احتجاجات السودان تمتد إلى دارفور والشرطة تردّ بالغاز المسيل للدموع
اتسعت رقعة الاحتجاجات المناهضة للحكومة السودانية، أمس، في أسبوع «انتفاضة المدن والقرى والأحياء» لتشمل دارفور، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في الإقليم المضطرب والخرطوم بحري حيث بدأت الاحتجاجات بـ«مسيرة الشهداء»، بعدما دعا المنظمون بتسييرها في أنحاء البلاد ضد الرئيس عمر البشير.
وتفصيلاً، اندلعت تظاهرات في دارفور هي الأولى التي يشهدها الإقليم بغرب البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 ديسمبر، إثر قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
وخرجت تظاهرات دارفور استجابة لدعوات أطلقها «تجمع المهنيين السودانيين» الذي نظم الاحتجاجات منذ اندلاعها.
وذكر شهود عيان أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
ويمزق العنف دارفور الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا، منذ 2003 عندما حملت أقليات عرقية متمردة السلاح في وجه الخرطوم، متهمة إياها بتهميشها اقتصادياً وسياسياً.
وفي العاصمة الخرطوم، قال شهود عيان إن متظاهرين يهتفون «سلمية سلمية» و«حرية، سلام، وعدالة، الثورة خيار الشعب» خرجوا إلى الشوارع في أحياء الخرطوم بحري قبل أن تسارع شرطة مكافحة الشغب لتفريقهم.
ورفع المتظاهرون في الخرطوم علم السودان، إلى جانب لافتات كتب عليها «سلام، عدالة، حرية»، وهو الشعار الذي استخدم مراراً في الاحتجاجات.
وقال شهود عيان إن عناصر الشرطة كانت تطارد المحتجين في شوارع وأزقة حي بحري في الخرطوم.
وأفاد أحد الشهود «إنها أشبه بلعبة القط والفأر».
وأوقفت الشرطة العديد من المتظاهرين، بحسب شهود، بينما انتشرت تسجيلات مصورة تظهر المسيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي وقت سابق، أعلن بيان مشترك لتجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية أخرى وتحالف نداء السودان وتحالف قوى الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي المعارض، إطلاق أسبوع انتفاضة المدن والقرى والأحياء يبدأ بـ«مسيرة الشهداء»، على أن تكون المحطة الوسطى في الخرطوم بحري نقطة البداية.
وتشير السلطات إلى أن 24 شخصاً على الأقل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات، بينما أفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بأن حصيلة القتلى بلغت 40 شخصاً بينهم أطفال وموظفون في قطاع الصحة.
ودعا المنظمون إلى تظاهرات في الخرطوم وغيرها من المدن بينها مدني وكوستي ودنقلا وبورتسودان، في إطار ما أطلقوا عليه «أسبوع الانتفاضة لإسقاط النظام». ودعوا إلى خروج تظاهرات في نيالا والفاشر في دارفور، هي الأولى التي تتم الدعوة إليها في الإقليم.
وقال بيان مشترك موجه لأهالي الفاشر ونيالا وصادر عن «تجمع المهنيين السودانيين» وتحالف من مجموعات المعارضة «ندعوكم إلى الاحتشاد في وسط كل من المدينتين للمشاركة في المسيرة المطالبة بتنحي البشير وإسقاط النظام».
وتشير المجموعات الحقوقية إلى أن السلطات السودانية أوقفت أكثر من 1000 شخص منذ اندلعت الاحتجاجات الشهر الماضي، بينهم قادة في المعارضة وناشطون وصحافيون إلى جانب متظاهرين.
وأثارت حملة السلطات الأمنية انتقادات بريطانيا وكندا والنرويج والولايات المتحدة، التي حذرت الخرطوم من «تداعيات» ما تقوم به على العلاقات مع حكوماتها.
ورغم أن رفع سعر الخبز كان السبب الرئيس للاحتجاجات، إلا أن السودان يواجه أزمة اقتصادية تفاقمت العام الماضي وسط نقص حاد في العملات الأجنبية.
واتهم البشير وغيره من المسؤولين السودانيين واشنطن بالتسبب في مشكلات البلاد الاقتصادية.
وفرضت واشنطن حظراً تجارياً على الخرطوم في 1997 لم يتم رفعه إلا في أكتوبر 2017. وفرضت قيوداً على السودان في مجال التجارة الدولية والتعاملات المالية.
وتصاعدت حدة أزمة النقد الأجنبي منذ انفصال جنوب السودان في 2011، الذي تسبب في تقلص عائدات النفط بشكل كبير.
لكن معارضي البشير يعتبرون أن سوء إدارة حكومته للقطاعات الأهم وإنفاقها أموالاً طائلة لمحاربة تمرد أقليات عرقية في منطقة دارفور، وفي المناطق القريبة من الحدود مع جنوب السودان، يتسببان في مشكلات اقتصادية منذ سنوات.
وكانت شخصيات سودانية أكاديمية وسياسية ونخبة من المثقفين والشخصيات القومية جدّدت مبادرتها للسلام والإصلاح لمعالجة الوضع الراهن.