السبسي.. الرحيل في ذكرى عيد تونس
توفي، اليوم الخميس، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، حيث تتزامن وفاته مع الذكرى 62 لعيد الجمهورية التونسية.
والباجي قائد السبسي، واسمه الكامل محمد الباجي بن حسونة قائد السبسي، ولد في 29 نوفمبر 1926 في منطقة سيدي بوسعيد، وهو سياسي ومحامي تونسي، وتوفي في عمر 93 عاماً.
كان السبسي الرئيس الخامس في تاريخ الجمهورية في تونس والحالي منذ 31 ديسمبر 2014. ويرأس حزب نداء تونس. تقلّد العديد من المناصب الوزارية في عهد الحبيب بورقيبة، ثم عاد للساحة السياسية بعد الثورة التونسية. وترشح لانتخابات الرئاسية في 2014 أمام نظيره الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، وانتخب بنسبة 55.68% رئيساً للبلاد متفوقا على نظيره الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، الذي حصل على نسبه 44.32%. تسلم مهام منصبة رسمياً في الحادي والثلاثين من ديسمبر لعام 2014 ميلادية.
كان له دور هام في مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس، إثر الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد في 2013 وانتهاج سياسة التوافق التي جمعته مع مكونات سياسية أخرى.
وتلقى الباجي قائد السبسي دراسته بمعهد الصادقية بتونس العاصمة ثم أكمل الجزء الثاني من الباكالوريا بديجون سنة 1948، وفي 1949 تحول إلى باريس ليواصل الدراسات العليا في الحقوق، حينها التقى بالحبيب بورقيبة الابن وتوطدت بينهما علاقة سمحت له بالالتقاء بالحبيب بورقيبة الأب سنة 1950. ثم عاد إلى تونس يوم 15 يوليو 1952 بعد إنهاء دراسته الجامعية.
بعد عودته إلى تونس انضم إلى مكتب المحامي فتحي زهير في نفس السنة وأدى القسم يوم 3 أكتوبر 1952 وانطلق فورا في الترافع بعد أسابيع قليلة وإثر اغتيال فرحات حشاد يوم 5 ديسمبر. واشتغل لفترة طويلة كمحامي لدى الاتحاد العام التونسي للشغل.
وتولى منصب رئيس الوزراء التونسي منذ 27 فبراير 2011 حتى 13 ديسمبر 2011. وتولى عدة مسؤوليات هامة في الدولة التونسية بين 1963 و1991.
ودرس في كلية الحقوق في باريس التي تخرج منها عام 1950 ليمتهن المحاماة ابتداءً من 1952.
سياسياً، ناضل الباجي قائد السبسي في الحزب الحر الدستوري الجديد منذ شبابه، وبعد الاستقلال عمل كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة، ثم مديراً لإدارة جهوية في وزارة الداخلية.
وفي 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطني، بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية، التي كشف عنها في ديسمبر 1962.
وفي عام 1965 عين وزيرا للداخلية بعد وفاة الطيب المهيري، وقد ساند من منصبه التجربة التعاضدية التي قادها الوزير أحمد بن صالح. تولى وزارة الدفاع بعد إقالة هذا الأخير في 7 نوفمبر 1969 وبقي في منصبه لغاية 12 يونيو 1970 ليعين سفيرا لدى باريس. جمد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري عام 1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي، وعام 1974 وقع استقالته من الحزب لينضم للمجموعة التي ستشكل عام 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري، وقد تولى في تلك الفترة إدارة مجلة ديمكراسي المعارضة.
رجع إلى الحكومة في 3 ديسمبر 1980 كوزير معتمد لدى الوزير الأول محمد مزالي الذي سعى إلى الانفتاح السياسي، وفي 15 أفريل 1981 عين وزيرا للخارجية خلفا لحسان بلخوجة.
لعب دوراً هاما أثناء توليه المنصب في قرار إدانة مجلس الأمن للغارة الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط.
في 15 سبتمبر 1986 عوض بالهادي المبروك على رأس الدبلوماسية التونسية ليعين بعدها سفيرا لدى ألمانيا الغربية. بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987، أنتخب في مجلس النواب عام 1989 وتولى رئاسة المجلس بين 1990 و1991.
قام بسرد تجربته مع بورقيبة في كتاب "الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام" الذي نشر عام 2009.
وفي 27 فبراير 2011، عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع، رئيساً للحكومة المؤقتة، وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي. واستمر في منصبه حتى 13 ديسمبر 2011، حين قام المنصف المرزوقي في 12 ديسمبر 2011، بتكليف أمين عام حزب حركة النهضة حمادي الجبالي، بتشكيل الحكومة الجديدة.
يحمل الباجي قائد السبسي توجهات سياسية مختلفة تبرز من خلال تصريحاته ومواقفه وخاصة من خلال مبادئ حركة نداء تونس المنبثقة أساسا من الأفكار التي يؤمن بها باعتباره مؤسسها الأول.
والباجي قائد السبسي هو شخصية ليبرالية تؤمن بالعلمانية وبالدولة المدنية، وهو ذو فكر سياسي معتدل قائم على البراغماتية والواقعية السياسية، وهو متأثر جدا بالرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة إلى حد أنه يتبنى أفكاره ومبادئه.
أما على صعيد العلاقات الخارجية، تبنى السبسي السياسة الدبلوماسية التقليدية التونسية القائمة على التقرب من المحيط الأوروبي والعالم الغربي، مع تحسين العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، والمحافظة على علاقات وثيقة مع دول المغرب العربي. وهي نفس السياسة الدبلوماسية التي اتبعتها تونس خاصة في عهد بورقيبة.
رسخ الرئيس المولود عام 1926، مفهوم "هيبة الدولة" لدى التونسيين، وهو مفهوم يرتكز على ضرورة الدفاع عن أركان دولة القانون والحفاظ على المؤسسات واستمرارية الهياكل.
الانتقادات الموجهة لـ"السبسي" لا تتوقف عند حد اتهامات كونه «رجل النظام السابق»، وإنما طالته الانتقادات أيضاً بسبب عمره المتقدم في وقت يسعى فيه شباب الثورة التونسية إلى إبعاد كبار السن عن المناصب العليا في الدولة، وهو ما رد عليه الرئيس المحنك بأن "الشباب هو حالة ذهنية".
قبل أسابيع دخل إلى المستشفى بوعكة صحية ثم تعافى الرجل ويؤكد أنه لن يترشح للرئاسة التونسية مرة ثانية، لكن القدر لم يمهله حتى ليكمل ولايته الأولى حتى النهاية، ليتوفى اليوم عن عمر ناهز الـ93 عاما.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news