انتهاء «مهلة إدلب».. والمنطقة العازلة «شبه خالية» من السلاح الثقيل
باتت المنطقة العازلة في محيط إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل، بعد إتمام الفصائل المعارضة سحب الجزء الأكبر منه، عشية انتهاء المهلة (اليوم الأربعاء) المحددة لذلك بموجب الاتفاق الروسي التركي. وفيما أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً يقضي بمنح عفو عام عن المنشقين والفارين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري، أعلن الأردن أنه سيعيد فتح المعبر الحدودي مع سورية «بعد الاتفاق على جميع الترتيبات اللازمة».
وتفصيلاً، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أمس، إن «المنطقة العازلة باتت شبه خالية من السلاح الثقيل عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك».
وأكد عبدالرحمن أنّ «أغلبية السلاح الثقيل في المنطقة العازلة قد تم سحبه عملياً»، ويتم التأكد من خلو المواقع المتبقية منه.
ورجّح عبدالرحمن أن تستكمل الهيئة سحب سلاحها من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، ليصبح الجزء الأول من الاتفاق نافذاً «بحكم الأمر الواقع».
وشدّد على أن «فصائل المعارضة كافة لا تستطيع أن تتحمل تبعات أي تصعيد قد ينتج عن عدم تطبيق بنود الاتفاق».
ويحدّد اتفاق أعلنته موسكو وأنقرة الشهر الماضي، اليوم الأربعاء، كمهلة أخيرة لإتمام الفصائل كافة سحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح، التي تشمل أطراف محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، على خطوط التماس مع قوات النظام.
وأنهت الفصائل المقربة من أنقرة الإثنين سحب أسلحتها الثقيلة كافة من هذه المنطقة، وفق ما أعلنت وكالة الأناضول التركية ومتحدث باسمها.
وحذت الفصائل المقاتلة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) حذو الفصائل المعارضة في بدء سحب السلاح بشكل غير علني في عملية بدأت قبل ثلاثة أيام وفق المرصد السوري.
وتشمل المنطقة المنزوعة السلاح، التي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً، أطراف محافظة إدلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
وتسحب الفصائل سلاحها الثقيل من مواقعها في المنطقة العازلة إلى مقرات تابعة لها على خطوط الجبهة الخلفية. ويؤكد متحدثون باسمها تلقيهم ضمانات عن توجه تركيا لتعزيز وجود قواتها على الجبهات الأمامية مع قوات النظام.
ولم تعلن هيئة تحرير الشام، التي تسيطر مع مجموعات متشددة أقل نفوذاً على نحو ثلثي المنطقة العازلة، أي موقف من الاتفاق الروسي التركي، الذي جنّب إدلب ومحيطها هجوماً واسعاً لوحت به دمشق على مدى أسابيع.
وقال مصدر محلي مقرب من هيئة تحرير الشام، إن «الجميع اضطر للموافقة على هذه المبادرة (الاتفاق) وعلى مضض، لكي ينعم الأهالي بشيء من الأمن والأمان بعدما عانوا ولسنوات طويلة من همجية النظام وحلفائه».
وبحسب المصدر المحلي المقرب من هيئة تحرير الشام، فإن سحب الهيئة وفصائل أخرى لسلاحها الثقيل يأتي بعد حصولهم على «تعهدات تركية بأنه ليس لدى روسيا أو النظام أو إيران نية بالانقلاب على الاتفاق، وبأن وجود القوات التركية ونقاطها سيحول دون أي عمل عسكري» ضد مناطق سيطرتها. وتراهن الفصائل على دور الضامن التركي في حماية مناطق سيطرتها، في وقت اعتبر رئيس النظام السوري، أن الاتفاق «إجراء مؤقت»، مؤكداً عزم قواته استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.
وأوردت وكالة الأناضول (الإثنين)، أن الجيش التركي نقل إلى المنطقة التي سُحبت منها الأسلحة الثقيلة، أسلحة وسيارات مصفحة تطبيقاً للاتفاق الذي ينص أيضاً على تسيير القوات التركية دوريات مع الشرطة الروسية.
وأبدت الفصائل المعارضة قبل أيام رفضها لهذا البند، وأكدت حصولها على ضمانات تركية بعدم دخول الشرطة الروسية الى مناطق سيطرتها، الأمر الذي لم تؤكده أنقرة وموسكو.
