الحزب الحاكم في الجزائر يحذّر من فراغ يؤدي إلى الفوضى
أعلن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر عن دعمه لـ«مسيرات الشعب»، محذّراً من أن أي فراغ في قيادة مؤسسات الدولة سيؤدي إلى الفوضى، في حين أعطى الجيش أقوى مؤشر على نأيه بنفسه عن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مشيداً بأهداف الشعب «النبيلة».
وفي التفاصيل، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مسؤول من الحزب الحاكم، قوله إن «الحزب يؤيد حركة الاحتجاج الشعبي تماماً». وأضاف المسؤول أنه لا بديل عن الحوار لحل الأزمة الراهنة.
وفي وقت سابق، أمس، ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالبلاد أعلن، أمس، دعمه التام للمحتجين، ما يمثل واحدة من أشد الضربات لبوتفليقة منذ بدء الاحتجاجات الحاشدة على حكمه قبل نحو شهر.
ودعا الحزب أيضاً إلى الحوار بعد اجتماع كبار القياديين.
وقال عضو حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، حسين خلدون، وهو عضو كبير في الحزب، إن أي فراغ في قيادة مؤسسات الدولة سيؤدي إلى الفوضى.
وأدلى بالتصريحات للإذاعة الرسمية، مضيفاً أن الحزب ينتظر تعليمات لاتخاذ القرار الصائب.
كما قال منسّق هيئة التسيير للحزب الحاكم، معاذ بوشارب، إن الحزب مع الشعب الذي هو مصدر السيادة في البلاد. وأشار بوشارب، خلال اجتماع المحافظين بالحزب، أمس، إلى أن «البعض يستهدف الأفلان (الحزب الحاكم)، ويحاول جعله الشماعة التي يعلّق عليها ما يحصل بالبلاد». ونوّه بـ«سلمية الحراك الشعبي في الجزائر»، مؤكداً أن حزب جبهة التحرير «لن يحيد عن الشعب، لأنه منه».
وكان نائب رئيس الوزراء الجزائري ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، صرح، أمس، أن هناك خطة طريق وضعت تنص على عدم ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وأكد أن الحكومة مستعدة للحديث مع المحتجين لإنهاء الأزمة.
وقال لعمامرة، في تصريحات له، إن الرئيس الجزائري سيسلّم مقعد الرئاسة لمن سيُنتخب عقب إقرار الدستور الجديد.
وتابع «الحكومة مستعدة للحديث مع المحتجين لإنهاء الأزمة، على أن تكون هناك حلول يجب أن تضمن استمرار الدولة الجزائرية في إنجاز واجباتها».
وشدّد لعمامرة على ضرورة أن يحدث هذا الانتقال دون أي صراع بين مختلف الأطراف.
بدوره، قال رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، إن الشعب عبر عن «أهداف نبيلة» خلال أسابيع التظاهرات المطالبة بتنحي بوتفليقة.
وأضاف رئيس الأركان أن هذا الشهر شهد أفعالاً تنم عن أهداف نبيلة ونوايا خالصة عبر من خلالها الشعب الجزائري بوضوح عن قيمه ومبادئ العمل الصادق الخالص لله والوطن.
وأدلى صالح بتصريحاته، أول من أمس، خلال تفقده منطقة عسكرية وأذاعت الحديث وسائل الإعلام الجزائرية، أمس.
وأذعن بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ 20 عاماً، للاحتجاجات في الأسبوع الماضي، حيث أعلن أنه لن يترشح لولاية خامسة، لكنه لم يتنح على الفور وقال إنه سيبقى في منصبه لحين صياغة دستور جديد، ما يعني تمديد فترته الراهنة.
لم تفلح خطوات بوتفليقة في تهدئة المحتجين الذين يسعون لأن يتولى جيل جديد الزمام من بوتفليقة وغيره من رموز حرب الاستقلال عن فرنسا الذين يهيمنون على البلاد.
وتحول أيضاً اتجاه زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ورئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي كانت تربطه صلات قوية بأجهزة المخابرات، وقال في رسالة لأنصاره الأحد الماضي إنه يجب تلبية مطالب الشعب بأسرع ما يمكن.
وأفرزت الحركة الاحتجاجية زعماء عرضوا بديلاً لخارطة الطريق السياسية التي رسمها بوتفليقة للوصول لما يصفه بالجزائر الجديدة، لكنهم لم يتمكنوا بعد من تكوين قوة الدفع الكافية لإجباره على التنحي أو تقديم تنازلات أكبر.
وظل الجيش، الذي يلعب دوراً نافذاً من وراء الستار، بمنأى عن الأحداث، ومن غير المرجح أن يتدخل ما دامت الاحتجاجات سلمية.
وكان رئيس أركان الجيش في البداية مؤيداً قوياً لتولي بوتفليقة فترة رئاسة خامسة، لكن يبدو أنه غير موقفه، فقد نأى بالجيش عن الرئيس وأعرب عن تعاطفه مع المحتجين، مؤكداً في الوقت ذاته أنه لن يكون هناك تهاون مع الفوضى.