دمشق وموسكو تنذران مقاتلي المعارضة في القلمون
وجّهت دمشق وموسكو، أمس، إنذاراً لفصائل المعارضة في منطقة القلمون الشرقي شمال شرق دمشق، إما بقبول حكم الدولة أو الرحيل، في وقت غادرت دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين مدينة دوما، في استكمال لعملية الإجلاء من هذا الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، تنفيذاً لاتفاق أعلنته روسيا.
الإنذار الموجّه لفصائل القلمون تسلّمه مدنيون خلال اجتماع مع كولونيل روسي وضابط من المخابرات السورية. |
وقال المتحدث باسم جماعة «الشهيد أحمد العبدو»، سعيد سيف لـ«رويترز»، إن مقاتلي المعارضة السوريين في منطقة القلمون المحاصرة، شمال شرق دمشق، تلقوا إنذاراً إما بقبول حكم الدولة أو الرحيل.
وأضاف أن الإنذار الموجّه لفصائل المعارضة في القلمون الشرقي، تسلمه مدنيون من المنطقة خلال اجتماع مع كولونيل روسي وضابط من المخابرات الجوية السورية، وأوضح أن المدنيين الذين التقوا بضباط روس وسوريين عبّروا عن قلقهم من أن يجعل الخروج مقاتلي المعارضة معرضين لهجمات متشددين من «جبهة النصرة» أو تنظيم «داعش».
وتبعد المنطقة عن دمشق مسافة 40 كيلومتراً وهي منفصلة عن الغوطة الشرقية الملاصقة تماماً للعاصمة.
وتسعى الحكومة السورية لسحق الجيوب القليلة المتبقية في أيدي المعارضة قرب المدن الرئيسة في غرب البلاد.
ويضم جيب المعارضة في القلمون الشرقي بلدات عدة ومساحة واسعة من الأراضي الجبلية القاحلة.
وقال سيف في تصريحات منفصلة لتلفزيون «الحدث»: «رسالة واضحة أرسلت إلى فصائل الجيش الحر في المنطقة، إما تسليم السلاح للحكومة السورية كما يسميها الروس، أو مغادرة القلمون الشرقي».
وأكد أن مقاتلي المعارضة قدموا اقتراحاً ينسحبون بمقتضاه إلى الجبال، على أن يبقى المدنيون، مضيفاً أنهم ينتظرون رد روسيا. وقال إن الهدف هو تجنب «التهجير القسري» للناس مثلما حدث في مناطق أخرى استعادتها القوات الحكومية.
من ناحية أخرى، غادرت دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين مدينة دوما في استكمال لعملية الإجلاء من آخر معقل للمعارضة في الغوطة الشرقية.
وأعلنت روسيا، مساء، التوصل إلى اتفاق «مبدئي على انسحاب مقاتلي جيش الإسلام» من مدينة دوما، تم بموجبه إجلاء أكثر من 1100 شخص، أول من أمس، إلى شمال سورية، فيما تباطأت العملية، أمس، جراء «خلافات» بين قياديي «جيش الإسلام»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر عسكري سوري.
ومنذ إعلان موسكو عن الاتفاق لم يصدر عن «جيش الإسلام»، الذي يضم نحو 10 آلاف مقاتل، أي تأكيد رسمي بشأنه، فيما يمتنع المتحدثون باسمه عن التعليق على أسئلة الصحافيين المباشرة وعبر قنواته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وينص الاتفاق، وفق ما نشر الإعلام السوري الرسمي، على «خروج الإرهابيين من دوما» إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، و«تسوية أوضاع المتبقين، وعودة جميع مؤسسات الدولة، وتسليم الإرهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة».
ونقل التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل، أمس، «دخول أكثر من 20 حافلة باتجاه نقطة تجهيز وتجميع إرهابيي جيش الإسلام وعائلاتهم، تمهيداً لخروجهم عبر ممر الوافدين إلى جرابلس».
وفي وقت لاحق أفاد التلفزيون السوري عن خروج حافلتين فقط من دوما، فيما كانت عشرات الحافلات الفارغة متوقفة على الطريق الدولي عند أطراف دمشق وفق «فرانس برس». وأفاد مصدر عسكري سوري «فرانس برس» باستكمال «الإجراءات اللوجستية» لاستئناف إخراج دفعة جديدة، لكنه أشار إلى «خلاف داخل صفوف جيش الإسلام في ما يتعلق بخروجهم»، مضيفاً أن عملية الخروج «متوقفة على حسم الخلاف» بينهم.
وتحدث المرصد السوري عن خلافات داخل الفصيل المعارض بين قياديين موافقين على الاتفاق وآخرين متشددين رافضين له.
وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس» إن التباين في وجهات النظر أدى إلى «فرملة» عملية الإجلاء، موضحاً أن «الجناح المتشدد في جيش الإسلام مازال على موقفه الرافض لاتفاق الإجلاء».
وإثر هجوم جوي عنيف، بدأته في 18 فبراير، ترافق لاحقاً مع عملية برية، وتسبب في مقتل أكثر من 1600 مدني، ضيّقت القوات الحكومية تدريجياً الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب.
وبعدما ازداد الضغط عليها، وافق فصيلا «حركة أحرار الشام» و«فيلق الرحمن» على إجلاء مقاتليهما بموجب اتفاق مع روسيا. وجرى خلال 11 يوماً إجلاء أكثر من 46 ألف شخص من مقاتلين ومدنيين إلى شمال غرب سورية. وبات الجيش السوري يسيطر حالياً على 95% من مساحة الغوطة الشرقية.
وعززت القوات الحكومية انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع المفاوضات، تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع فصيل «جيش الإسلام».
وتعرض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.
وأوردت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات في عددها، أمس، أنه «مع الإعلان عن بدء إخراج ميليشيا جيش الإسلام، تغلق دمشق أحد أخطر بوابات الإرهاب عليها».