في الأثناء، أصدر رئيس النظام السوري أمس، عفواً عاماً عن الجنود الفارين من الجيش، لا يستفيد منه المتخلفون عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو «الفارون من العدالة»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأوردت «سانا» أن الأسد أصدر مرسوماً تشريعياً يقضي «بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي (داخل البلاد) والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية والمرتكبة قبل تاريخ 9 أكتوبر» الجاري.
ولا يشمل العفو «المتوارين عن الأنظار والفارين من وجه العدالة، إلا إذا سلموا أنفسهم خلال أربعة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي، وستة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي» من تاريخ صدور المرسوم.
ومنذ اندلاع النزاع في سورية منتصف مارس 2011، انشق عشرات الآلاف من الجنود عن الجيش والتحق بعضهم بصفوف الفصائل المقاتلة وهاجر آخرون.
ولا يوضح المرسوم ما إذا كان العفو يشمل من حمل السلاح ضد الجيش السوري.
وسبق للأسد أن أصدر مراسيم عفو عديدة مشابهة منذ بدء النزاع.
وخسر الجيش خلال سنوات الحرب وفق محللين، أكثر من نصف عديده الذي كان يبلغ 300 ألف، جراء مقتلهم أو إصاباتهم أو انشقاقهم أو سفرهم خارج البلاد.
وقال الأسد في مقابلة في ديسمبر 2016 تزامناً مع معارك مدينة حلب، إن الجيش تكبد «خسائر كبيرة في العتاد والأرواح»، مضيفاً «لدينا الكثير من الجرحى الذين خرجوا عن إطار العمل العسكري بسبب عدم قدرتهم الآن على القيام بمثل هذه الأعمال».
ويتخلف عشرات الآلاف من الشبان عن تأدية الخدمة الإلزامية، وغالباً ما تحثّ السلطات هؤلاء على الالتحاق بها، ويقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان أعداد المتخلفين بـ150 ألفاً على الأقل منذ اندلاع النزاع.
على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أمس، أن إعادة فتح معبر جابر- نصيب الحدودي الرئيس مع سورية المغلق منذ نحو ثلاث سنوات «ستتم بعد الاتفاق على جميع الترتيبات اللازمة».
وقال الصفدي في تصريحات للصحافيين عقب لقائه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، في عمان «بالنسبة لمعبر جابر- نصيب سبق أن قلنا بأننا نريد حدوداً مفتوحة (بين البلدين)، وقلنا بأن هناك محادثات فنية تجري، وأنه ستتم إعادة فتح الحدود عندما تنتهي اللجان الفنية من الاتفاق على جميع الترتيبات والإجراءات اللازمة، لضمان فتح الحدود وبما يخدم المصلحة المشتركة».
من جهته، قال باسيل مازحاً «تمنينا أن يفتح معبر نصيب بسرعة، لكي يتمكن أخوتنا الأردنيون من أكل التفاح اللبناني قريباً».
وأكدت وزارة النقل السورية في 29 سبتمبر الماضي «إنهاء الاستعدادات اللوجستية لإعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي مع الأردن في العاشر من الشهر المقبل، والبدء باستقبال حركة عبور الشاحنات والترانزيت».
وفي ما يتعلق باللاجئين السوريين على أراضي الدولتين، أكد الصفدي «نحن لن نجبر أحداً على العودة.. نحن نشجع العودة الطوعية للاجئين ونعمل على التوصل لحل سياسي للأزمة السورية يعيد لسورية أمنها واستقرارها».
وأضاف أنه «عندما يتحقق الحل السياسي وتستعيد سورية عافيتها ودورها بالتأكيد سيرغب كل سوري في أن يعود إلى بلده».
من جانبه، قال باسيل إن «عودة النازحين إلى وطنهم (سورية) هو أمر يجب أن يحصل بالتوازي مع الاستقرار، الاثنان يكملان بعضهما بعضاً، والاثنان يشجعان على الحل السياسي عكس ما يعتقده البعض أن ربط العودة بالحل السياسي».
وأضاف أنه «في النهاية السوريون مكانهم أن يعودوا إلى بلادهم، ونتأمل أن نعمل ما يلزم والتنسيق بيننا وبين الأردن يساعد أكثر في إفهام المجتمع الدولي وإسماع صوتنا بأن السوريين إن بقوا حيث هم فهم قنابل موقوتة، حيث هم وحيث ممكن أن ينتقلوا»، مشيراً إلى أن «المكان الواحد الذي يثبتهم هو عودتهم إلى أرضهم ووطنهم».
وزير الخارجية اللبناني: بقاء السوريين في الأردن أو لبنان يُشكل «قنابل موقوتة».