«جيش الإسلام» اضطر للتراجع بعد اتّباع دمشق سياسة «الأرض المحروقة»
حركة نزوح واسعة مع سيطرة النظام على 25% من الغوطة الشـرقية
سيطرت قوات النظام السوري، أمس، على أكثر من 25% من الغوطة الشرقية المحاصرة، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، إثر تقدم سريع من الجبهة الشرقية بالتزامن مع قصف عنيف دفع مئات المدنيين إلى النزوح إلى مناطق سيطرة الفصائل، فيما أكد «جيش الإسلام» أنه اضطر للتراجع في الغوطة الشرقية «بعد اتّباع النظام سياسة الأرض المحروقة».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام تقدمت من الجهة الشرقية ووصلت إلى وسط الغوطة الشرقية، وهي تبعد حالياً نحو ثلاثة كيلومترات عن دوما، أبرز مدن هذه المنطقة المحاصرة. وأوضح أن «التقدم السريع يعود إلى كون العمليات العسكرية تجري بشكل أساسي في مناطق زراعية، فضلاً عن التمهيد الجوي العنيف».
وأكد أن قوات النظام سيطرت على أكثر من 25% من الغوطة الشرقية.
ومنذ 18 فبراير الماضي، بدأت قوات النظام السوري حملة قصف عنيف على الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة ضد دمشق، ما أسفر عن مقتل أكثر من 650 مدنياً وإصابة أكثر من 3600 آخرين بجروح، وفق حصيلة للمرصد.
وتُعد الغوطة الشرقية إحدى بوابات دمشق، وطالما شكلت هدفاً للجيش السوري الذي يفرض عليها حصاراً منذ عام 2013.
وبالتزامن مع القصف، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة ازدادت حدتها تدريجياً، خصوصاً في شرق وجنوب شرق الغوطة الشرقية.
وفي أول تعليق رسمي لقوات النظام، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات الجيش تقدمت على أكثر من اتجاه وطهّرت العديد من المزارع والبلدات باتجاه حرستا (غرب) ودوما».
وخلال اليومين الماضيين، وفق المصدر، قام الجيش السوري «بتوجيه ضربات بالنار والقوات على مقرات ومناطق وجود الارهابيين فى الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى استعادة السيطرة على بلدات وقرى، بينها أوتايا والنشابية وحزرما في شرق وجنوب شرق الغوطة.
وتواصل قوات النظام تقدمها، حيث باتت في «وسط الغوطة الشرقية»، وفق مدير المرصد الذي أوضح أنها وصلت إلى أطراف بلدتي بيت سوى والأشعري.
وتبلغ المساحة التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في الغوطة نحو 100 كيلومتر مربع، وتشكل نحو ثلث المساحة الكلية للغوطة الشرقية.
ووثق المرصد منذ 25 فبراير مقتل 76 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و43 مقاتلاً من «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية.
بدوره، قال «جيش الإسلام» إنه اضطر للتراجع في الغوطة الشرقية «بعد اتّباع النظام سياسة الأرض المحروقة».
وأكد أنه تمت «إعادة الصفوف وترتيبها وتحصين المواقع من جديد لمواجهة» القوات الحكومية في الغوطة الشرقية.
ويأتي تقدم الجيش السوري بالتزامن مع هدنة أعلنت عنها روسيا، وتسري منذ الثلاثاء، يومياً بين التاسعة صباحاً والثانية بعد الظهر. ويُفتح خلالها «ممر إنساني» عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.
وتراجعت وتيرة القصف منذ بدء الهدنة، لكنه لم يتوقف، خصوصاً خارج أوقات سريانها. كما لم يُسجل خروج أي مدني عبر المعبر، وفق المرصد.
وأوضح عبدالرحمن أن «القصف الجوي يتركز على مناطق تسعى قوات النظام للتقدم فيها، مثل بلدتي بيت سوى ومسرابا»، مشيراً إلى أنها «الاستراتيجية ذاتها التي جرى اتباعها في البلدات الأخرى مثل الشيفونية التي طال الدمار نحو 80% منها».
وفي بلدة بيت سوى، شاهد مراسل «فرانس برس» مئات الأشخاص من رجال ونساء وأطفال ينزحون من منازلهم. وسار هؤلاء بين ركام الأبنية المتناثر في الشوارع، واستقل بعضهم دراجات نارية، ومنهم من وضع حاجياته على شاحنات، في حين لم يجد اخرون سوى عربات لنقل حاجياتهم.
وأفاد عبدالرحمن بنزوح أكثر من 2000 شخص من مناطق في الغوطة الشرقية باتجاه بلدات لاتزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وقدّر أن ما بين 300 و400 أسرة فرّت.
من جهته، قال تلفزيون «أورينت»، الذي يدعم المعارضة، إن تقدم القوات الموالية للحكومة تسبب في حركة نزوح واسعة.
وأفاد شاهد بأن الآلاف يفرون ويسعون للاحتماء في مناطق بعيداً عن خطوط القتال.
وقال (أبوخليل - 35 عاماً) الذي فرّ من بيت سوى مع عائلته: «الناس جميعاً في الطرقات وكأنه يوم الحشر». وحمل (أبوخليل) طفلته المصابة في وجهها وقد ملأه الغبار الناتج عن قصف استهدف مبنى كان يؤوي 14 فرداً من عائلته.
وأضاف «أنقذنا الله من تحت الردم، وأخرجنا الدفاع المدني، هناك عائلات كثيرة بقيت تحت الردم».
وفي دوما، أبرز مدن الغوطة الشرقية، التي لجأ إليها نازحون من مسرابا القريبة، قال (بشير - 25 عاماً): «الملاجئ لم تعد تتسع، لا يمكنها ان تسع الناس الذين نزحوا من مساحات شاسعة سيطر عليها النظام، بل أحرقها لتصبح غير مؤهلة للسكن».
وأعرب عن خشيته «من كارثة إنسانية مع تقدم قوات النظام».
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سورية، بانوس مومسيس، إن العنف تصاعد في الغوطة الشرقية، وأشار إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين في إطلاق قذائف مورتر على دمشق.
وأضاف في بيان: «بدلاً من توقف مطلوب بشدة مازلنا نرى المزيد من القتال والمزيد من الموت والمزيد من التقارير المزعجة عن الجوع وقصف المستشفيات. إن هذا العقاب الجماعي للمدنيين غير مقبول بالمرّة».
وأبلغ مسؤول بالأمم المتحدة في سورية، بأن قافلة إغاثة لم تدخل الغوطة الشرقية، أمس، كما كان مقرراً، مرجعاً ذلك إلى عدم سماح السلطات السورية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news