السعودية تجدّد إدانتها للعدوان التركي.. واجتماع مرتقب لمجلس الأمن الدولي

قوات التحالف الدولي تنسحب من منبج.. والجيــش الســوري يسيطـــر على المدينة

مسلحون موالون لتركيا في شمال شرق سورية. أ.ب

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قوات الدولة السورية سيطرت بشكل كامل على مدينة منبج ومحيطها، وأعلن التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، مغادرة قواته منطقة منبج، غداة دخول القوات السورية إليها، بموجب اتفاق مع المقاتلين الأكراد، فيما جددت المملكة العربية السعودية إدانتها للعدوان الذي تشنه تركيا على مناطق شمال شرق سورية، وأعلنت إيطاليا وبريطانيا تعليق بيع أسلحة لتركيا، ودعت الصين وألمانيا إلى ضرورة وقف العملية العسكرية التركية.

وتفصيلاً، جدد مجلس الوزراء السعودي، خلال الجلسة التي عقدها، أمس، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إدانة المملكة العربية السعودية، للعدوان الذي تشنه تركيا على مناطق شمال شرق سورية، وما يمثله من تهديد للأمن والسلم الإقليميين، وانعكاسات سلبية على أمن المنطقة واستقرارها، واستعرض المجلس ما تضمنه القرار الختامي لأعمال الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، من مطالبة لمجلس الأمن الدولي باتخاذ ما يلزم من تدابير لوقف العدوان التركي، وضرورة اعتماد المسار السياسي سبيلاً وحيداً لتسوية الأزمة.

وذكرت مصادر دبلوماسية، أن أعضاء مجلس الأمن الدولي طلبوا عقد اجتماع جديد مغلق قد يعقد اليوم، بشأن الهجوم العسكري التركي في سورية، وطلبت عقد الاجتماع بلجيكا وألمانيا وفرنسا وبولندا وبريطانيا، وكان الاجتماع الأول للمجلس انتهى، الخميس الماضي، بانقسامات في المجلس، وبصدور بيان من الأوروبيين فقط، يطلب وقف الهجوم التركي، ثم عرقلت روسيا والصين، نصاً قدمته الولايات المتحدة، يطلب أيضاً وقف العمليات التركية في سورية.

وأعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أمس، مغادرة قواته منطقة منبج، غداة دخول القوات السورية إليها، بموجب اتفاق مع المقاتلين الأكراد، وتنفيذاً لقرار واشنطن بانسحاب الجنود الأميركيين من شمال وشمال شرق سورية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قوات الدولة السورية سيطرت بشكل كامل على مدينة منبج، و1000 كيلومتر مربع حولها، موضحة أن القوات الروسية تواصل تسيير دوريات في مناطق حدودية على طول خط التماس بين القوات السورية والتركية.

وأشارت موسكو إلى أن قواتها تقوم بدوريات على طول «خط التماس» بين الجيش السوري والقوات التركية الموجودة قرب المدينة، مؤكدة أنها لن تسمح بحصول مواجهات بين الطرفين، فيما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن وحدات من الجيش السوري دخلت مدينة منبج.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات سورية الديمقراطية (قسد) تمكنت من استعادة كامل مدينة رأس العين، القريبة من الحدود مع تركيا، في إطار الهجوم المعاكس الذي بدأته «قسد»، مساء أول من أمس، وبعد اشتباكات عنيفة مع القوات التركية والمسلحين الموالين لها في المنطقة.

من جانب آخر، أعلن الموفد الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، أن روسيا لن تسمح بمواجهات بين الجيشين التركي والسوري، ونقلت وكالة «تاس» الروسية، عن لافرنتييف قوله: «أعتقد أن مثل هذه المواجهات ستكون غير مقبولة، ولا تصب في مصلحة أحد، ولذلك، لن نسمح بأن تصل الأمور إلى هذا الحد»، موضحاً أن المسؤولين الأتراك والسوريين يجرون اتصالات لتجنب أي نزاع، وهناك مفاوضات تجري في الوقت الراهن.

وقال نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، للصحافيين في البيت الأبيض، إن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، طلب من نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، خلال مكالمة هاتفية، أول من أمس «وضع حد لغزو سورية، وإعلان وقف فوري لإطلاق النار»، وأوضح بنس أن ترامب طلب أيضاً من أردوغان الدخول في مفاوضات مع القوات الكردية في سورية.

