مندوب السودان لدى الأمم المتحدة في جنيف: الاحتجاجات «مبررة» وهناك «خط أحمر»
اعتبر مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، مصطفى عثمان إسماعيل، أن الاحتجاجات الجارية في السودان «مبررة»، محذراً في الوقت ذاته مما اعتبره «خطاً أحمر»، قد يؤدي تجاوزه إلى تخريب البلاد، ودعت منظمة «كفاية» الأميركية إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تعليق مباحثات التطبيع مع حكومة الرئيس السوداني عمر البشير، وفرض عقوبات نوعية جديدة على رموزها المتورطين في قتل المتظاهرين.
وفي التفاصيل، قال إسماعيل، في تصريحات لموقع «سكاي نيوز عربية»، إن «الاحتجاجات التي حدثت في السودان، في الفترة الأخيرة، مبررة لأنها ضد أوضاع اقتصادية سيئة».
ولفت إلى وجود «ارتفاع في الأسعار وغلاء فاحش، وندرة في المواد الغذائية، وبطالة وسط عدد كبير من الشباب، لذلك كان من الطبيعي أن يخرج الشباب ليعبروا عن رفضهم».
لكن في الوقت ذاته، اعتبر إسماعيل أن تعامل الحكومة السودانية مع الاحتجاجات كان «جيداً»، قائلاً: «الجيد أن الحكومة اعترفت بذلك، ولم تكابر على الاحتجاجات، وأدركت أنه لابد من معالجة أسبابها».
وعبر إسماعيل عن اعتقاده أنه يتعين على الحكومة الدخول في حوار مع الشباب، لأن قطاعاً كبيراً منه «غير مسيس»، «لذلك فإنه إذا مضت الحكومة في طرح حوارات مع الشباب والاستماع إلى مطالبهم وتلبيتها، فأعتقد أن الأمور ستكون بخير».
وحذر المسؤول السوداني من ما اعتبره «خطاً أحمر»، وهو «الذهاب في طريق الخراب، مثلما حدث في تجارب ما يسمى (الربيع العربي)».
وقال إن الانتخابات الرئاسية ستجري العام المقبل «وإذا رأى الشباب أن الحكومة الحالية لا تلبي طموحاته، فيستطيع تغييرها عبر الانتخابات. المهم لا يتم تدمير البلد».
وأضاف: «يمكن أن تتغير الحكومة أو تستمر. لكن المهم استقرار البلد».
واندلعت التظاهرات في السودان ديسمبر الماضي، في أعقاب قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، ما أطلق موجة غضب، جراء تراجع الأوضاع المعيشية على مدى سنوات.
واعتبر الرئيس السوداني، عمر البشير، أن الأوضاع الاقتصادية أثارت الغضب في صفوف الشباب، الذين خرجوا في تظاهرات احتجاجية على الأوضاع المعيشية.
وقال إن الشباب «طموحاتهم أعلى من الواقع، إضافة إلى قلة الوظائف في القطاعين العام والخاص»، محملاً الولايات المتحدة مسؤولية المشكلات الاقتصادية التي تعانيها بلاده.
ورفعت واشنطن الحظر التجاري على السودان في أكتوبر 2017، بعد عقدين من العقوبات الاقتصادية الموجعة، إلا أن ذلك لم يساعد في إصلاح وضع البلاد المالي.
وكان البشير اتهم، أول من أمس، جهات لم يسمها بتمويل الحملة الإعلامية، المساندة للاحتجاجات التي اندلعت بمدن سودانية بمبالغ مالية كبيرة. وقال البشير إن من يقودون التظاهرات شخصيات غير معروفة، ولا أجسام لها.
وقطع البشير لدى مخاطبته، الليلة قبل الماضية، اجتماعات اللجنة التنسيقية العليا لأحزاب الحوار، وعوداً ببذل حكومته جهوداً لتعزيز الأمن والاستقرار بالبلاد.
وفي ما يتصل بالوضع الاقتصادي، أكد البشير ضرورة هيكلة الدعم على المحروقات والدقيق، وتوجيهه إلى الفئات الضعيفة كالفقراء والمساكين وأصحاب الدخل المحدود.
من جهة ثانية، أمر البشير بإطلاق سراح جميع الصحافيين، الذين اعتقلوا خلال حملة شنتها السلطات، منذ اندلاع الاحتجاجات.
والأسبوع الماضي، أصدر مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، صلاح قوش، قراراً بإطلاق سراح جميع المعتقلين، خلال التظاهرات المناهضة للحكومة، بحسب ما أكدت وزارة الإعلام السودانية.
يأتي ذلك في وقت دعت فيه منظمة «كفاية» الأميركية إدارة ترامب إلى تعليق مباحثات التطبيع مع حكومة البشير، وفرض عقوبات نوعية جديدة على رموزها المتورطين في قتل المتظاهرين، حيث أصدرت المنظمة بياناً، أول من أمس، أدانت خلاله العنف الدامي، الذي يمارسه النظام السوداني ضد المتظاهرين السلميين، وأعلنت دعمها لتطلعات السودانيين الذين «يتظاهرون ضد ثلاثة عقود من الفظائع الجماعية، والفساد المؤسسي».