حالة تعبئة في العالم للتصدي لـ«كورونا».. وبارقة أمل في الصين
من أوروبا إلى أستراليا مروراً بدول بقيت مشككة لفترة طويلة، بات العالم في حالة تأهب قصوى في مواجهة فيروس كورونا المستجد، فيما أصبحت إيطاليا الدولة التي تدفع الثمن الأكبر في أوروبا. وفي وقت قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن جهاز الاستخبارات «الموساد» تمكن من جلب 100 ألف وحدة اختبار لفيروس كورونا إلى إسرائيل؛ ظهرت في الصين بارقة أمل، حيث لم تسجل أي إصابة جديدة من منشأ محلي.
ولمواجهة ما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه «عدو للإنسانية» أصيب به نحو 210 آلاف شخص وأودى بحياة أكثر من 9000، ويهدد بإغراق العالم في الركود، أعلن عن مساعدات بمئات المليارات في أوروبا والولايات المتحدة.
ويبدو أن البورصات الأوروبية رحبت بهذه الخطوات وانتعشت قليلاً أمس بعد تدهور في الأيام الماضية.
وإيطاليا هي البلد الأوروبي الذي يدفع الثمن الأكبر في القارة العجوز مع اقتراب حصيلة الوفيات فيه من 3000 شخص، بينما يبدو أن الوباء لم يبلغ بعد «ذروته».
وبعد أسبوع على بدء تطبيق إجراءات العزل العام، سجلت إيطاليا أول من أمس وفاة 475 شخصاً خلال 24 شخصاً، في أخطر حصيلة تسجل في بلد واحد، وقد تجاوزت حتى الأرقام الصينية في أوج انتشار المرض في ووهان، بؤرته الأولى.
بهذه الوتيرة يمكن أن تتقدم إيطاليا التي بلغ مجموع الوفيات فيها 2978 شخصاً أمس على الصين (3245 وفاة)، لتصبح البلد الذي سجل فيه أكبر عدد من الوفيات.
ولم تعلن الصين، أمس، عن أي إصابة منشأها محلي، في سابقة منذ بدء الوباء الذي ظهر في هذا البلد في ديسمبر. وتحدثت السلطات عن 34 إصابة إضافية قادمة من الخارج.
صمت مثير للقلق
وفي إسبانيا أعلنت السلطات عن حصيلة جديدة تتحدث عن وفاة 767 شخصاً يشكلون زيادة نسبتها 30% خلال 24 ساعة، مع تجاوز عدد الإصابات فيها 17 ألفاً وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة.
وتسبب فيروس كورونا في أول وفاة في إفريقيا جنوب الصحراء، في بوركينا فاسو. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيربرييسوس، إنه على إفريقيا أن «تستيقظ»، وأن «تستعد للأسوأ».
ويتجاوز الفيروس الحدود المادية والاجتماعية، فقد أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي لبريكست ميشال بارنييه أن التحاليل أثبتت إصابته بالفيروس، لكنه بدا مطمئناً بشأن حالته الصحية.
من جهتها، أعلنت السلطات الإيرانية حصيلة جديدة للوفيات بالفيروس بلغت 1284 شخصاً، مسجلة بذلك 149 وفاة إضافية عن الأرقام السابقة، لكن الأرقام التي أعلنها نائب وزير الصحة الإيراني علي رضا رئيسي تشير أيضاً إلى تباطؤ في زيادة عدد المصابين الذي يبلغ 18 ألفاً و407 في جميع أنحاء البلاد.
وتستعد إيران للإفراج عن نحو 10 آلاف سجين بموجب عفو بمناسبة رأس السنة الإيرانية الجمعة 20 مارس من أجل «خفض عدد السجناء، نظراً للوضع الحساس في البلاد»، التي تعد الثالثة في عدد الوفيات.
وأعلن عن أول وفاة في روسيا أيضاً، وعن أول إصابة في فيدجي.
من جهتها، أمرت بريطانيا، حيث تجاوز عدد الوفيات 100 شخص، بإغلاق المدارس اعتباراً من اليوم. وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، إن أكثر من 850 مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم.
ولمحاولة الحد من انتشار الفيروس، تتضاعف إجراءات فرض قيود على حرية التنقل، وقد شددت أستراليا ونيوزيلندا القيود المفروضة على الحدود.
وتفيد حصيلة أعدتها وكالة «فرانس برس» بأن أكثر من نصف مليار شخص في العالم يلازمون منازلهم.
وقال الإيطالي الثمانيني روميرو فيشيرا، إن «الأمر الوحيد الذي يثير قلقي هو الصمت!». وأضاف «لا نسمع ضجيجاً. عندما نخرج للمشي ونسمع خطوات وراءنا نشعر بالخوف ونلتفت بقلق».
