المتظاهرون أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم يواصلون اعتصامهم. رويترز

«العسكري» السوداني يحذر من عمـلـيــات تخريب وانفلات أمني.. و«الحرية والتغيير» تـوقف التفاوض

أكد المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، عدم السماح بانزلاق البلاد نحو الفوضى، محذراً من عمليات التخريب والانفلات الأمني، وفيما أوقفت قوى «الحرية والتغيير» التفاوض مع المجلس، حذر زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، قادة الاحتجاجات من استفزاز أعضاء المجلس، وقال إنهم سيسلمون السلطة قريباً إلى إدارة مدنية كما يطالب المتظاهرون، بينما دعا الاتحاد الإفريقي المجلس العسكري إلى تسليم السلطة لمجلس مدني خلال 60 يوماً.وجاءت تصريحات المجلس العسكري عقب مباحثات أجراها رئيس المجلس، عبدالفتاح البرهان، في الخرطوم، أمس، مع رئيس هيئة أركان جيش دولة جنوب السودان، غبريال ريال جوك، تناولت تطورات الأوضاع في البلدين.

وقال رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، هاشم عبدالمطلب، في تصريحات صحافية عقب الاجتماع، إن «الجيش السوداني لن يطلق أي رصاصة في وجه الشعب، وسيقف معه إلى حين نجاح ثورته»، وأكد عبدالمطلب حرص الخرطوم على العلاقات مع دولة جنوب السودان ودفع عملية السلام هناك.

من جانبه، أكد جوك ارتباط دولة جنوب السودان بأمن السودان، قائلاً: «لن تواجه الخرطوم أي خطر أو عدوان من جهة دولة جنوب السودان، لأن وضعنا واحد وأمننا واحد».

في المقابل، أوقفت قوى «تحالف إعلان الحرية والتغيير»، أمس، التفاوض مع المجلس العسكري، احتجاجاً على ما سمته محاولات المجلس العسكري التقليل من شأنها.

وقال عضو لجنة التفاوض من جانب «إعلان الحرية والتغيير»، الطيب العباس، أمس، إن «تحالف التغيير أوقف الاتصال بالمجلس العسكري والتفاوض معه، بعد أن أجرى تقييماً للاجتماع الأخير الذي عقد بين الطرفين، فضلاً عن المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس العسكري (أول من أمس)، واستخدم فيه لغة اتسمت بالتعالي، وحاول تلفيق أكاذيب، وتنصله مما تم من اتفاق».

وأضاف أنهم «لن يستأنفوا التفاوض إلا في حال توافرت ضمانات بالتزام المجلس العسكري نقل السلطة إلي المدنيين في كل مستويات الحكم، وإنشاء مجلس سيادة مشترك بين العسكريين والمدنيين، تكون الأغلبية فيه للأخير، بجانب تحسين لغة المجلس».

وأضاف العباس: «طريقة المجلس العسكري في التفاوض طريقة انقلاب عسكري، وليست تغيير حكم بإرادة الشعب»، مؤكداً أن قوى التغيير فرغت تماماً من إعداد الإعلان الدستوري الذي فصل اختصاصات هياكل الحكم المختلفة، لكنها رأت ألا تسلمه إلى المجلس.

وارتفعت نبرة الاتهامات بين الطرفين أخيراً، حيث أكيد المجلس العسكري أنه مع التفاوض لا الفوضى، حيث أعلن وجود عدد من الظواهر وحالات الانفلات التي تهدد حياة الناس والسلامة العامة والأمن والاستقرار، مشدداً على أنه لن يتهاون في التعامل معها.

فيما اتهم تجمع المهنيين السودانيين، في وقت سابق، المجلس العسكري بمحاولة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم.

وقال «التجمع» إن الجيش أزال الحواجز التي أقامها المتظاهرون، مطالباً المواطنين بالخروج للشوارع، وتسيير المواكب والتوجه إلى ساحة الاعتصام.

