قتيلان إثر مصادمات بين قوات الأمن ومتظاهرين في «جمعة الصمود» وسط بغداد
سقط قتيلان وأصيب العشرات، إثر مصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية في ساحة الخلاني وسط العاصمة العراقية بغداد، حيث احتشد عدد كبير من المتظاهرين في تظاهرات أطلقوا عليها تسمية «جمعة الصمود». من جانبها، صعدت المرجعية الدينية في العراق من نبرتها، مؤكدة دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ومشدّدة على أنها ستُشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام.
وتفصيلاً، قال شهود عيان، إن «القوات الأمنية اصطدمت بالمتظاهرين الذين اكتظت بهم ساحتا الخلاني والتحرير عصر أمس، إثر انتهاء خطبة الجمعة حيث استخدمت الغازات المسيلة للدموع، ما أدى إلى مقتل متظاهرين اثنين وإصابة أكثر من 35 آخرين، حالات بعضهم حرجة». وأضاف الشهود أن «القوات الأمنية تعاملت بقسوة مع المتظاهرين، فيما سادت عملية الكر والفر بين المتظاهرين والقوات الأمنية».
وساد الهدوء مساء أمس، في ساحة الخلاني المحصنة بكتل أسمنتية تفصل القوات الأمنية باتجاه جسر السنك وشارع الجمهورية، فيما تفصل المتظاهرين باتجاه ساحة التحرير.
وعاشت المدن العراقية، أمس، يوماً جديداً من الاحتجاجات تحت عنوان «جمعة الصمود»، بعد ليلة قُتل فيها متظاهر وأصيب 40 آخرون، خلال اشتباكات في وسط بغداد، حسبما أفادت مصادر عراقية.
وتوافد المئات من العراقيين إلى ساحات التظاهر للمشاركة في التظاهرات والاعتصامات الشعبية المتواصلة منذ 22 يوماً حاملين أعلام العراق.
وانتشرت القوات الأمنية معززة بآليات عسكرية في جميع الشوارع المؤدية إلى ساحات التظاهر، وفي محيط الأبنية الحكومية والمصارف.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل، قيام عدد من المتظاهرين الغاضبين بإسقاط جدار أسمنتي وضع في ساحة الخلاني من أجل إعاقة تقدم المحتجين، كما أفيد عن إطلاق القوات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر وقوع كر وفر بين المتظاهرين والأمن في بغداد، كما شهدت مناطق عراقية عدة توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين.
إلى ذلك، أشار المصدر الى أن أغلب الإصابات في بغداد اقتصرت على حالات الاختناق جراء الغاز المسيل للدموع.
وكانت دعوات وجهت سابقاً لحشد أعداد كبيرة في ما اصطلح على تسميته «جمعة الصمود» في بغداد وغيرها من المناطق العراقية.
وفي خطبة الجمعة، أكد المرجع الديني في العراق، علي السيستاني، أن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ستشكل انعطافة كبيرة، بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على انطلاق تظاهرات مطالبة بـ«إسقاط» النظام في بغداد ومدن جنوبية عدة.
وقال السيستاني في الخطبة التي تلاها ممثله أحمد الصافي في كربلاء، والتي تعد الأعلى نبرة منذ بدء الاحتجاجات:
«إن ما قبل التظاهرات ليس كما بعدها»، وأضاف: «إن كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فهم واهمون».
وأكد: «لن يكون العراق ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك».
كما جدّد السيستاني مساندة الاحتجاجات في العراق، مؤكداً على الالتزام بسلميتها، ومطالباً بمحاسبة وملاحقة أي مرتكب لأعمال العنف في العراق، وقال: «عدم وجود إجراءات جدية لملاحقة الفاسدين يثير شكوكاً حول قدرة القوى السياسية العراقية على تنفيذ مطالب المتظاهرين».
ودان «الاعتداء على المتظاهرين العراقيين بالقتل أو الخطف أو الترويع، والاعتداء على قوات الأمن والممتلكات العامة والخاصة».
وطالب بضرورة الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات، يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية.
وأشار إلى أن «التدخلات الخارجية تنذر بتحويل العراق إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية وإقليمية».
وتابع: «لا يجوز السماح لأي طرف خارجي بالتدخل في معركة الإصلاح الداخلية التي يخوضها الشعب العراقي».
وأكد السيستاني أن «المواطنين لم يخرجوا إلى التظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد».
واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم «بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم، وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر».
وتسعى الأمم المتحدة لأن تكون عرابة الحل للأزمة العراقية، من خلال وضع خريطة طريق واجتماع عقدته مع المرجعية الدينية في العراق، الإثنين الماضي، بعد توصل الأحزاب السياسية في البلاد، من خلال تدخل إيران، إلى اتفاق على بقاء النظام.
ويأتي ذلك في ظل مطالبة متظاهرين ومنظمات من المجتمع المدني بالتحقيق الفوري عن الجهة التي استوردت أو زودت القوات الأمنية العراقية بقنابل الغاز المسيل للدموع، بعد تصريح وزير الدفاع العراقي بأن الحكومة لم تكن الطرف المستورد لهذا النوع القاتل من القنابل.
السيستاني:
«الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ستشكل
انعطافة كبيرة، وأن ما قبل التظاهرات ليس
كما بعدها».