الحكومة الفرنسية تدرس إعلان حالة الطوارئ.. والاحتجاجات تتواصل
انتهى اجتماع خلية الأزمة التي شكّلتها الحكومة الفرنسية، إثر الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ أيام، من دون الإعلان عن أي نتائج، الأمر الذي يبقي الأزمة بين الحكومة والمحتجين معلقة، فيما بدأت الحكومة الفرنسية تدرس إعلان حالة الطوارئ في البلاد، للتصدي للاحتجاجات التي أسفرت منذ أسبوعين تقريباً عن اعتقال أكثر من 400 شخص، وإصابة أكثر من 130 آخرين.
وفي التفاصيل، انتهى اجتماع «خلية الأزمة» في الإليزيه من دون إعلان نتائج، فيما قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بنيامين جريفو، إن البلاد ستدرس فرض حالة الطوارئ، للحيلولة دون تكرار أسوأ أحداث شغب منذ سنوات، مشيراً إلى أنه رغم انفتاح الحكومة على الحوار، إلا أنها لن تحيد عن سياساتها.
ضم الاجتماع، الذي ترأسه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه الرئاسي بباريس، رئيس الوزراء، إدوار فيليب، ووزير الداخلية، كريستوف كاستان، ووزير البيئة، فرانسوا دي روغي، المسؤول عن النقل والطاقة.
واندلعت الاحتجاجات في البداية مدفوعة بزيادة الضريبة المفروضة على الوقود قبل أسبوعين، من أجل دفع الفرنسيين إلى بدائل أكثر حفاظاً على البيئة في ما يتعلق بوسائل التنقل.
وجابت مجموعات من الملثمين، أول من أمس، شوارع وسط العاصمة الفرنسية باريس، حيث أشعلوا النار في سيارات ومبان، ونهبوا متاجر وحطموا نوافذ، واشتبكوا مع الشرطة، في اضطرابات هي الأسوأ في العاصمة منذ عام 1968، وتمثل التحدي الأصعب الذي يواجهه ماكرون منذ توليه رئاسة البلاد قبل 18 شهراً.
وضمنت حركة «السترات الصفراء» التي تقود الاحتجاجات، مجموعة واسعة من المطالب المتعلقة بتكاليف المعيشة المرتفعة في فرنسا إلى مطالبها الحالية، ورفعت السقف بشكل أكبر.
وفي وقت مبكر أمس، زار ماكرون نصب قوس النصر التذكاري المتضرر، ثم التقى رجال الإطفاء والشرطة وأصحاب المطاعم في شارع قريب، حيث أحرق نشطاء حركة السترات الصفراء السيارات وحطموا النوافذ.
وأظهرت لقطات تلفزيونية الجزء الداخلي من القوس، حيث تحطم جزء من تمثال ماريان، وهو رمز للجمهورية الفرنسية، كما كتب المحتجون على القوس شعارات مناهضة للرأسمالية، ومطالب اجتماعية.
وكانت أعمال العنف التي وقعت، أول من أمس، أسوأ أعمال شغب تشهدها فرنسا منذ أكثر من عقد من الزمن، في وقت لايزال المحتجون مصرين على تحقيق مطالبهم، وسط عدم تجاوب الحكومة.
كما لم يستبعد وزير الداخلية، كريستوف كاستانير، إمكانية فرض حالة الطوارئ، تفادياً لأي أعمال عنف جديدة، السبت المقبل. وأعلن ماكرون، الليلة قبل الماضية، من بيونس آيرس أنه «لن يرضى أبداً بالعنف». وأكد أنّه «ليست هناك أيّ قضية تبرّر مهاجمة قوات الأمن ونهب محال تجارية، وتهديد مارة أو صحافيين، وتشويه قوس النصر».
وبعد أحداث أول من أمس، التي تخللتها أيضاً أعمال عنف ومواجهات في الضواحي، لمّح مسؤولون إلى أنه سيكون هناك تغيير أقله في الشكل، للعمل الحكومي.
وقال المسؤول الجديد عن حزب «الجمهورية إلى الأمام»، ستيفان غيريني، الذي انتخب أول من أمس، لصحيفة «لوباريزيان»: «أخطأنا بحيث ابتعدنا كثيراً عن واقع الفرنسيين».
وأقر كاستانير بأن الحكومة «أخطأت أحياناً في التواصل».
وأكد ماكرون، الذي بنى قسماً من سمعته السياسية على قدرته في تطبيق الإصلاحات، مجدداً أنه لن يتراجع خلافاً لأسلافه، كما قال.
وفي صفوف اليمين، دعا زعيم الجمهوريين، لوران فوكييه، مجدداً إلى استفتاء حول السياسة البيئية والضريبية لإيمانويل ماكرون. وطلبت مارين لوبن لقاء ماكرون مع زعماء الأحزاب السياسية المعارضة.
ولدى اليسار، طلب زعيم الحزب الاشتراكي، أوليفييه فور، تشكيل لجان حول القدرة الشرائية. وطلب السياسي بونوا أمون إطلاق حوار وطني مع «السترات الصفراء» والنقابات والمنظمات غير الحكومية، حول القدرة الشرائية وتوزيع الثروات، وعملية الانتقال البيئية.
أما زعيم حركة «فرنسا المتمردة»، جان لوك ميلانشون، فدعا إلى إعادة فرض الضريبة على الثروة، مشيداً بـ«تمرد المواطنين الذي يثير الخوف لدى ماكرون والأثرياء».
ووسط هذه المطالب التي وضع معظمها على الطاولة منذ أيام، لم تغير الحكومة حتى الآن موقفها.
وعندما كانت أولى المواجهات تدور على جادة الشانزليزيه، قال بنيامين جريفو، صباح أول من أمس، إنه لا تغيير في المواقف، مذكراً بخطوات المساعدة التي أعلنتها الحكومة في الأيام الأخيرة.
وأضاف «استمعت إلى الذين قالوا لي إنه لم يعد لديهم مال عند منتصف الشهر. لكننا نقوم بإصلاح البلاد خطوة بعد خطوة. نقوم بذلك بجدية، ولا نؤجل خياراتنا للأجيال المقبلة».
ماكرون أكد أنه ليست هناك أيّ قضية تبرّر مهاجمة الأمن ونهب المحال وتهديد مارة أو صحافيين، وتشويه قوس النصر.