«الوزاري العربي» يقرّر خطة لمواجهة قرار أي دولة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
كلف مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الأمانة العامة للجامعة بإعداد خطة متكاملة تشمل الوسائل والطرق المناسبة التي يمكن استخدامها لمواجهة قرار الولايات المتحدة الأميركية أو أي دولة أخرى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل «القوة القائمة بالاحتلال» أو نقل سفارتها إليها، بما في ذلك الوسائل والطرق السياسية والقانونية والاقتصادية، وتعميم هذه الخطة على الدول الأعضاء في غضون أسبوعين من تاريخ صدور هذا القرار لاعتمادها والعمل بمقتضاها، وذلك في ختام اجتماعه أمس، حيث ترأس وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور محمد قرقاش، وفد
قرقاش يدعو إلى تحقيق دولي.. وتدخل أممي عاجل لحماية الشعب الفلسطيني. |
الدولة المشارك فى أعمال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب. وجددت السعودية رفضها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، معتبرة أن الإجراء مخالف للقرارات الدولية والقانون الدولي، وفيما طالبت الجامعة العربية بـ«تحقيق دولي ذي صدقية في جرائم الاحتلال» الإسرائيلي في غزة، اقترحت فلسطين استدعاء السفراء العرب في واشنطن للتشاور رداً على قيام الولايات المتحدة بنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس.
وتفصيلاً جاء ذلك في قرار أصدره المجلس مساء أمس، تحت عنوان «مواجهة قيام الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة، وتطورات الأوضاع وإدانة الجرائم التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين»، وذلك في ختام أعمال دورته غير العادية على مستوى وزراء الخارجية العرب التي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية برئاسة السعودية.
كما كلف وزراء الخارجية العرب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتحرك الفوري لتشكيل لجنة دولية مستقلة من الخبراء للتحقيق في الجرائم والمجازر التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المتظاهرين في قطاع غزة.
وأعاد مجلس وزراء الخارجية العرب التأكيد على رفض وإدانة قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، واعتباره قراراً باطلاً ولاغياً ومطالبتها بالتراجع عنه.
واعتبر نقل الولايات المتحدة الأميركية سفارتها إلى مدينة القدس سابقة خطيرة تخرق الإجماع الدولي حول القدس المحتلة ووضعها القانوني والتاريخي القائم، وتشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتهدد السلم والأمن الدوليين.
وقال وزراء الخارجية العرب، إن «نقل السفارة الأميركية إلى القدس في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني إمعان في العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني، واستفزاز لمشاعر الأمة العربية والإسلامية والمسيحية، وزيادة في توتير وتأجيج الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم».
ودان الوزراء إقدام جواتيمالا على نقل سفارتها إلى مدينة القدس، وإعلان اعتزام الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات المناسبة السياسية والاقتصادية إزاء تلك الخطوة.
كما دان وزراء الخارجية العرب إعلان عدد من الدول نيتها نقل سفارتها إلى القدس، وتكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بتقديم توصيات بخصوص التعامل مع تلك الدول، سواء من خلال التواصل معها لحثها على الإحجام عن مثل تلك الخطوة غير القانونية والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أو من خلال النظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حالة إقدامها على نقل سفاراتها.
وأعاد وزراء الخارجية العرب التأكيد على اعتراف الدول العربية بالقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدين دعم قرارات القيادة الفلسطينية دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني على مختلف الصعد ورداً على نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشريف بما فيها الانضمام إلى المعاهدات والمنظمات الدولية، وإحالة الجرائم الإسرائيلية إلى المحاكم والآليات الدولية المناسبة بما يشمل ملف الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي.
وطالب وزراء الخارجية العرب المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن بمتابعة تنفيذ قراراته والتزام الدول بها، والطلب من جميع الدول الالتزام بقراري مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة على أساس «الاتحاد من أجل السلم» رقم 2017 .
ودعا وزراء الخارجية العرب جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس عملاً بقرار مجلس الأمن 478 لعام 1980 .
ووجه الوزراء الشكر للدول والمنظمات التي اتخذت مواقف رافضة للقرار الأميركي بخصوص القدس، وداعمة للسلام العادل والشامل الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التزاماً بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
ودان الوزراء مشاركة بعض الدول في فعاليات نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس الشريف، واعتبار مثل هذه المشاركات تشجيعاً للأعمال غير القانونية على المستوى الدولي.
وقدم وزراء الخارجية العرب تحية إكبار وإجلال للنضال البطولي للشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام دفاعاً عن أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية وحقوقه غير القابلة للتصرف ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياسته وممارساته.
