تنديد عربي بالعدوان التركي على سورية.. والجامعة تعتبره «غزواً»
دانت جامعة الدول العربية، أمس، العدوان التركي على سورية، ووصفته بأنه «غزو لأراضي دولة عربية»، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه التهديد التركي، كما دانت دول عربية عدة الهجوم، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، إن العدوان التركي غير شرعي ومرفوض عربياً ودولياً، مؤكداً ضرورة العمل العربي المشترك أمام التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية.
وتفصيلاً، دان وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع طارئ، أمس، العدوان التركي على الأراضي السورية، وطالبوا بوقفه والانسحاب الفوري للقوات التركية، وبحسب البيان الختامي للاجتماع الطارئ، فإن اجتماع مجلس الجامعة قرر إدانة العدوان التركي واعتباره تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي.
وطالب وزراء الخارجية في بيانهم بـ«وقف العدوان وانسحاب تركيا الفوري وغير المشروط من الأراضي السورية كافة»، فضلاً عن تحميل تركيا المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات لعدوانها على تفشي الإرهاب أو عودة التنظيمات الإرهابية، بما فيها تنظيم داعش الإرهابي، لممارسة نشاطها في المنطقة.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، خلال كلمته في الاجتماع، العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في شمال شرق سورية غزواً لأراضي دولة عربية، وعدواناً على سيادتها، مؤكداً أنه غزوٌ مُدان لا يُمكن أن يقبل به عربي يعتز بعروبته، ولا يُمكن أن يُقره العالم أو يتماشى معه، فمهما كانت الذرائع التي يُقدمها الغازي، يظل العدوان عدواناً مرفوضاً ومداناً وخارجاً على الشرعية والقانون الدولي.
وقال أبوالغيط، إن سورية دولة عربية عضو في هذه المنظمة، كانت وستظل، أرضها هي أرض عربية، وأمنها جزء من الأمن العربي، والاعتداء على وحدة التراب السوري هو بكل تأكيد تهديد للأمن العربي الجماعي.
وتابع: «لقد تصارعت أجندات ومصالح أجنبية على الأراضي السورية لسنوات على خلفية حرب طاحنة مزقت نسيج سورية، وهذا المجلس أدان ويُدين كل أشكال التدخل الأجنبي على الأراضي السورية، أياً كان الطرف الذي يمارسها، بل يعتبر هذه التدخلات سبباً في نكبة سورية وإطالة أمد أزمتها».
وشدّد أبوالغيط على أن العدوان التركي في ضوء هذه المعطيات لا يُمثل فقط تهديداً للاستقرار الإقليمي، وإنما يُعد خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته حيال هذا التهديد الداهم لأمن العالم، معرباً عن أسفه أن مجلس الأمن قد صادف فشلاً واضحاً، حتى الآن، في التعامل مع العدوان التركي بسبب بعض الاختلافات داخله، خصوصاً ما يتعلق بمواقف بعض الدول دائمة العضوية فيه، داعياً مجلس الأمن بما يمثله من مرجعية للشرعية الدولية لتحمل مسؤولياته حيال هذا الموضوع الخطير، والعمل بجدية أكبر من أجل التوصل لموقف دولي موحد بإدانة هذا العدوان ووقفه، وإزالة الآثار المترتبة عليه.
وطالب أبوالغيط، تركيا بالوقف الفوري والكامل لكل العمليات العسكرية وسحب قواتها التي توغلت داخل الأراضي السورية، محملاً إياها المسؤولية كاملة عن التبعات الإنسانية والأمنية التي قد تترتب على هذا العدوان الخطير.
من جانبه، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن «التداعيات خطيرة على الصعيد السياسي والإنساني، والعدوان التركي غير شرعي ومرفوض عربياً ودولياً»، وأضاف: «مرة أخرى تبرز ضرورة العمل العربي المشترك أمام التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية».
وطالب وزير الخارجية المصري سامح شكري، المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لوقف العدوان التركي على سورية، مضيفاً خلال الاجتماع أن تركيا تحاول استغلال الوضع في سورية لتبرير احتلالها، وشدد على أن العدوان التركي في ضوء هذه المعطيات لا يُمثل فقط تهديداً للاستقرار الإقليمي، وإنما يُعد خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين.
