المجلس العسكري: لن نسلّــم البشير لـ «الجنائية».. والحكومة الـمقبلة مدنية
تعهد المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، مؤكداً أن الحكومة المقبلة ستكون مدنية، باستثناء وزير الدفاع، وحذر من انتشار الفوضى، وشدد على عدم تسليم الرئيس المعزول، عمر البشير، لـ«الجنائية الدولية»، لكن البشير قد يمثل للمحاكمة داخل البلاد، فيما أكد تجمع «المهنيين السودانيين» أن «إجراءات قادة الجيش تبديل لأقنعة النظام نفسه الذي خرج الشعب ثائراً عليه»، ورفض قرارات المجلس، وأكد رئيس التجمع، محمد يوسف المصطفى، أن الشعب تجاوز مرحلة «الوصاية».
وجاءت تصريحات المجلس العسكري، خلال مؤتمر صحافي لرئيس اللجنة السياسية بالمجلس، الفريق أول عمر زين العابدين، بعد يوم من إعلان وزير الدفاع عوض بن عوف، عزل البشير، وبدء فترة انتقالية لمدة عامين.
وقال زين العابدين إن المجلس «مع مطالب الناس، ولدينا لقاء مع القوى السياسية لتهيئة المناخ، وجئنا لترتيب التداول (السلطة) بشكل سلمي»، وأضاف «نحن حماة مطالب الكيانات السياسية، ولن نملي شيئاً على الناس، جئنا من أجل المحتجين والمعتصمين، ولن نسمح بالفوضى»، وتابع «أولويتنا الآن أمن واستقرار البلاد، وتوفير الخدمات، وإدارة الحوار السياسي مع الداخل والخارج».
واستطرد أن «المجلس سيسعى لحل المشكلات الاقتصادية مع الحكومة التي سيتم تشكيلها»، مشدداً على أنها «ستكون حكومة مدنية، تتوافق عليها الكيانات السياسية، ولن نتدخل في ذلك»، وتابع زين العابدين «مهمتنا رعاية تكوين الحكومة، وليس التدخل في تشكيلها».
وأكد ترحيب المجلس بـ«إدارة حوار مع الحركات المسلحة لإخراج البلاد من أزماتها»، وأشار إلى أن قرار إحداث التغيير جاء بعد الشعور بـ«انسداد الأفق بعد عدم استجابة النظام (البشير)».
وأضاف «ليست لدينا حلول ولا أيديولوجيا، وإنما الحلول تأتينا من المعتصمين»، لافتاً إلى «تكليف رؤساء وقادة القوات الأمنية المختلفة بالحصول على تفويض لإحداث تغيير»، وحول موقفه من حزب البشير (المؤتمر الوطني)، شدد «لن نقصي أحداً ما دام يمارس سياسة راشدة، ومرحب به باسمه أو بأي اسم آخر».
غير أن زين العابدين لفت إلى أن «اعتقالات قادة المؤتمر الوطني حقيقة»، وأضاف: «الرموز التي كانت تدير الأمن قمنا بالتحفظ عليها».
وأشار إلى أن تحديد مدة السنتين (الفترة الانتقالية) خاضعة للنقاش مع القوى السياسية. وعن تحديد فترة عامين، أوضح زين العابدين أنها «اجتهاد من المجلس، بعد الاستفادة من التجارب السابقة، والسنتان هي الحد الأقصى، وأمد المجلس يمكن أن ينتهي خلال شهر إذا تم تدارك الأمر من دون فوضى».
وتابع: «نقسم بالله أننا لن نزيد على السنتين يوماً واحداً في الحكم»، ورداً على سؤال بشأن رفض الشعب لهم، قال «لم نُرفض من الشعب»، مضيفاً «نحن أبناء سوار الذهب، وسنسلم السلطة لحكومة منتخبة».
والمشير عبدالرحمن سوار، تسلم الحكم عندما كان قائداً للجيش عقب الإطاحة بالرئيس جعفر نميري عام 1985، وسلمه إلى حكومة منتخبة بعد عام واحد.
وأكد زين العابدين «الشعب طالبنا بتسلم السلطة عبر تظاهره أمام القيادة العامة، ونحن لم نقفز إلى الحكم، ولسنا من حزب البشير»، وعن قرار تعطيل الدستور، قال: «بناء على حالة الطوارئ يمكن أن نعيد العمل به إذا تم التوافق على ذلك مع القوى السياسية». وأضاف «سندير أمور البلاد في ظل تعطيل الدستور بالمراسيم».
ولدى سؤاله عن ملاحقة الفاسدين، قال زين العابدين: «سنغلق صندوق الفساد نهائياً، وأي شخص يثبت فساده سنحاكمه».
وعن حال تواصل الاحتجاجات، قال زين العابدين: «سنذهب للمحتجين في الاعتصام ونجلس معهم، ونريد أن نسمع رؤيتهم».
وأكد على أن «حق الاحتجاج مكفول، لكن لن نسمح بالتعدي على حرية الآخرين»، مضيفاً أن «أي شخص يغلق طريقاً أو جسراً لن نسمح بذلك، وسنكون حاسمين».
وعن سبب تأخر إعلان بيان عزل البشير لمدة ثماني ساعات عن الموعد المقرر، أوضح أنه «تم التأخير لمزيد من التشاور».
