انسحاب الميليشيات من محيـط السفارة الأميركية في بغداد
انسحب جميع المتظاهرين من أنصار ميليشيات الحشد الشعبي من محيط السفارة الأميركية في بغداد، أمس، بموجب قرار من قيادته غداة اقتحامها من قبل محتجين غاضبين، حيث فككوا خيام الاعتصام التي نصبوها بالمكان، فيما انتشرت قوة خاصة عراقية حول مبنى السفارة الأميركية ببغداد عقب الانسحاب، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إرسال 750 جندياً إضافياً إلى الشرق الأوسط.
ويأتي انسحاب الميليشيات بعد مرور يوم من الاعتصام أمام السفارة الأميركية ونصب الخيم، إثر هجوم نفذه محتجون غاضبون تنديداً بالغارات الجوية التي استهدفت كتائب «حزب الله»، الفصيل الموالي لإيران والمنضوي ضمن الحشد الشعبي، وأسفرت عن سقوط 25 قتيلاً.
وتوجه المتظاهرون الى مخارج المنطقة الخضراء المحصنة، حيث مقر السفارة وساروا وهم يهتفون «حرقناهم»، فيما قامت شاحنات بنقل هياكل حديدية وخيم استخدمها هؤلاء المتظاهرون للاعتصام المفتوح الذي كانوا أعلنوه أول من أمس، عند محيط السفارة.
وكان الحشد الشعبي دعا في وقت سابق في بيان وجهه الى أنصاره الى «الانسحاب احتراماً لقرار الحكومة العراقية التي أمرت بذلك وحفاظًا على هيبة الدولة»، مضيفاً أنه «يقول للجماهير الموجودين هناك إن رسالتكم وصلت».
وبعد أن رفضت كتائب «حزب الله» الفصيل الموالي لإيران الذي استهدف بالغارات الأميركية ليل الأحد في غرب العراق، والتي أسفرت عن 25 قتيلاً، الامتثال في بادئ الأمر لأوامر الحشد الشعبي بالانسحاب، إلا أنها وافقت بعد ذلك على الخروج من المنطقة الخضراء في مسيرة.
وقال عضو المكتب السياسي في الكتائب محمد محي الدين: «حققنا المنجز أغلقنا السفارة والرسالة وصلت، الرسالة الثانية هي انسحاب القوات الأميركية والكرة ألقيناها في ملعب البرلمان».
وجرى إغلاق المنطقة الخضراء، أمس، غداة اقتحامها من قبل المتظاهرين من دون تسجيل صدامات. وبدا أنّ قرار الإغلاق اتخذ منعاً لالتحاق متظاهرين آخرين بمئات العراقيين الذين قرروا أول من أمس البقاء في محيط السفارة احتجاجاً على مقتل 25 مقاتلاً من عناصر كتائب «حزب الله».
وقام متظاهرون، أول من أمس، برشق مجمع السفارة بالحجارة، وسط هتاف «الموت لأميركا».
وكان البعض يُنزلون الفراش والأغطية والمؤن من الحافلات، لمواصلة الاعتصام المفتوح عند أبواب السفارة، قبل أن يصدر أمر الحشد الشعبي.
وفي وقت سابق، تفاوض ضباط كبار في الجيش العراقي مع المحتشدين خارج السفارة في محاولة لإقناعهم بالمغادرة، لكن من دون جدوى. وتضغط واشنطن على القادة العراقيين لضمان أمن موظفي السفارة.
وأعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أن فرنسا تدين «بشدة» هجوم آلاف المتظاهرين المؤيدين لإيران، أول من أمس، على السفارة الأميركية في بغداد، معربة عن «تضامنها التام» مع الولايات المتحدة.
وصرحت الوزيرة من مضيق هرمز، حيث قضت ليلة رأس السنة إلى جانب طاقم فرقاطة كوربيه الفرنسية «تدين فرنسا بشدة الهجمات ضد مواقع التحالف الدولي في العراق ومحاولات اقتحام السفارة الأميركية في بغداد»، وفق بيان نشر أمس.
وفي طهران، تم استدعاء القائم بأعمال السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الأميركية في إيران، للاحتجاج على تصريحات المسؤولين الأميركيين «المثيرة للحروب» في العراق المجاور.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن «القائم بالأعمال السويسري استدعي إلى وزارة الخارجية على خلفية مواقف لمسؤولين أميركيين في ما يتعلق بالتطورات في العراق». وأضافت أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية أبلغت احتجاج إيران الشديد على تصريحات المسؤولين الأميركيين المنتهكة لميثاق الأمم المتحدة والمثيرة للحروب» وفق وكالة تسنيم للأنباء.
ويثير الاعتداء على السفارة والغارات الأميركية التي سبقتها واستهداف مقرات تضم أميركيين بقذائف، الخشية من تحوّل العداوة الأميركية-الإيرانية إلى نزاع مفتوح في العراق، البلد الذي يتخذ في الوقت نفسه من الولايات المتحدة وإيران حليفين له.
وقررت واشنطن نشر 750 جندياً إضافياً في الشرق الأوسط، و«من المحتمل جداً» إرسالهم إلى العراق وفق ما قال مسؤول أميركي أمس.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنّ الاعتداء نفذه «إرهابيون»، في إشارة إلى قياديين في الحشد الشعبي الذي لعب دوراً في الحرب على المتطرفين إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والسلطات العراقية.
وكان قادة في الحشد موجودين في الموكب الذي كان متجهاً نحو السفارة الأميركية، أول من أمس، فيما كان بعض من قادته العسكريين يلتقطون صوراً وسط الدخان والزجاج المحطم لبعض معدات السفارة.
ومنذ انسحابها من العراق في 2011 عقب ثمانية أعوام من الاحتلال، خسرت الولايات المتحدة من نفوذها في هذا البلد.
وتؤكد الشعارات المكتوبة على أسوار السفارة ذلك، إذ كان من بينها «لا لأميركا» و«سليماني قائدي»، في إشارة إلى قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي كان بدأ المفاوضات لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تهز العراق منذ الأول من أكتوبر احتجاجات شعبية ضد السلطة المتهمة بالفساد وانعدام الكفاءة، ولكن أيضاً ضد النفوذ الإيراني.