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، إن السعودية تدعم الحل السلمي للأزمة السورية وفق قرارات المجتمع الدولي، معتبراً أن الاعتداء التركي على شمال سورية يهدد بتقويض جهود الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وطالب المجتمع الدولي بمضاعفة الجهود لوقف العمليات العسكرية شمال سورية.
وأدان وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، الذي ترأس بلاده الجلسة الحالية للجامعة العربية، الهجوم التركي على سورية، وطالب الوزير العراقي الجامعة بإعادة عضوية سورية فيها.
وقال وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، خلال كلمته في الاجتماع، إن الأردن يرفض ويدين أي عدوان على سورية وأي تهديد لوحدة أراضيها وأمنها، ويطالب تركيا بالوقف الفوري للهجوم على الشمال السوري، وأن يكون المسار السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية.
وأكد الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية بالجمهورية الجزائرية، رشيد بلدهان، رفض بلاده القاطع المساس بسيادة الدول مهما كانت الظروف والأحوال، معلناً تضامن الجزائر الكامل مع سورية، وحرصها على سيادتها وسلامة أراضيها.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن بلاده ستوقف تسليم تركيا أسلحة يمكن أن تستخدم في شمال شرق سورية ضد المقاتلين الأكراد، وفق ما نقلت صحيفة «بيلد»، أمس.
ودعت قوات سورية الديمقراطية، الولايات المتحدة، أمس، إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاهها، في مواجهة الهجوم التركي، وقالت في بيان لها: «حلفاؤنا ضمنوا لنا الحماية، لكن فجأة ومن دون سابق إنذار تخلوا عنا بقرارات ظالمة من خلال سحب قواتهم من الحدود التركية»، مضيفة أن «الهجوم أنعش تنظيم داعش الإرهابي»، داعية حلفاءها إلى إغلاق المجال الجوي أمام الطيران التركي.
ميدانياً، دخل الجنود الأتراك والمقاتلون السوريون الموالون لهم، أمس، بلدة رأس العين في شمال شرق سورية، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع قوات سورية الديمقراطية «قسد» في اليوم الرابع لهجوم تواصله أنقرة، رغم تهديدات أميركية بفرض عقوبات عليها.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، سيطرتها على البلدة، الأمر الذي نفته قوات سورية الديمقراطية ومصادر أخرى، بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد عن مقتل 10 مدنيين بنيران القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها.
وخاضت «قسد» معارك عنيفة للحد من تقدم القوات التركية في مناطق سيطرتها، وتركزت المعارك في منطقتي رأس العين في شمال محافظة الحسكة وتل أبيض في شمال محافظة الرقة.
وسيطرت القوات التركية منذ بدء هجومها وفق المرصد على 23 قرية حدودية، أغلبيتها في محيط تل أبيض، وارتفعت حصيلة قتلى الهجوم التركي منذ بدايته إلى 30 مدنياً، فضلاً عن 74 مقاتلاً من قوات سورية الديمقراطية، وفق المرصد.
ونفت تركيا، أمس، استهداف قاعدة عسكرية أميركية في شمال سورية، بعدما قالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إن قوات أميركية في سورية تعرضت لنيران مدفعية تركية، وكان «البنتاغون» قد أكدت أن انفجاراً وقع على بعد أمتار من موقع أميركي قرب بلدة كوباني «عين العرب»، وحذّرت من أن الولايات المتحدة جاهزة للرد على أي اعتداء.
وتظاهر الآلاف، أمس، أمام مقر الأمم المتحدة في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق، تنديداً بالهجوم التركي على شمال شرق سورية، وردّد المتظاهرون هتافات منددة ورافضة للعملية العسكرية التركية، داعين إلى إيقافها فوراً، كما أعلنت مجموعات كردية ومنظمات معنية بالمهاجرين، تنظيمها تظاهرات في أنحاء متفرقة من ألمانيا للتنديد بالعملية العسكرية التركية في شمال سورية.
ألمانيا تعلن إيقاف تسليم تركيا أسلحة يمكن أن تستخدم ضد الأكراد في شمال شرق سورية.
«قسد» تدعو الولايات المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها في مواجهة الهجوم التركي.