مرونة وعزلة.. كورونا يدفع الملايين للعمل من المنازل في الولايات المتحدة
أصبح ملايين الموظفين في شركات في أنحاء الولايات المتحدة يعملون من منازلهم للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
يتلقى ديفيد تولنر رسائل على هاتفه الذكي تفيده بأنه قد تم وضع الطعام خارج باب غرفته حيث عزل بعد إصابته بنوبة من السعال.
ولا تتهاون زوجته ميترا أهاني مع حالته الصحية، خصوصا مع ظهور فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، رغم أنها تعرف أن زوجها قد يكون مصابا بنزلة برد لا أكثر.
وبعد عودة تولنر إلى منزلهما قرب سانتا كروز من مؤتمر في بالتيمور، أقنعته بالتوّجه مباشرة إلى الحمام وتركت الأبواب مفتوحة حتى لا يلمسها ومسحت حقيبته بمادة مطهرة.
وعندما بدأ السعال عزل تولنر في غرفة احتياطية في المنزل.
وأكدت أهاني الرئيسة التنفيذية لمركز يقدم الدعم التعليمي للأطفال المعوّقين والتي أصبحت مثل الملايين الذين يعيشون في هذه المنطقة تعمل عن بعد لمحاربة انتشار الفيروس «لقد حبسته في غرفة الضيوف».
وأضافت «ربما أصيب بنزلة برد خفيفة هناك. لكن كلامي عن الفيروس أخافه، وكان في حاجة إلى ذلك».
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، اعترف تولنر بأنه في «ورطة».
وقال «أنا هنا في الزنزانة أنتظر الطعام والماء. أقبع هنا منذ أيام وأحاول الآن عدم إصابة الآخرين بشيء لا أعرف إذا كنت مصابا به».
ويعتمد تولنر على الكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي الخاص به لإدارة شركة المحاماة التي يملكها في مدينة سان خوسيه في سيليكون فالي.
وعلى غرار عشرات الملايين في أنحاء الولايات المتحدة حيث تغلق المؤسسات التعليمية واحدة تلو الأخرى وتدعو الشركات موظفيها إلى العمل عن بعد، تتجنب أسرة تولنر الخروج، وتعتمد بدلا من ذلك في حياتها اليومية على التكنولوجيا المنتشرة في هذه المنطقة.
وتطلب أهاني معظم ما تحتاج إليه من خدمة توصيل البقالة عبر الإنترنت وتستلم الأغراض فيما تضع قفازين، كما أنها تمسحها بالمطهرات عند وصولها.
وتعمل مارثا لاكريتز-بلتيير وهي محامية في مجموعة «تيكسوب» غير الربحية من منزلها الذي يضم حديقة في أوكلاند حيث يعيش معها كلبان وطَيْران.
وقالت «بصراحة، أستمتع نوعا ما بمرونة العمل من خلال الاستلقاء في السرير والعمل على جهاز الكمبيوتر المحمول. أحب أن أكون قادرة على الجلوس في الخارج والحصول على بعض أشعة الشمس».
توضح «سلاك» وهي منصة للتعاون عن بعد للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الأدوات والتقنيات المتوفرة للموظفين والتي تسمح لهم بالعمل معا في ذات الوقت ودون الحاجة للتواصل جسديا.
وأوضح ناطق باسم الشركة لوكالة فرانس برس «العزلة بين أبرز التهديدات على الانخراط بين أعضاء الفريق وحماستهم ويمكن أن تحدث بصمت يوما بعد يوم».
وأضاف «إن الحفاظ على الصداقات والتشجيع والتعاون المتبادل، يمكنها أن تحدث فرقا كبيرا في الأسابيع المقبلة».
وفي أنحاء سيليكون فالي، أخليت الشوارع مع تفشي الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 50 شخصا حتى الآن في الولايات المتحدة.
وكان عدد الأشخاص في مجمع «غوغل» في ماونتن فيو قليلا خلال منتصف النهار، وهو الوقت الذي تتنزه فيه الحشود عادة أو تتناول وجبات الطعام من أكشاك الطعام أو المحطات الخاصة في حرم عملاق التكنولوجيا.
وفي مقر «فيس بوك» الذي أغلق في مدينة مينلو بارك القريبة، رُكنت مركبات النقل العام الكهربائية في المواقف التي بدت فارغة على غير عادتها.
وكانت حركة المشاة قليلة جدا في بالو ألتو، نقطة الالتقاء الاجتماعي في سيليكون فالي، وكذلك في جامعة ستانفورد القريبة التي علقت الفصول الدراسية المباشرة.
وقال النادل في مقهى «زومبي رانر» زاك تيرونيس لوكالة فرانس برس «كان الشارع أكثر هدوءا لكننا انشغلنا طوال اليوم».
وأضاف «أعتقد أن الأشخاص الذين يعملون من منازلهم يصابون بالجنون ويأتون للترفيه بعض الشيء. لقد غسلت يدي حوالى 200 مرة اليوم».
وكان الطالبان في جامعة ستانفورد إندي شين وياكينغ يانغ وكلاهما من الصين، يجلسان إلى طاولة على الرصيف ويدرسان سويا.
وقال شين وهو من مدينة قريبة من شنغهاي «لدينا مجتمعات في الحرم الجامعي وبعضها ينهار نوعا ما بسبب المشكلات الصحية».
ويحاول يانغ التمسك بروتين محدد، ووضع جدولا زمنيا لنفسه بتمضية الوقت تحت أشعة الشمس والدراسة مع رفاقه مثل شين.
وأوضح يانغ وهو من عاصمة سيشوان «أعتقد أنه من المهم أن نكون على اتصال بالعالم رغم مراعاة التباعد الاجتماعي».