ودان مجلس وزراء الخارجية العرب الجرائم الإسرائيلية الممنهجة واسعة النطاق التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني المدنيين العزل، والتي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، هذه الجرائم التي كان آخرها الاعتداء الوحشي على المتظاهرين الفلسطينيين السلميين الذين خرجوا في مسيرات سلمية بالتزامن مع ذكرى النكبة واحتجاجاً على نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس.
وطالب وزراء الخارجية العرب مجلس الأمن والجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان باتخاذ الإجراءات اللازمة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في أحداث غزة الأخيرة، والعمل على تمكين هذه اللجنة من فتح تحقيق ميداني محدد بإطار زمني وضمان إنفاذ آلية واضحة لمساءلة ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجريمة.
كما طالب الوزراء المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لضمان حماية دولية للمدنيين الفلسطينيين من جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومطالبة مجلس الأمن بإنفاذ قراراته ذات الصلة لحماية المدنيين، لاسيما القرار 904 لعام 1994 والقرار 605 لعام 1987، والقاضية بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل.
ودعا وزراء الخارجية العرب الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة إلى تحمل مسؤولياتها وكفالة احترام وإنفاذ الاتفاقية في أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وقرّر وزراء الخارجية العرب تقديم الدعم والتقدير للجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الكويت العضو العربي في مجلس الأمن لمتابعة تطورات القضية الفلسطينية، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأعاد وزراء الخارجية العرب تأكيد تمسكهم بالسلام كخيار استراتيجي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002 بجميع عناصرها، التي نصت على أن السلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها يجب أن يسبقه إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واعترافها بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، ورفض أي صفقة أو مبادرة لحل الصراع لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام.
ودان وزراء الخارجية العرب بشدة الاقتحامات الإسرائيلية المتوالية والمتكررة للمسجد الأقصى المبارك، والسماح للمستوطنين تحت حراسة قوات الأمن الإسرائيلية بالدخول إلى باحة المسجد الأقصى وتلاوة صلوات تلمودية فيه، واعتبار ذلك عملاً استفزازياً من شأنه تأجيج المشاعر ودفع الأمور إلى العنف ومطالبة المجتمع الدولي بأثره لضمان حرية الوصول للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس، واعتبار ذلك حقاً من حقوق الإنسان وإدانة القرارات الإسرائيلية بمنع المقدسيين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.
وفي الجلسة الافتتاحية للاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، استنكر عادل الجبير وزير خارجية السعودية - الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للقمة العربية - الانحياز الأميركي لإسرائيل.
وحذر الجبير خلال الاجتماع من التداعيات الخطيرة التي تترتب على هذا القرار، خصوصاً أنه يمثل استفزازاً لمشاعر المسلمين، مؤكداً رفض المملكة العربية السعودية للقرار الأميركي.
وأكد أن السعودية لن تتوانى عن دعم الفلسطينيين، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصولاً إلى تحقيق الشعب الفلسطيني لمطالبه وحقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
بدوره، دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور محمد قرقاش، إلى تحقيق دولي بشأن مجزرة غزة، مضيفاً: «سنطلب تدخلاً أممياً عاجلاً لحماية الفلسطينيين».
من جانبه، دان الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط نقل السفارة، مشدداً على أن الخطوة الأميركية مرفوضة وتدخل المنطقة في حالة توتر. وقال أبوالغيط «نطالب بتحقيق دولي ذي صدقية في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، مشيراً إلى مقتل قرابة 60 فلسطينياً على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة هذا الأسبوع».
من جهته، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن الموقف الأميركي يعطي غطاء لإسرائيل لمواصلة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني. ودعا إلى حماية دولية للشعب الفلسطيني والتحقيق في الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وإلى تحرك عربي فاعل لمواجهة تداعيات نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
واقترح وزير الخارجية الفلسطيني، أن تستدعي الدول العربية سفراءها لدى واشنطن للتشاور رداً على قيام الولايات المتحدة بنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس.
وفي كلمته شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أيضاً على عدم شرعية نقل السفارة الأميركية. وقال «استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو أصل الأزمة برمتها.. إنهاء هذا الاحتلال هو الطريق الوحيد لطي هذه الصفحة الحزينة من تاريخ منطقتنا».
وأضاف «نقل أي سفارة للقدس المحتلة سيظل إجراء باطلاً لا محل له في القانون الدولي.. لا ينشئ حقوقاً قانونية ولا يسقط حقوق الشعب الفلسطيني».