وأتى تصريح بنس عقب إعلان وزارة الخزانة الأميركية أن الرئيس ترامب فرض عقوبات على تركيا، تشمل حتى الآن وزارتين وثلاثة وزراء، وذلك بهدف إرغام أنقرة على أن تنهي فوراً هجومها العسكري على الفصائل الكردية في شمال شرق سورية.

وقالت الوزارة في بيان إن العقوبات شملت وزارتي الدفاع والطاقة ووزراء الطاقة والدفاع والداخلية، الذين باتوا ممنوعين من دخول الولايات المتحدة، ومن إجراء أي معاملة مالية دولية بالدولار الأميركي، كما باتت أموالهم في الولايات المتحدة، إن وجدت، مجمدة.

وجاء تصريح بنس بعد إصدار وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، بياناً دان فيه بشدة الهجوم العسكري التركي، ووصفه بـ«غير المقبول».

إلى ذلك، دعت الصين تركيا إلى وقف عمليتها العسكرية ضد الأكراد في شمال سورية، والعودة إلى الطريق الصحيح المتمثل في الحل السياسي، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ للصحافيين: «يجب احترام سيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية والمحافظة عليها».

وفي السياق ذاته، طالبت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، تركيا مجدداً بإنهاء العملية العسكرية في شمال سورية، وقالت، أمس، عقب لقائها رئيسة الوزراء النرويجية، إرنا سولبرغ، في برلين، إن هذه العملية تجلب معها على نحو واضح الكثير من المعاناة الإنسانية.

وأعربت ميركل عن رضاها عن الإدانة الشديدة للعملية العسكرية من قبل كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في لوكسمبورغ، أول من أمس، وقالت: «أنا سعيدة بأنه كانت هناك وحدة في الموقف».

وذكرت ميركل أنه يتعين أيضاً التحدث عن هذا الموضوع داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، المنتمية إليه تركيا، ولم تتحدث المستشارة عما إذا كانت هناك عواقب محتملة داخل «الناتو» على تصرف تركيا.

وأعرب رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، وأمين عام حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في بيان مشترك، أمس، عن قلقهما البالغ من الوضع في شمال سورية، خلال اجتماع في لندن، وطالبا بإنهاء العملية العسكرية التركية، كما أعلن وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أمس، تعليق صادرات الأسلحة إلى تركيا، التي يمكن أن تُستخدم في الهجوم التركي.

واعتبر رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، أن تركيا والولايات المتحدة تتحملان مسؤولية كبيرة جداً، إزاء الوضع في شمال شرق سورية، وفي المنطقة بشكل عام.

وأكد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، أن بلاده ستحظر صادرات السلاح لتركيا، بسبب هجومها على الأكراد في شمال سورية، وقال أمام البرلمان: «حل أزمة سورية يجب أن يكون دبلوماسياً لا عسكرياً».

في المقابل، أكدت تركيا، أمس، أنها ستواصل عمليتها العسكرية شمال شرق سورية «مع دعم العالم أو من دونه»، بحسب ما قال مدير التواصل في الرئاسة التركية، فخرالدين ألتون، لوكالة «فرانس برس»، فيما هاجم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مقال نشر، أمس، في صحيفة «وول ستريت جورنال»، فرنسا، على خلفية قرارها تعليق بيع أسلحة لتركيا، قد تستخدم في إطار الهجوم على سورية.

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس، إنه ربما يجري تحميل تركيا المسؤولية عن عمليات إعدام تعسفية نفذتها جماعة مسلحة مرتبطة بها، بحق عدد من المقاتلين الأكراد وسياسي، وقيل إنها ظهرت في تسجيلات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في مطلع الأسبوع.

وقال المتحدث باسم المكتب، روبرت كولفيل، في إفادة صحافية في جنيف، إن المكتب حصل على لقطات تصور عمليات القتل قرب منبج، وقال كولفيل: «تركيا قد تعتبر دولة مسؤولة عن انتهاكات جماعات تابعة لها، طالما تمارس سيطرة فعالة على هذه الجماعات».

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية أن منظمات الإغاثة الدولية أوقفت عملها وسحبت موظفيها من شمال شرق سورية، محذرة من التداعيات الإنسانية لذلك، وذكرت «منظمة أطباء بلا حدود» أنها علقت معظم أنشطتها بسبب الضربات الجوية التركية.


بريطانيا وإيطاليا تعلقان بيع أسلحة لتركيا.. والصين وألمانيا تطالبان بإيقاف هجوم أنقرة على شمال سورية.

تويتر