كما اعتبرت قوى الحرية والتغيير أن هذا الإعلان غير صحيح، والمبررات التي قدمها المجلس العسكري تتنافى مع واقع سلمية الحراك الشعبي، نافياً حصول أي اتفاق مع المجلس بشأن هذا الإجراء.

وفي هذا السياق، قال عضو المجلس، الفريق أول محمد حمدان دقلو، إن «الحرية والتغيير» غير صادقة، وتتعامل بمعايير مزدوجة بين ما يتم التفاوض عليه وما تقوله لقواعدها في الشارع.

أما القيادي بقوى الحرية والتغيير، محمد ناجي الأصم، فاتهم المجلس العسكري بأنه غير جاد في التفاوض.

وقال القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، خالد عمر، إنهم ليس لديهم مشكلة مع المجلس العسكري باعتباره شريكاً في التغيير، خصوصاً أنه ملتزم بنقل السلطة إلى المدنيين منذ اليوم الأول.

من جهته، قال المتحدث باسم المجلس، الفريق أول شمس الدين كباشي، إنهم ماضون مع قوى الحرية والتغيير لاستكمال التفاوض وتعجيل خطوات نقل السلطة.

من جانبه، دعا الاتحاد الإفريقي المجلس العسكري إلى تسليم السلطة خلال شهرين، وأضاف في بيان، أول من أمس، أنه شعر «بألم عميق» لأن الجيش لم يتنحّ جانباً ويسلم السلطة إلى مدنيين خلال فترة الـ15 يوماً، التي حددها الاتحاد الإفريقي الشهر الماضي. وذكر البيان أن مهلة الـ60 يوماً هي التمديد الأخير للمجلس العسكري السوداني لتسليم السلطة للمدنيين.

من ناحية أخرى، أعلن رئيس ديوان المظالم في السودان، أحمد أبوزيد، أنه ينتظر «الضوء الأخضر» من المجلس العسكري الانتقالي من أجل فتح ملفات الفساد في مؤسسات الدولة.

وقال أبوزيد لصحيفة «الانتباهة» السودانية، إن الديوان جهّز تقارير عدة بشأن الفساد الإداري والمالي، الذي ارتكبته مؤسسات الدولة على مدار العقود الثلاثة الماضية.

وحمّل رئيس ديوان المظالم في السودان، الرئيس المعزول عمر البشير، وكذلك البرلمان، المسؤولية عن عدم محاسبة «مرتكبي جرائم الفساد الإداري والمالي في عدد من المشروعات الكبرى».

وقال أبوزيد إنه سبق أن سلم البشر والبرلمان تقارير مفصلة عن «جرائم الفساد الإداري كافة التي انتهت إلى فساد مالي، غير أن تلك التقارير لم ترَ النور، وظلت حبيسة الأدراج»، على حد تعبيره.

وأشار في تصريحاته للصحيفة إلى أن إدارة البرلمان، الذي تم حله عقب عزل البشير، منعته من تقديم تقارير حول التجاوزات المالية والإدارية لعدد من العاملين من دون توضيح أسباب.

وأضاف: «الناس يعتقدون أن الفساد يتعلق بالمال فقط، لكن الفساد الإداري أكبر من الفساد المالي، وهو ما أدى إلى ضياع البلاد»، على حد وصفه.

وأوضح أن ديوان المظالم يقوم حالياً بحملات تفتيش على عدد من المؤسسات التي تشرف عليها الحكومة، من بينها ديوان الزكاة ومصانع السكر وصندوق دعم الطلاب، إلا أن التقارير بشأنها لم تنتهِ بعد.

وتأتي هذه التطورات في وقت كشفت صحيفة «الأخبار» السودانية، أول من أمس، عن إعفاء مسؤول التحقيقات والتحريات في قضايا الفساد بالبلاد، معتصم عبدالله، محمود من منصبه.

وجرى تعيين محمود مسؤولاً عن قضايا الفساد، الأسبوع الماضي، من النائب العام السوداني، الوليد سيد أحمد محمود.

وبعد ساعات ضبط فريق مشترك ستة ملايين يورو و351 ألف دولار وخمسة مليارات جنيه سوداني في مكتب البشير.

الأكثر مشاركة