واشنطن وباريس ولندن تؤكد نجاح الضربات في تحجيم قدرة الأسد الكيماوية
شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أمس، ضربات عسكرية على أهداف للنظام السوري، رداً على هجوم كيماوي، اتهمت دمشق بتنفيذه في دوما قرب دمشق، فيما أكدت واشنطن وباريس ولندن نجاح الضربات في تحجيم قدرة الرئيس السوري بشار الأسد على شن هجمات كيماوية، وبينما اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن «المهمة أُنجزت»، دان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العملية العسكرية، واعتبرها «عملاً عدوانياً».
وشنّت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أمس، ضربات منسّقة في سورية ضد نظام الأسد، بعد أسبوع على هجوم كيماوي نُسب إلى تلك القوات في السابع من أبريل على مدينة دوما، التي كانت لاتزال خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة.
وفي الوقت الذي كان الرئيس الأميركي يعلن من البيت الأبيض أن العملية جارية، كانت تتردد أصوات انفجارات متتالية في العاصمة السورية.
وأفاد شهود بأن الانفجارات استمرت لنحو 45 دقيقة في دمشق ومحيطها.
وقال الرئيس الأميركي في خطاب توجه به إلى الأمة من البيت الأبيض «أمرت القوات الأميركية المسلحة بتنفيذ ضربات محددة على أهداف مرتبطة بقدرات الدكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيماوية»، موضحاً أن العملية مشتركة بين بلاده وفرنسا وبريطانيا.
واعتبر ترامب لاحقاً أن «المهمة أُنجزت»، وكتب على موقع «تويتر»، أمس، «ضربة منفذة بشكل مثالي الليلة الماضية. شكراً لفرنسا والمملكة المتحدة على حكمتهما وقوة جيشهما».
وأضاف «ما كان من الممكن تحقيق نتيجة أفضل. المهمة أُنجزت».
وأعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال جو دانفورد، أن القوات الأميركية والفرنسية والبريطانية، قصفت ثلاثة أهداف تتعلق ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري، أحدها قرب دمشق، والاثنان الآخران في حمص في وسط سورية.
وأوضح أن حلفاء الولايات المتحدة حرصوا على عدم استهداف القوات الروسية المنتشرة في سورية، وهو ما أكدته موسكو.
وأضاف دانفورد أن لا خطط في الوقت الحالي لشن عملية عسكرية أخرى. بدوره قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، «من الواضح أن نظام الأسد لم يتلق الرسالة العام الماضي»، في إشارة إلى الضربة الأميركية التي نفذت في أبريل 2017 على قاعدة الشعيرات العسكرية في وسط سورية، رداً على هجوم كيماوي اتهم النظام السوري به في شمال غرب البلاد.
وأضاف «هذه المرة، ضربنا مع حلفائنا بشكل أقوى. وجهنا رسالة واضحة إلى الأسد ومعاونيه: يجب ألا يرتكبوا هجوماً آخر بالأسلحة الكيماوية، لأنهم سيحاسبون».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن العملية العسكرية الأميركية البريطانية الفرنسية المشتركة، ضد النظام السوري «ضربت كل الأهداف بنجاح»، في تناقض مع التصريحات الروسية، بأنه تم اعتراض عشرات الصواريخ.
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون دانا وايت، للصحافيين «نحن لا نسعى إلى نزاع في سورية، ولكننا لا يمكن أن نسمح بهذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي».
وصرّح الجنرال كينيث ماكنزي في المؤتمر الصحافي بأن العملية كانت «دقيقة وشاملة وفعالة»، مضيفاً أنها ستعيد برنامج النظام الكيماوي للنظام السوري سنوات «إلى الوراء».
وأوضح ماكنزي أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أطلقت ما مجموعه 105 صواريخ، و«نحن واثقون بأن كل صواريخنا بلغت أهدافها»، نافياً بذلك إعلان موسكو انه تم اعتراض 71 من الصواريخ الغربية.
ولفت إلى أن الضربات في ذاتها استغرقت «دقيقة أو دقيقتين» مشيراً إلى أنظمة الدفاع الجوي الروسية لم تستخدم ضد القوات الغربية، فيما لم يلجأ النظام السوري إلى دفاعاته، إلا بعد انتهاء الضربات.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مراكز الأبحاث والمقار العسكرية التي طالتها الضربات الغربية كانت خالية تماماً إلا من بضع عناصر حراسة، جراء تدابير احترازية اتخذها الجيش السوري مسبقاً. وقلّلت المعارضة كذلك من أهمية الضربات، في وقت اعتبرها فصيل «جيش الإسلام» المعارض، الذي كانت مدينة دوما تعد معقله الأبرز قرب دمشق، «مهزلة».
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، كذلك أن «جزءاً كبيراً من الترسانة الكيماوية»، التابعة للنظام السوري «تم تدميره» في الضربات، وقال إن بلاده تملك «معلومات موثوقة» عن تورط «القوات المسلحة» السورية في الهجوم الكيماوي على دوما، بينما قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن الهجمات تعد بمثابة «رسالة واضحة» ضد استخدام الأسلحة الكيماوية. وقالت في بيان «لم يكن هناك بديل عن استخدام القوة لمنع النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية».
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الضربات الفرنسية «تقتصر على قدرات النظام السوري في إنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية».
وقال في بيان «لا يمكننا التساهل مع الاعتياد على استخدام الأسلحة الكيماوية».
في المقابل، أعلنت موسكو أن أنظمة الدفاع الجوي السوري اعترضت 71 صاروخاً خلال الهجوم الذي أكد الجيش الروسي أنه لم يسفر عن سقوط أي ضحايا مدنيين أو عسكريين.
ودان الرئيس الروسي «بأقصى درجات الحزم» الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وحليفتاها فرنسا وبريطانيا.
وقال في بيان نشره الكرملين إن الضربات الغربية نُفذت «من دون موافقة مجلس الأمن الدولي، وهي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، ومعايير ومبادئ القانون الدولي»، وتشكل «عملاً عدوانياً ضد دولة سيادية تقف في طليعة (الدول) المكافحة للإرهاب». وأفاد الجيش الروسي أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أطلقت بالإجمال 103 صواريخ عابرة، منها صواريخ توماهوك، وان الدفاع الجوي السوري المزوّد بمنظومات سوفييتية الصنع اعترض 71 منها.
واعتبر الرئيس السوري، بشار الأسد، أن الضربات الغربية ستزيد تصميم بلاده على «محاربة الإرهاب».
كما أعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن تأييده للضربة. واعتبر الأمين العام للمجلس، الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، في بيان، أن الضربة الصاروخية رسالة مباشرة للنظام السوري، بأن دول العالم لن تتهاون أو تسكت تجاه مواصلته استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين السوريين، وانتهاكاته المستمرة للقوانين الدولية.
وأكد ضرورة وقف جرائم الحرب التي ترتكب في سورية، وإنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق، داعياً الأمم المتحدة إلى الدفع بالعملية السياسية لإنهاء الأزمة السورية.
وأعربت السعودية عن تأييدها الكامل للعمليات العسكرية، التي جاءت رداً على استمرار النظام السوري في استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، ضد المدنيين الأبرياء.
وندّدت كل من إيران والعراق كذلك بالضربات، فيما أعربت الصين عن معارضتها لـ«استخدام القوة» في سورية. ودعا الأردن إلى حل «سياسي» للأزمة السورية. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، كل الدول الأعضاء إلى «ضبط النفس»، والامتناع عن كل عمل من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد.