العصيان المدني في السودان يدخـل حيز التنفيد.. وشوارع الخرطوم تبدو شبه خالية
قتل أربعة أشخاص، أمس، في الخرطوم، في أول أيام العصيان المدني الذي دعا إليه قادة الاحتجاجات، وفيما بدت شوارع العاصمة السودانية خالية إلى حد بعيد مع بدء حملة العصيان للمطالبة بحكم مدني في البلاد، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وتفصيلاً، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، التي هي جزء من تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يقود التحركات ضد المجلس العسكري الانتقالي، مقتل أربعة أشخاص في اليوم الأول للعصيان المدني. وأفادت اللجنة بأن أحد القتلى فتى في الـ20 من العمر أصيب برصاصة حية في منطقة بحري بشمال العاصمة وآخر في أم درمان، فيما قضى القتيلان الآخران طعناً بآلة حادة.
ومع دخول العصيان المدني حيز التنفيذ، أمس، قال شهود إن شوارع العاصمة السودانية بدت خالية إلى حد بعيد مع بدء حملة العصيان للمطالبة بحكم مدني في البلاد، حيث دعت جماعات الاحتجاج الموظفين إلى البقاء في المنازل، بعد اقتحام قوات الأمن مقر الاعتصام يوم الاثنين، ما أسفر عن مقتل العشرات.
وجاء اقتحام مقر الاعتصام بعد أسابيع من المشاحنات بين المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد عزل الرئيس عمر البشير، وتحالف إعلان قوى الحرية والتغيير، بشأن من يسيطر على الفترة الانتقالية التي ستؤدي إلى الانتخابات.
ومع بداية الأسبوع، صباح أمس، تسنت رؤية القليل من المارة أو العربات في الشوارع. وكانت وسائل النقل العام تعمل بالكاد، كما أغلقت معظم البنوك التجارية والشركات الخاصة والأسواق.
وتراجعت حركة وسائل النقل العام التي تعمل بين وسط الخرطوم وأطرافها، في حين تتحرك أعداد قليلة من المركبات الخاصة. والمحال التجارية مغلقة في المنطقة التجارية بوسط الخرطوم أو السوق العربي.
وفي مطار الخرطوم الدولي، تكدس المسافرون في صالة السفر، وأغلقت معظم مكاتب السفريات بسبب انقطاع الإنترنت، كما ارتفعت أسعار التذاكر. وأكد شهود عيان توقف خدمات المطار، وإلغاء جميع الرحلات المغادرة والقادمة إليه.
وفي مدينة الخرطوم بحري، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وقال شاهد عيان إن «المتظاهرين يحاولون وضع حواجز لإغلاق الطرقات باستخدام إطارات السيارات والحجارة وجذوع الأشجار، لكن شرطة مكافحة الشغب تمنعهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع».
وأضاف أن «الطرق الداخلية مغلقة تماماً، ويحاول المحتجون إقناع بعض السكان بالامتناع عن الذهاب إلى العمل».
وأكدت قوى الحرية والتغيير أن العصيان المدني مستمر «حتى إسقاط المجلس العسكري».
وشدد تجمع المهنيين السودانيين، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، على أن «العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام هي وسائلنا السلمية لاقتلاع حقنا في الحياة من همجية الميليشيات المجرمة التي يستخدمها المجلس العسكري».
وأشار التجمع، وهو أحد القوى الرئيسة المشكلة لقوى إعلان الحرية والتغيير، إلى أن «الإضراب السياسي العام هو الأسرع والأنجع لإسقاط المجلس العسكري، وإنهاء احتلال الميليشيات لشوارع مدن وقرى السودان، ونقل مقاليد الحكم لسلطة انتقالية مدنية، وفقاً لإعلان الحرية والتغيير».
ولفت إلى أن العصيان هو «موقف أخلاقي وفاء لدماء الشهداء وحلمهم بوطن الحرية والسلام والعدالة».
وتابع تجمع المهنيين السودانيين أن «العصيان المدني» سيتواصل، على ألا ينتهي إلا بقيام حكومة مدنية، بإذاعة «إعلان بيان تسلم السلطة» عبر التلفزيون السوداني.
وكان المجلس العسكري الانتقالي في السودان أعلن، أول من أمس، انفتاحه على التفاوض، وحرصه على التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة في البلاد.
ورغم إعلانه الانفتاح على التفاوض، شنت سلطات الأمن السودانية حملة اعتقالات واسعة وسط القوى السياسية المعارضة وقادة العصيان المدني.
وتأتي التطورات بعدما أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، يوم الجمعة، محادثات مع قادة المجلس العسكري و«قوى الحرية والتغيير»، في محاولة لإحياء المحادثات بين الطرفين. من جهة أخرى، دعا البابا فرنسيس، أمس، إلى السلام في السودان، بعد اقتحام قوات الأمن مخيم اعتصام لمحتجين مطالبين بالديمقراطية في الخرطوم، الأسبوع الماضي.
وقال البابا في عظته الأسبوعية أمام الحشود في ساحة القديس بطرس «تثير الأنباء الواردة من السودان الألم والمخاوف. نصلي من أجل هؤلاء الناس حتى ينحسر العنف، ويتم السعي للصالح العام عبر الحوار». ويقول مسعفون إن 113 شخصاً قتلوا في أعمال العنف بالخرطوم الأسبوع الماضي، في حين تقول الحكومة إن 61 قتيلاً فقط سقطوا، ومن بينهم ثلاثة من أفراد أجهزة الأمن.