بعد دعوة السيستاني مجلس النواب إلى سحب الثقة من الحكومة
رئيس الوزراء العراقي يعلن عـزمه تقديم استقالته للبرلمان
أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، عزمه على الاستقالة، بعيد دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، في خطبة صلاة الجمعة، أمس، مجلس النواب العراقي إلى سحب الثقة من الحكومة، غداة أحد الأيام الأكثر دموية في حركة الاحتجاج المستمرة منذ شهرين.
وبدا واضحاً للمرة الأولى، دعم المرجع السيستاني (89 عاماً) للاحتجاجات الغاضبة التي تدعو منذ الأول من أكتوبر، إلى «إقالة الحكومة»، وتغيير الطبقة السياسية التي تسيطر على العراق منذ 16 عاماً، مع اتهامها بالفساد، وهدر ثروات هذا البلد.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة، التي تلاها ممثله أحمد الصافي في كربلاء، إن «مجلس النواب الذي انبثقت عنه الحكومة الراهنة، مدعوّ إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن، ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق، والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب».
وندد السيستاني، بالهجمات على المحتجين، وحث نواب البرلمان على إعادة النظر في مساندتهم الحكومة.
وحذر السيستاني من «الانجرار إلى الاقتتال الداخلي، ومن ثم إعادة البلد إلى عصر الدكتاتورية المقيتة»، وحث القوات الحكومية على الكف عن قتل المتظاهرين، في الوقت الذي ناشد فيه المتظاهرين أنفسهم رفض كل أشكال العنف.
جاءت تصريحات السيستاني غداة سقوط أكبر عدد من القتلى، خلال أسابيع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وبعد أن أحرق محتجون القنصلية الإيرانية، قتلت قوات الأمن بالرصاص 62 شخصاً في جميع أنحاء البلاد، الخميس الماضي، مع تصاعد الاشتباكات في المحافظات الجنوبية.
وبعد ساعات، أعلن عبدالمهدي (77 عاماً) المستقل، الذي تولى منصبه منذ أكثر من عام، عزمه على الاستقالة، وقال في بيان «سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية، ليتسنى للمجلس إعادة النظر في خياراته».
وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء أن قرار عبدالمهدي جاء استجابة لدعوة لتغيير القيادة أطلقها السيستاني.
وجاء في البيان الذي وقعه عبدالمهدي «استجابة لهذه الدعوة، وتسهيلاً وتسريعاً لإنجازها بأسرع وقت، سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي، بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية».
وجاء نص بيان الاستقالة «استمعت بحرص كبير إلى خطبة المرجعية الدينية العليا، وذكرها أنه «بالنظر إلى الظروف العصيبة التي يمر بها البلد، وما بدا من عجز واضح في تعامل الجهات المعنية مع مستجدات الشهرين الأخيرين، بما يحفظ الحقوق، ويحقن الدماء، فإن مجلس النواب الذي انبثقت عنه الحكومة الراهنة، مدعو إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن، ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق، والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب».
وأضاف البيان «استجابة لهذه الدعوة وتسهيلاً وتسريعاً لإنجازها بأسرع وقت، سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي، بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية، ليتسنى للمجلس إعادة النظر في خياراته، علماً أن الداني والقاصي يعلم أنني سبق أن طرحت هذا الخيار علناً، وفي المذكرات الرسمية، وبما يحقق مصلحة الشعب والبلاد».
ولم يحدد البيان متى سيقدم عبدالمهدي استقالة حكومته. ومن المقرر أن يجتمع البرلمان غداً.
وعلى الفور، هتف متظاهرون في ساحة التحرير بوسط بغداد، معبرين عن فرحهم بهذه الخطوة التي تندرج في إطار مطالبهم بـ«إسقاط الحكومة»، وتغيير القادة السياسيين. وقال أحد المتظاهرين «هذا أول نصر لنا، وستكون هناك انتصارات أخرى على الآخرين».
وأضاف وسط هتافات وأبواق عربات «التوك توك» الثلاثية العجلات، التي باتت رمز الاحتجاجات في بغداد، «إنه انتصار كذلك للشهداء الذين سقطوا» خلال الاحتجاجات. ويقدر عدد هؤلاء بأكثر من 400 عراقي، منذ الأول من أكتوبر، إضافة إلى آلاف المصابين والمعوقين.
وقتل خمسة متظاهرين بالرصاص الحي، وأصيب عشرات أمس، في مدينة الناصرية بجنوب العراق، خلال مواجهات دامية بين المحتجين وقوات الأمن، بحسب ما أفادت مصادر طبية.
وكان مدير شرطة المدينة الجنوبية، أعلن في وقت سابق أمس، استقالته، غداة استقالة المحافظ وإقالة القائد العسكري المكلف إدارة خلية الأزمة، عقب أعمال الفوضى الدامية في المدينة التابعة لمحافظة ذي قار، التي تضم آثاراً تاريخية.
وفي مدينة الديوانية، جنوب البلاد، حيث أقيم تشييع رمزي تكريماً لـ46 متظاهراً قتلوا الخميس بالرصاص في مدن متفرقة من البلاد، أعرب متظاهر عن سعادته، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «مشكلتنا ليست رئيس الوزراء (فقط)، نريد أن ترحل جميع الأحزاب».
وقال المحامي سجاد حسين، (35 عاماً)، متحدثاً من ساحة التظاهر وسط مدينة الكوت، جنوب بغداد، إن «هذه الاستقالة بداية لتنفيذ مطالب المحتجين، وانطلاقة لتصحيح مسار العملية السياسية وحقن الدماء».
ورحبت جهات بينها كتل سياسية بالدعوة التي كان أطلقها المرجع الشيعي، وقال تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، «ندعو مجلس النواب العراقي لعقد جلسة خاصة اليوم (السبت) لسحب الثقة عن الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة مستقلة».
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أكد مراراً أن عدم استقالة الحكومة سيكون «بداية النهاية بالنسبة للعراق».
كما أعرب تحالف «الفتح» الذي يمثل فصائل الحشد الشعبي المدعومة أغلبها من إيران، ويعتبر ثاني أكبر الكتل البرلمانية، عن موقفه المؤيد لتوجيهات المرجعية الشيعية.
وقال قيس الخزعلي، أحد أبرز قادة فصائل الحشد الشعبي، في تغريدة «أمري لأمركُم مُتبع»، في إشارة للمرجعية الشيعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news