مدير منظمة الصحة العالمية متهم بمحاباة الصين
أجمع المراقبون والخبراء أن الصين تأخرت في الإبلاغ عن تفشي وباء «كورونا»، إلا أن مدير الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أشاد «بقيادة الرئيس تشي جين بينغ النادرة للغاية» كما أثنى على «شفافية» بكين. وفي وقت لاحق، أعلن أن البلاد «بصدد وضع معيار جديد، للاستجابة لتفشي المرض»، وتستحق أن «يتم تهنئتها» لحماية «شعوب العالم».
إنها كلمات تبعث على التفاؤل، من مدير هيئة تابعة للأمم المتحدة، مسؤولة عن الصحة العالمية. لكن غيبريسوس وكبار مساعديه روجوا بلا توقف لادعاء مفاده أن الصين هي «بطل هذا الوباء القاسي».
وتقول المحللة الصينية في مركز أبحاث أميركي مؤثر، كريستين لي، إن تيديروس، أشاد بالتعامل مع الصين على الرغم من أنها أسكتت المبلغين، ومنعت مسؤولي منظمة الصحة العالمية من التحقيق في تفشي المرض في أسابيعه الأولى.
وأوضحت، «هناك سرد واضح يخرج من منظمة الصحة العالمية يفسر وجهة نظر تشي جين بينغ، بشأن معالجة بلاده للفيروس التاجي.» وبما أن هذا الفيروس يتسبب في كارثة عالمية، هناك مخاوف متزايدة من أن الرجل الذي يقود منظمة دولية مهمة، تمولها الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل كبير، يروج للمصالح الصينية.
وقال مصدر رفيع في مجلس الوزراء البريطاني، «من الواضح إلى حد كبير أنه يعمل لصالح بكين،» متابعا، «إن تصريحاته التي تهنيء الصين على التعامل المثالي مع الأزمة لا تؤكدها حقيقة الأحداث».
وأثيرت مخاوف مماثلة، في أماكن أخرى، خاصة في الولايات المتحدة. وقال السناتور الجمهوري، ماركو روبيو، إنه منزعج للغاية من الطريقة التي «تلاعبت بها» بكين، واتهم غيبريسوس بـ«المحسوبية».
وكان الإثيوبي، الحاصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة نوتنغهام، في السابق شخصية بارزة، في أحد أكثر الأنظمة القمعية في إفريقيا، التي دعمتها بكين، بقوة.
وحصل على أعلى منصب في منظمة الصحة العالمية، بدعم من الصين على الرغم من الجدل حول فترة توليه منصب وزير الصحة الإثيوبي، ومزاعم حول التستر على وباء الكوليرا في البلاد في 2006 و2009 و2011.
فشل في حماية الصحة العالمية:
إلى ذلك، انتقد نائب رئيس الوزراء الياباني، تارو آسو، منظمة الصحة العالمية، لفشلها في حماية الصحة العامة، ودعم بكين، وخلص إلى أنه يجب تغيير اسمها إلى «منظمة الصحة الصينية».
وكان سبب غضب آسو، حادثة وقعت قبل أيام، كشفت عن مدى محاباة المنظمة العالمية للصين وتنسيقها الخاطئ للاستجابة العالمية السريعة لهذا التهديد الكبير للصحة العامة.
وشمل ذلك بروس أيلوارد، وهو طبيب كندي ومساعد مدير منظمة الصحة العالمية، الذي قاد مهمتها، عندما سُمح بذلك، إلى مدينة «ووهان» الصينية، التي بدأ فيها الفيروس، والذي لعب منذ ذلك الحين دوراً رائدًا في التحدث إلى وسائل الإعلام.
وأثنى آيلوارد، بانتظام، على «رد الفعل القوي»، الذي وجهته الصين للفيروس. وقال إن الحكومة «أبلت بلاءً حسناً في إبقاء الناس على قيد الحياة» وأنه لو أصيب ب«كورونا»، فإنه يفضل أن يُعالج في الصين.
ومع ذلك فهذه هي الدولة التي فشلت في التعامل مع أسواق الحيوانات البرية التي أُلقي عليها باللوم، على نطاق واسع، في تفشي الفيروس الجديد، على الرغم من أنها شهدت ظهور «سارس»، في عام 2002.
تحطيم الاقتصاد العالمي:
ردت بكين بغضب عندما بدأت الدول في إغلاق الحدود مع الصين. ولقي موقفها دعماً من قبل غيبريسوس، الذي قال إن «العدد الصغير» من الحالات يمكن التعامل معه دون اتخاذ تدابير صارمة. والآن، بالطبع، حطم الوباء الاقتصاد العالمي وأغلق عشرات البلدان.
حاول مدير المنظمة العالمية التقليل من الانتقادات، بتأييد المشاهير، ومناقشة الوباء، في نهاية الأسبوع الماضي، مع نجمة البوب، «ليدي غاغا»، وغرد قائلاً، «جهودها المتواصلة لإظهار الرحمة والتعاطف للعالم». وتفاخر بأنها كانت «مستعدة لدعم منظمة الصحة العالمية بأي شكل ممكن في المعركة ضد«كوفيد 19.»
لماذا يتعاطف غيبريسوس مع الصين؟ ربما بسبب الفترة التي قضاها كسياسي إثيوبي بارز. وقد شغل مناصب رفيعة في عهد ميليس زيناوي، الذي أدار البلاد بديكتاتورية وحشية، وكان له علاقات وثيقة ببكين، والتي أعجبت بالنموذج الإثيوبي.
ومن المثير للاهتمام، ان غيبريسوس اتُهم بالتستر على ثلاث حالات تفشي للكوليرا خلال سنواته السبع كوزير للصحة، واعتبر ذلك مجرد ادعاءات، في محاولة لعرقلة محاولته ليصبح مدير منظمة الصحة العالمية.
تناقض:
ويتناقض سلوك غيبريسوس بشكل حاد مع سلف النرويجي، غراو هارلم برونتلاند، الذي هاجم الصين في محاولات مماثلة للتستر على فيروس سارس ؛ لكن مؤيدي غيبريسوس، يقولون إنه يتبنى مقاربة براغماتية، ويستحق الإشادة من أجل تنظيم استجابة عالمية للوباء، بمهارة.
ويثبت هذا الوباء أن العالم يحتاج إلى هيئة صحية فعالة وشجاعة، ومع ذلك فإن القيادة الحالية للمنظمة لم تنجح في عملها. ويقول عضو لجنة الشؤون الخارجية البريطانية، النائب بوب سيلي،«إننا نشهد الضرر الفظيع الذي يمكن أن يحدثه الوباء، في الوقت الذي تتعامل فيه منظمة الصحة العالمية برفق مع الصين». متابعا،«إذا أردنا حماية العالم من الأوبئة في المستقبل، فمن أجل كل شخص على هذا الكوكب، من الضروري أن يكون لدينا منظمة غير متحيزة.»