وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يتحدث في مؤتمر صحافي بعد تسليم الملف إلى «الجنائية». إي.بي.إيه

فلسطين تحيل ملف الاستيطان إلى «الــجنائية الدولية».. وإسرائيل تشكك في السند القانـوني

في خطوة غير مسبوقة، سلمت السلطة الفلسطينية، أمس، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، رسمياً، طلب إحالة ملف الاستيطان الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية، فيما شككت تل أبيب في السند القانوني للخطوة.

وتفصيلاً، أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن الوزير رياض المالكي قدم، أمس، إلى المحكمة الجنائية الدولية طلباً للتحقيق في الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وجاء تسليم الطلب خلال لقاء جمع المالكي مع المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، في مدينة لاهاي الهولندية، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».

وذكرت الوكالة أن طلب الإحالة القانونية يتضمن «الجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، والتي وقعت في الماضي، والحاضر، وأية جرائم تقع في المستقبل، خصوصاً تلك المرتبطة بمنظومة الاستيطان الإسرائيلية غير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية».

وطالب المالكي المحكمة الجنائية «بتحمل واجباتها تجاه العدالة والمساءلة، باعتبارها الجهة المختصة بالتحقيق في الجرائم المستمرة والمرتبطة بنظام الاستيطان، وملاحقة المجرمين المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم».

وذكر المالكي أن الشكوى تطالب بإجراء تحقيق في سياسات إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية منذ انضمام فلسطين إلى المحكمة الدولية في يونيو 2014، فيما تجري المحكمة تحقيقاً مبدئياً منذ 2015 في جرائم مفترضة في الأراضي الفلسطينية، منها الاستيطان الإسرائيلي.

وقال أيضاً إن ذلك يشمل سياسة الاستيطان الإسرائيلية ومجزرة غزة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 100 محتج فلسطيني عند الحدود.

ووصف المالكي طلب الإحالة بـ«الاختبار» المهم للمحكمة بالنسبة لمحاسبة المسؤولين عن ذلك.

ووفق بيان فلسطيني فإن «الإحالة» التي قدمها المالكي لادعاء المحكمة، تؤكد أن هناك أدلة دامغة كافية على التفويض بارتكاب جرائم مستمرة تتطلب تحقيقاً فورياً.

ورافقت الشرطة المالكي إلى مقر المحكمة، حيث التقاه مسؤولون عند الباب، ولم يدلِ المالكي بتصريحات.

ووقعت القيادة الفلسطينية، قبل أسبوع، عقب اجتماع لها برئاسة الرئيس محمود عباس على الانضمام لعدد من الوكالات الدولية المتخصصة، وإحالة ملف الاستيطان الإسرائيلي إلى محكمة الجنايات الدولية، رداً على نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل إلى القدس.

وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، قد أكد في بيان، أن التوجه الفلسطيني للمحكمة الجنائية «هو بسبب الجريمة الكبرى، المتمثلة في الاحتلال بغرض حماية الحقوق الفلسطينية من أجل تحقيق العدالة، وردع الاحتلال، ومساءلة مجرميه، ورفع الحصانة عنه، وعزله عن المنظومة القانونية والدولية والإنسانية».

وقال عريقات، الذي يترأس اللجنة الفلسطينية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، إن فلسطين «تقوم بواجبها الأصيل والمشروع في تكريس الحقوق التاريخية لشعبها، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره».

وأضاف أن «توظيف وسائل وأدوات الشرعية الدولية، لإحقاق هذه الحقوق ومواجهة الاحتلال من خلال اللجوء إلى الهيئات والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، للحصول على حماية القانون الدولي، بما ينسجم مع الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين».

وأضاف أن ذلك يأتي «في ضوء الحصانة، وغياب المساءلة الدولية لسياسات الاحتلال، وتمادي المستوى الإسرائيلي الرسمي باتخاذ قرارات سياسية مدروسة لإلغاء الوجود الفلسطيني، وإمعانه في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

من جانبها، شككت إسرائيل في السند القانوني لطلب قدمه الفلسطينيون للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات لحقوق الإنسان مرتبطة بسياسات الاستيطان.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان «الإحالة الفلسطينية محل الكلام ليس لها سند قانوني، والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني خارج دائرة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لأن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، ولأن السلطة الفلسطينية ليست دولة»، وفق «رويترز».

وجميع المستوطنات في الأراضي المحتلة تعتبر غير شرعية بنظر القانون الدولي، وهي العقبة الأساسية أمام تحقيق السلام.

ويزيد عدد المستوطنين على 600 ألف، بينهم 400 ألف في الضفة الغربية، والباقون في القدس الشرقية المحتلة. ويعد وجودهم مصدر احتكاك وتوتر مستمر مع 2.6 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين منذ 1967.

الأكثر مشاركة