».
وأضافت «هناك نوع من الخوف لدى المدنيين، بسبب عدم وجود توافق بين الأطراف».
واعتبرت صدقي أن الحل لا يقتصر على إخراج الحالات الحرجة من الغوطة الشرقية، «وإنما أيضاً بإدخال مساعدات طبية مناسبة، ليتم علاجهم في أماكنهم»، موضحة «للأسف خمس ساعات غير كافية لإيصال المساعدات، نحن نحتاج إلى ساعات طويلة من التحضير، والانتقال من نقطة إلى أخرى، وتفريغ المساعدات».
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت، في وقت سابق، السماح لها بالدخول إلى الغوطة الشرقية، للمساعدة في علاج الجرحى.
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن أكثر من 700 شخص، بحاجة إلى إخلاء طبي من الغوطة الشرقية.
وفي جنيف، أكد وزير الخارجية الروسي أن إنجاح «الهدنة الإنسانية» في الغوطة الشرقية، يقع على عاتق فصائل المعارضة السورية.
وقال أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «أعلنت روسيا، والحكومة السورية، إقامة ممرات إنسانية في الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى نقاط تفتيش أقيمت على أطراف المنطقة، التي تسيطر عليها المعارضة، والتي يمكن من خلالها خروج المدنيين.
وأضاف: «الدور الآن على المسلحين (من فصائل المعارضة)، والأطراف الراعية لهم للتحرك»، مشيراً إلى «المسلحين المتمركزين هناك (في الغوطة)، الذين يواصلون قصف دمشق، ومنع إيصال المساعدات، وإجلاء الراغبين في مغادرة» المنطقة.
وأصر على أن هدنة الخمس ساعات المعلنة ستكون مثمرة، «إذا سمحت العصابات التي تسيطر على الغوطة الشرقية بذلك».
كما قال لافروف، في مؤتمر لنزع الأسلحة نظمته الأمم المتحدة، إن سورية تخلصت من مخزون الأسلحة الكيماوية، ووضعت ترسانتها تحت الرقابة الدولية.
وأضاف أن واشنطن تستغل مزاعم كاذبة، باستخدام أسلحة كيماوية، لمهاجمة حكومة الأسد.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة، أمس، أن روسيا خرقت التزامها بضمان تدمير مخزون سورية من الأسلحة الكيماوية، ومنع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من استخدام الغاز السام.
وقال مبعوث الولايات المتحدة لشؤون نزع الأسلحة، روبرت وود، للصحافيين في جنيف، قبل وقت قصير من إلقاء لافروف كلمته، إن سورية تنتهك معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، التي وقعت عليها في 2013، وإن موسكو «تنتهك بوضوح» التزامها، بأن تكون «ضامناً» لتصرفات دمشق.