وأعلنت السلطات الإيطالية أن إجراءات العزل «ستمدد عند إنهائها» في الثالث من أبريل كما كان مقرراً.
أما فرنسا فتبدأ يومها الثالث من العزل، بينما أصبح وسط باريس أشبه بمدينة أشباح بعد أن كان يزدحم بالمارة.
وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن عدد الإصابات بفيروس كورونا في إسرائيل بلغ 529، مع تشخيص 96 إصابة جديدة.
من جهتها كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن جهاز الاستخبارات «الموساد» تمكن ليلة (الأربعاء والخميس) من جلب 100 ألف وحدة اختبار لفيروس «كورونا» الى إسرائيل.
وكما فعل جيرانهم الإسبان والإيطاليون في الأيام الماضية، قام الفرنسيون من على شرفات منازلهم، الليلة قبل الماضية، بتحية أفراد الطواقم الطبية الذين يقفون في الصف الأول لمكافحة الفيروس. وسمعت التحية في شوارع باريس وليون ومرسيليا عند الساعة 19.00 ومجدداً عند الساعة 20.00.
وفي برلين، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى تنفيذ توصيات الحد من التنقل، مؤكدة أنه «لا بد منها لإنقاذ أرواح».
وأعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أنيجريت كرامب - كارنباور، في مؤتمر صحافي، العمل على تعبئة قسم من جنود الاحتياط في الجيش لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وأنّ نحو 2300 من جنود الاحتياط و900 «من جنود الاحتياط يعملون في مجال الصحة»، امتثلوا للدعوة الأولى في نهاية الأسبوع الماضي.
وفي أماكن أخرى في العالم، ستغلق حدود إسرائيل وكذلك الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، بعدما قامت بلدان أخرى بخطوة مماثلة.
القنب لمعالجة الضغط النفسي
وللتخفيف من الضغوط النفسية وتحمل الحجر أو العزل الطوعي، يتدفق كنديون وسياح منذ أيام على المحال والمواقع المتخصصة ببيع القنب، وهي مخدرات خفيفة سمح ببيعها منذ نهاية 2018 في كندا.
وقال ميشال بينوا في مونتريال: «البعض يشعرون بالذعر، وآخرون لا يكترثون، وأنا قررت أن آتي لمعالجة الضغوط النفسية بتعاطي القنب».
والعالم الاقتصادي يتوقف تدريجياً، فقد أعلنت مجموعتا «جنرال موتورز» و«فورد» تعليق إنتاجهما من السيارات في أميركا الشمالية. وأوقفت الولايات المتحدة الهجرة عبر تعليق منح التأشيرات من «معظم دول العالم» باستثناء الحالات الضرورية.
مستقبل الطيران مهدد
وتنغلق أوروبا على نفسها لمكافحة فيروس كورونا المستجد الذي سبب عدداً من الوفيات أكبر من تلك المسجلة في آسيا، ودفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقديم رد سريع بخطة مساعدة تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إطلاق نداء من أجل «التضامن المالي».
وحذرت منظمة العمل الدولية من أن الوباء يهدد 25 مليون وظيفة في العالم في غياب رد دولي منسق.
من جهته، حذر المدير التنفيذي لشركة «لوفتهانزا» الألمانية كارستن سبور، أمس، من أن قطاع الطيران سيحتاج لمساعدات حكومية لضمان استمراريته في حال استمرت أزمة كورونا بعد أن أوقفت شركته أكثر من 90% من رحلاتها.
وقال في بيان فصل فيه النتائج السنوية لعام 2019 التي نشرت الأسبوع الماضي إنه «كلما طالت الأزمة أصبح من الصعب ضمان مستقبل قطاع الطيران في غياب مساعدات حكومية».
وأدى الوباء إلى تراجع البورصات في العالم، ما دفع السلطات إلى الإفراج عن مساعدات اقتصادية بالمليارات. وفي هذا الإطار أعلن البنك المركزي الأوروبي عن تخصيص 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة.
ورحب الرئيس ماكرون بهذه الإجراءات ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام بـ«تدخلات» في الميزانيات. وقال ماكرون «من واجبنا نحن الدول الأوروبية، أن نكون حاضرين عبر تدابير ميزانية وتضامن مالي أكبر في منطقة اليورو»، مؤكداً أن «شعوبنا واقتصاداتنا بحاجة لذلك».
- 850
مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم.
- ألمانيا تعلن العمل على تعبئة قسم من جنود الاحتياط في الجيش لمواجهة تفشي فيروس «كورونا».