المجتمع المصري يواجه عاصفة «التنين» بمبادرات شعبية
تعرضت مصر لأحوال جوية مضطربة بدءاً من فجر الخميس الماضي، وحتى أمس، فيما سمي بـ«عاصفة التنين»، وتضمنت هذه الأحوال هبوب رياح مثيرة للرمال وعواصف وسقوط أمطار غزيرة بشكل لم تشهده البلاد منذ عام 1994، بحسب خبراء الأرصاد الجوية، وفي حين أعلنت الجهات الرسمية حالة الاستنفار منذ الساعات الأولى، والتي تجلت أبرز مظاهرها في تشكيل غرفة عمليات لمتابعة الموقف يترأسها رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، برز بالتوازي دور المجتمع المدني المصري الذي بادر أفراده وجماعاته بالتكاتف وطرح مبادرات شعبية، لمواجهة تداعيات الكارثة الطبيعية في مختلف المناطق بأشكال مختلفة.
ففي القاهرة بمحيط ميدان رمسيس حيث محطة السكك الحديدية المركزية، فتح مسجد «الفتح» و«الكنيسة الكاثوليكية» أبوابهما لاستقبال المتضررين من الطقس السيّئ أو المسافرين العالقين أو الموجودين في الشارع لأسباب مختلفة، وتم تقديم وجبات ساخنة وبطاطين لهم، كما تم تجهيز أماكن للمبيت للراغبين منهم في ذلك، وتقدم بالعرض نفسه فنادق شعبية عدة، وأصحاب منازل ومحال مختلفة.
وفي أماكن مختلفة، تشكلت مجموعات من عشرات الشباب المتطوعين ممن وضعوا أرقام هواتفهم على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لعرض خدماتهم المجانية على المتأثرين بحالة الطقس، كما تشكلت مجموعات نوعية تحت اسم «كلنا لبعض» يمتلك أعضاؤها سيارات دفع رباعي، وقاموا بمساعدة عشرات السيارات المتعطلة وسط مياه الأمطار، حتى إن أحد هؤلاء المتطوعين تعرضت سيارته لمشكلة كبيرة، فعرضت عليه وكالات وأفراد والهيئة العربية للتصنيع إصلاحها دون مقابل، نظير العمل التطوعي المجاني الذي قام به.
وفي أحياء عابدين ولاظوغلي والسيدة زينب بالقاهرة، فتحت مطاعم أبوابها لتقديم وجبات ساخنة ومشروبات وللاستضافة وإمكانية المبيت لمن لا تسمح ظروفهم بالتحرك، وفي المعادي، قامت مجموعات من الشبان بمساعدة العالقين على الطريق الدائري وطريق الأوتوستراد.
وفي محافظة بني سويف، هرعت أعداد ضخمة من أبناء المدينة إلى محطة السكك الحديدية بعد صدور قرار بتوقف القطارات، وهم يقدمون الأطعمة والأغطية للركاب العالقين، ويفتحون الأماكن المجهزة لاستضافتهم.
وفي محافظة المنيا، أطلق الأسقف العام لإبراشية المنيا وأبوقرقاص، الأنبا مكاريوس، مبادرة بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لنزول الشباب إلى الشارع لمساعدة المحتاجين وإعانتهم، وبادر هو ومجموعة من الشباب بالنزول، والتحم المسؤولون التنفيذيون معهم، ونسقوا جهود المساعدة.
وفي الوادي الجديد، فقد عامل كهرباء حياته بعد أن حاول إنقاذ سكان منطقة من ماس كهربائي، فصعقه التيار، وفي نويبع، خاطر مدرب ألعاب الدفاع عن النفس، أحمد شعبان بحياته لإنقاذ 21 فرداً من أصدقائه وأسرته بينهم زوجته، فاجأهم سيل قدم من خلف أحد الجبال، وبعد تمكنه من إنقاذهم بمن فيهم زوجته سقطت عليه صخرة وأودت بحياته.
«كلنا لبعض» أنقذت عشرات السيارات المتعطلة والغارقة وسط مياه الأمطار.