القضاء يدّعي على نجيب ميقاتي بتهمة «الإثراء غير المشروع»

المتظاهرون يصرون على مواصلـة حراكهم والجيش اللبناني يفتح الطرق بالقــوة

متظاهرون يلوّحون بالعلم اللبناني فيما تقوم قوات الجيش بحصارهم لفتح الطرق. أ.ف.ب

أطلق الجيش اللبناني، أمس، عملية واسعة في أنحاء البلاد لفتح الطرقات المقطوعة منذ نحو أسبوع بسبب الاحتجاجات، واستخدم القوة في فتح بعضها شمال بيروت، وكثّفت قوات الأمن وجودها في عدد من المناطق، فيما أصر المتظاهرون الناقمون على أداء الطبقة السياسية في لبنان، والمطالبون برحيلها، على شلّ البلد ومرافقه لمضاعفة الضغط على السلطات، بينما ادعى القضاء اللبناني على رئيس الوزراء السابق، نجيب ميقاتي، وابنه وشقيقه، وعلى بنك عودة، بتهمة «الإثراء غير المشروع».

وتفصيلاً، عملت وحدات الجيش اللبناني، أمس، على فتح الطرق الدولية بالقوة في مناطق عدة، ما تسبّب في حالات تدافع مع رفض المتظاهرين ترك الطرق.

وجاء ذلك بعد أن بدأ المتظاهرون، في وقت مبكر أمس، عملية قطع الطرق الرئيسة وحتى الداخلية، في محاولة لمنع السكان من الالتحاق بمراكز عملهم، إلا أن وحدات الجيش التي نفذت انتشاراً غير مسبوق منذ بدء الحراك عملت على فتح الطرق تدريجياً.

وأكد مصدر عسكري لبناني رفيع وجود «قرار بفتح الطرق العامة وتسهيل تنقل المواطنين».

وفي منطقة نهر الكلب شمال بيروت، الطريق الدولي الرئيس الوحيد الذي يربط شمال لبنان بالعاصمة، شاهد مصور «فرانس برس» نحو 300 جندي تقريباً وهم يفتحون الطريق، ويزيلون العوائق التي وضعها المتظاهرون بالقوة، وسط حالة من التدافع والفوضى.

وتكرر المشهد ذاته في مناطق أخرى، بينها جل الديب، شمال بيروت، حيث رفض المتظاهرون فتح الطريق وردّدوا «الشعب يريد إسقاط النظام».

وأحصت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية إصابة ثلاثة متظاهرين بجروح، واعتقال عدد من المتظاهرين، تم إطلاق سراحهم لاحقاً.

وفي وسط بيروت، اختار عدد من المتظاهرين قطع طريق مؤد إلى وسط بيروت بأجسادهم، بعدما أزالت القوى الأمنية عوائق حديدية وحجارة وضعوها لمنع حركة السير صباحاً.

وقال حسن (27 عاماً)، وهو موظف في محل لبيع الهواتف الخلوية: «الناس لم تعد تخاف، وهذا التحرك كسر حاجز الخوف لديها».

وأوضح ميشال خيرالله (28 عاماً)، وهو موظف في ناد ليلي: «نزلنا باكراً حتى نتمكن من قطع الطرق، ومنع الناس من التوجه إلى أعمالها، بهدف شلّ البلد».

وأضاف «إقفال الطرق هو وسيلة ضغط حتى تتحقق مطالبنا»، موضحاً «أنا أيضاً لم أتوجه إلى عملي منذ أيام، ولا أعرف كيف سأدفع إيجار منزلي، لكنني رغم ذلك أشعر بأمل كبير في ما نقوم به».

وأبقت الجامعات والمدارس والمصارف أبوابها مقفلة، أمس.

ولم تلق الإجراءات الإصلاحية التي أقرتها حكومة الرئيس سعد الحريري على عجل، الإثنين الماضي، صدى لدى المتظاهرين، الذين يؤكدون أنهم فقدوا «الثقة» بالطبقة السياسية التي يأخذون عليها فسادها ونهبها لمقدرات الدولة، وسوء إدارتها للبلاد وأزماته الاقتصادية.

وتتضمن الإجراءات، وفق خبراء، إصلاحات جذرية، لم يكن ممكناً التوصل إليها لولا حراك الشارع، من بينها إقرار موازنة عام 2020 مع عجز نسبته 0.6%، ومساهمة القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز 5000 مليار ليرة (3.3 مليارات دولار) خلال عام 2020، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%.

وتعهدت الحكومة العام الماضي أمام المجتمع الدولي بخفض النفقات العامة، وبمشروعات إصلاحية، مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار، أقرها مؤتمر سيدر. إلا أن تباين وجهات النظر داخل الحكومة التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، حال دون الوفاء بهذه الالتزامات.

ويرى محللون أن مستقبل التظاهرات في البلاد ليس واضحاً بعد، خصوصاً في غياب ممثلين عن الحراك الشعبي.

ويقول المتظاهر ميشال خيرالله في بيروت «الحراك بالتأكيد قادر على إفراز قيادات جديدة. ثمة سياسيون أكفاء ليسوا في الحكم، وشباب لديهم الكفاءة اللازمة ينتظرون أن يُعطى لهم المجال».

من ناحية أخرى، ادعى القضاء اللبناني، أمس، على نجيب ميقاتي وابنه وشقيقه طه، وعلى بنك عودة، بتهمة «الإثراء غير المشروع»، حيث جاء هذه الإجراء النادر من نوعه في لبنان بعد يومين من إقرار حكومة الحريري رزمة إصلاحات، تضمنت إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وإقرار قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية العام، في محاولة لاحتواء غضب الشارع الناقم على الفساد والهدر.

ويعدّ الشقيقان ميقاتي، وهما من مدينة طرابلس شمالاً، من أكبر أثرياء لبنان. وأدرجتهما مجلة «فوربس»الأميركية في قائمتها لأثرياء العالم لعام 2019، مقدرة ثروتهما بخمسة مليارات دولار، يتقاسمانها مناصفة.

وأوردت الوكالة أن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضية غادة عون «ادعت على ميقاتي وابنه ماهر وشقيقه طه، وبنك عودة، بجرم الإثراء غير المشروع من طريق حصولهم على قروض سكنية مدعومة، وأحالتهم أمام قاضي التحقيق الأول للتحقيق معهم».


- اختار عدد من المتظاهرين، في وسط بيروت، قطع

طريق مؤدٍ إلى وسط المدينة بأجسادهم،

بعدما أزالت القوى الأمنية عوائق حديدية وحجارة،

وضعوها لمنع حركة السير صباحاً.

تويتر