وأشار زين العابدين إلى أن قادة المنظومة الدفاعية الأمنية والدفاعية هم قادة التغيير الحالي، وذكر من بينهم وزير الدفاع عوض بن عوف، ومدير المخابرات صلاح قوش، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ونفى أن يكون المجلس الانتقالي صنيعة حزب المؤتمر الوطني.
وعن قوات الدعم السريع، أوضح أنها «قوة قتالية لأجل السودان، وقوة منضبطة، ومشبعة بحب السودان»، وأضاف «لسنا طامعين في السلطة، سندير حواراً لإخراج البلاد من الأزمة».
وعن قوات «الدفاع الشعبي» التي أنشأها البشير، قال زين العابدين «هي مؤسسة نظامية إذا وجدنا أخطاء لها سنعالجها».
وأوضح زين العابدين أن الرئيس المخلوع عمر البشير، متحفظ عليه في مكان آمن. وعن المطالب حول محاكمته، قال لن «نسلم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.. نحاكمه ولن نسلمه».
ولدى سؤاله عن القتلى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات، أشار زين العابدين إلى أن القضاء السوداني سيحاكم أي شخص متورط في قتل المتظاهرين.
وأشار إلى أن الردود من الخارج التي جاءت للمجلس العسكري حتى الآن «إيجابية». وشدد «لسنا في جزيرة معزولة. وسنتواصل خارجياً وداخلياً، وسنجري لقاءات مع العالم الخارجي، ونطمئنهم بأننا جزء من العالم».
وتابع: «سنتواصل خارجياً لفك الحصار (العقوبات الأميركية) عن السودان»، وتعقيباً على انتقاد الاتحاد الإفريقي لقرارات الجيش، قال زين العابدين: «نحن لسنا انقلاباً، وجئنا استجابة لرغبة الشعب السوداني».
وفي وقت لاحق، أعلن المجلس العسكري عن بدء إجراءات لعقد لقاءات مع ممثلي القوى السياسية في البلاد، إلا أنه عاد وأعلن تأجيل الاجتماعات إلى أجل غير مسمى.
في المقابل، رفض «تجمع المهنيين السودانيين»، وهو من أكبر القوى المحركة للتظاهرات في السودان، أمس، ما أعلنت عنه اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري لتسيير المرحلة الانتقالية في البلاد بعد عزل عمر البشير.
وأصدر التجمع بياناً، أمس، رفض فيه أحداث الخميس، إضافة إلى تصريحات اللجنة التي صدرت خلال المؤتمر الذي عُقد أمس، مؤكداً أن الرفض «يستند على خبرة الشعب السوداني في التعامل مع كل أساليب الخداع ومسرح الهزل والعبثية».
واعتبر التجمع أن «النظام عجز عن أن يخرج بسيناريو مسبوك يربك الحركة الجماهيرية ويهز وحدتها»، مشدداً على أن «ما حدث لم يكن سوى تبديل أقنعة النظام نفسه الذي خرج الشعب ثائراً عليه، وساعياً لإسقاطه واقتلاعه من جذوره». وذكّر بأن مطالب التجمع «واضحة وعادلة ومشروعة».
ووصف البيان اللجنة العسكرية بـ«الانقلابيين» وبـ«لجنة النظام الأمنية»، معتبراً أنهم «ليسوا أهلاً لصُنع التغيير، ولا يراعون في سبيل البقاء في السلطة سلامة البلاد واستقرارها، ناهيك عن تحقيق المطالب السلمية المتمثلة في تسليم السلطة فوراً لحكومة مدنية انتقالية، كأحد الشروط الواجبة النفاذ».
وتابع البيان: «سنقاوم الطوارئ وحظر التجول، وكل الإجراءات التي أعلنها الانقلابيون، وسننتصر كما فعلنا من قبل على كل أساليب العنف والتخويف والترهيب التي سيحاول النظام تطبيقها على الشعب».
وشدد البيان على أن «عهدنا على السلمية باقٍ، ووعدنا وقسمنا بمواصلة الثورة لا كفارة له إلا إنجاز مطالب إعلان الحرية والتغيير كاملة».
إلا أن التجمع رحّب في الوقت نفسه بـ«أي بادرة تحقن دماء الشعب، وتعيد الأمور إلى نصابها»، واضعاً أمله «في الشرفاء من الضباط وضباط الصف والجنود في قوات شعبنا المسلحة»، مؤكداً أنهم «هم من صنعوا الفارق ورجّحوا كفة الشعب. وهم من نعوّل عليهم في ضبط ساعة التغيير وربط أحزمة أمان الثورة».
واحتشد مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع المحيطة بمقر القوات المسلحة وسط العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، مؤكدين رفضهم لبيان المجلس العسكري، الذي أعلن فيه أنه سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب خلال عامين.
وتوافدت حشود المتظاهرين، الذين يهتفون ويغنون ويرقصون ويتبادلون القهوة والطعام، مصرين على مواصلة احتجاجهم.
وأدى المعتصمون صلاة الجمعة في مكان الاعتصام. وكان عدد من المتظاهرين المسيحيين الأقباط يقدمون الطعام والشراب للمصلين المسلمين. ولفّ الإمام الذي أدى الصلاة نفسه بعلم سوداني.
- المجلس العسكري أعلن بدء إجراءات لعقد لقاءات
مع ممثلي القوى السياسية، إلا أنه عاد وأعلن
تأجيل الاجتماعات إلى أجل غير مسمى.