المتظاهرون يواصلون الاعتصام والاحتجاج وسط الخرطوم عقب بيان الجيش. أ.ف.ب

الجيش السوداني يعتقل البشير ويشكل مجلساً عسكرياً لإدارة البلاد لـمدة عامين

أعلن وزير الدفاع السوداني، عوض بن عوف، أمس، «اقتلاع النظام»، والتحفظ على رئيس البلاد عمر البشير «في مكان آمن»، وذلك بعد موجة احتجاجات مستمرة منذ ديسمبر 2018، فيما رفض تجمع المهنيين السودانيين، وعدد من القوى السياسية المعارضة، بيان قائد الجيش السوداني، معتبرين ذلك «إعادة إنتاج للنظام، ولا يعبر عن مطالب الشعب بتغيير النظام بالكامل»، وطالبوا الشعب السوداني بمواصلة الاعتصام حتى تحقيق مطالبه كاملة غير منقوصة.

وفي بيان تلاه على التلفزيون الرسمي، قال بن عوف: «أعلن أنا وزير الدفاع اقتلاع ذلك النظام، والتحفظ على رأسه في مكان آمن واعتقاله»، منتقداً «عناد النظام»، وإصراره خلال الأشهر الماضية على «المعالجات الأمنية» في مسألة الاحتجاجات الشعبية.

كما أعلن «تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان»، مشيراً إلى أن المجلس سيلتزم «تهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة، وبناء الأحزاب السياسية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية».

وأعلن بن عوف تعطيل العمل بدستور جمهورية السودان، مشيراً إلى أنه سيتم وضع «دستور جديد دائم للبلاد» خلال الفترة الانتقالية، و«حل مؤسسة الرئاسة من نواب ومساعدين، وحل مجلس الوزراء»، كما أعلن حلّ حكومات الولايات ومجالسها التشريعية.

وقال وزير الدفاع إنه تقرر إغلاق أجواء البلاد «لمدة 24 ساعة»، والمداخل والمعابر الحدودية «حتى إشعار آخر»، معلناً «حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وحظر التجوال لمدة شهر من الساعة الـ10 مساء إلى الرابعة صباحاً».

وأعلن أيضاً «وقف إطلاق النار الشامل في كل أرجاء السودان»، الذي يشهد نزاعات بين القوات الحكومية ومجموعات مسلحة في عدد من المناطق في البلاد، بينها دارفور في الغرب، و«إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فوراً».

وأشار وزير الدفاع السوداني إلى المصاعب الاقتصادية التي ألمت بالشعب السوداني، وأشاد بالتظاهر السلمي الذي بدأ في ديسمبر الماضي، لكن ذلك لم ينبه النظام، بحسب قوله، فأصر على الكذب والحلول الأمنية.

وأضاف أن اللجنة الأمنية تعتذر عما وقع من خسائر في الأنفس، وقال إنها حذرت مما وقع، أخيراً، لكنها اصطدمت بعناد وتركيز على حلول أمنية كانت ستحدث أضراراً هائلة.

وأكد الالتزام بكل المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات بكل مسمياتها المحلية والإقليمية والدولية، واستمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات، والالتزام بعلاقات حسن الجوار، والحرص على علاقات دولية متوازنة، تراعي مصالح السودان العليا، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وأظهرت مقاطع مصورة المواطنين السودانيين وهم يرفعون الأعلام، ويتكدسون بسياراتهم كمظهر احتفالي على أحد الطرق، بينما أظهرت فيديوهات أخرى احتفال المحتجين الذين يعتصمون أمام وزارة الدفاع منذ السبت الماضي بما قالوا إنها إطاحة بحكم الرئيس عمر البشير، الذي استمر طوال 30 عاماً.

في المقابل، رفض تجمع المهنيين السودانيين وعدد من القوى السياسية المعارضة، بيان قائد الجيش، معتبرين ذلك «إعادة إنتاج للنظام».

وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير، التي تضم عدداً من الأحزاب المعارضة وتجمع المهنيين، في بيان، إن بيان المؤسسة العسكرية يعد «انقلاباً عسكرياً تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار شعبنا العظيم عليها. يسعى من دمروا البلاد وقتلوا شعبها أن يسرقوا كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان».

وتابع البيان: «إننا في قوى إعلان الحرية والتغيير نرفض ما ورد في بيان انقلابيي النظام، وندعو شعبنا العظيم للمحافظة على اعتصامه الباسل أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة، وفي بقية الأقاليم، وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان».

من جانبه، قال القيادي في حزب الأمة المعارض، صديق صادق المهدي، إن «ما حدث تغيير محدود جداً، لكن لايزال النظام قائماً بمؤسساته وأجهزته التي كانت سبباً في معاناته».

واعتبر أن بيان الجيش «لا يلبي تطلعات الشعب السوداني الذي ثار واعتصم وقدم الشهداء في سبيل تحقيق حريته».

ووصف رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، البيان بالمخيب للآمال، وطالب الشعب السوداني بعدم السماح بسرقة الثورة. وقال: «كان على اللجنة الأمنية أن تتواصل معنا لتستمع إلي وجهة نظرنا، ولكنهم مضوا في ذلك الأمر وحدهم». وشدد الدقير على تسليم الحكومة لسلطة مدنية. وأضاف «لن نقبل الالتفاف على الثورة، وسنظل بالشوارع إلى أن تتحقق مطالب الشعب غير منقوصة». فيما اعتبر نائب رئيس حزب المؤتمر، خالد عمر، أن هذه اللعبة لن تنطلي على الشعب السوداني. وأشار إلى أن البيان طرح حلولاً لا تخاطب جذور الأزمة، وأكد تمسك قوى الحرية والتغيير بحكومة مدنية انتقالية تعبر عن الثورة. كما أشار إلى أن بن عوف لم يوجه نقداً للنظام، لأنه يمثل امتداداً له، لافتاً إلى أنه كان جزءاً من النظام المتهم بتقسيم البلاد، وارتكاب إبادة جماعية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وتشريد الملايين من النازحين واللاجئين، وحطم البنية الإنتاجية.

كما عبّر رئيس حزب مؤتمر البجا، عثمان باونين، عن رفضه لبيان وزير الدفاع، واصفاً إياه بـ«المسرحية». ودعا السودانيين إلى الاعتصام وعدم مغادرة الميادين «حتى تتحقق مطالبهم كافة، وعلى رأسها تشكيل حكومة مدنية لإدارة المرحلة الانتقالية».

الأكثر مشاركة