وثيقة خطيرة.. أميركا أرسلت ملايين الأقنعة إلى الصين في بداية أزمة «كورونا»
كشفت مراجعة للبيانات الاقتصادية والوثائق الحكومية الداخلية، قامت بها «واشنطن بوست»، أن الشركات المصنعة الأميركية شحنت أقنعة الوجه ومعدات طبية واقية أخرى بملايين الدولارات إلى الصين، في يناير وفبراير، بتشجيع من الحكومة الفيدرالية.
وتؤكد هذه الخطوة فشل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التعرف الى خطر الوباء المتزايد والاستعداد له.
وفي هذين الشهرين، ارتفعت قيمة الأقنعة الواقية والعناصر ذات الصلة، التي تم تصديرها، من الولايات المتحدة، إلى الصين بأكثر من 1000% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي- من 1.4 مليون دولار إلى نحو 17.6 مليوناً؛ وبالمثل، قفزت شحنات أجهزة التنفس الاصطناعي والملابس الواقية بأرقام ثلاثية.
وقال النائب الديمقراطي في الكونغرس، لويد دوغيت، «بدلاً من اتخاذ خطوات للاستعداد، تجاهلوا نصيحة خبير تلو الآخر»، متابعاً «الناس، الآن، يموتون بسبب عدم وجود إمدادات كافية من معدات الحماية الشخصية».
وفي حين ارتفعت الصادرات إلى الصين، بنسبة كبيرة، إلا أنها تمثل جزءاً صغيراً من إجمالي احتياجات الولايات المتحدة. وفي جميع أنحاء البلاد، أثر النقص في أقنعة الوجه وغيرها من معدات الحماية على عمل المستشفيات ودور التمريض وعمل المستجيبين الأوائل، أثناء علاج المرضى المصابين بفيروس «كورونا»، والمعرضين لخطر كبير، ما خلق أزمة أخرى لمقدمي الرعاية على الخط الأول.
خطر حقيقي:
وفي الأيام الأولى من تفشي «كوفيد 19»، في أنحاء العالم، لم يكن هناك شعور حقيقي بالأزمة، في البيت الأبيض. ولكن بحلول نهاية يناير، أوضحت الإحاطات الإعلامية لموظفي الأمن القومي، بالبيت الأبيض، أن خطر حدوث جائحة كبير وحقيقي. وبحلول ذلك الوقت كان سبعة أميركيين قد أصيبوا، وقال الخبراء إن الحاجة إلى إمدادات كافية من معدات الحماية، كان يجب أن يكون أمراً مفروغاً منه.
ومع ذلك، في 30 يناير، قال وزير التجارة ويلبر روس، إن التفشي قد «يسرع عودة الوظائف إلى الشمال»، لأن الشركات ستنقل المصانع بعيداً عن المناطق المتضررة.
وفي 26 فبراير، عندما وصل إجمالي الوفيات إلى 2770، جميعهم تقريباً في الصين، كشفت وزارة التجارة عن منشور، لتوجيه الشركات الأميركية حول كيفية بيع «المنتجات الطبية الحرجة»، إلى الصين وهونغ كونغ، من خلال عملية مبيعات سريعة.
في 3 مارس، أبلغ مسؤول تجاري في سفارة الولايات المتحدة، في بكين، زملاءه بشأن «الخدمة الجديدة» التي تقدمها وزارة التجارة، وفقاً لبريد إلكتروني.
وقال مسؤول كبير في الوزارة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، بسبب حساسية المسألة، إن كبار القادة في إدارة التجارة الدولية بالوزارة أغلقوا البرنامج في الرابع من مارس، بعد وقت قصير من توزيع المنشور.
وقال المسؤول، «القيادة العليا لوزارة التجارة على علم بهذه المشكلة، وهي تحقق»، مضيفاً أن وكالة التجارة الدولية، قد ساعدت 100 مجموعة و47 ولاية على توزيع معدات الحماية في الولايات المتحدة، منذ بدء تفشي الوباء، وتواصل العمل مع 25 دولة، لتحديد مصادر الإمدادات الطبية».
محاولة متعمدة:
وقال بيتر نافارو، الذي يدير السياسة التجارية، في البيت الأبيض، ومسؤولون آخرون، إن العديد من الشحنات، إلى الصين، كانت مدفوعة بمخاوف إنسانية وعملية.
وأعلنت وزارة الخارجية يوم 7 فبراير، أنه تم شحن نحو 17.8 طناً، من الإمدادات الطبية، إلى الشعب الصيني، بما في ذلك الأقنعة والألبسة الطبية وأجهزة التنفس ومواد حيوية أخرى.
من جانبه، علق دوجيت، قائلاً: «هذه واحدة من حالات الفشل المتعددة، التي أسهمت في خسارة كبيرة في الأرواح، في أميركا»، متابعاً «في الوقت الذي يعقد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤتمره الصحافي الأول مع فريقه المعني بفيروس كورونا، تقوم إدارته بنقل مستلزمات طبية حيوية إلى الصين».
اليوم، ينظر بعض مسؤولي البيت الأبيض إلى واردات الصين من الأقنعة وغيرها من معدات الوقاية الشخصية، من جميع أنحاء العالم، كجزء من محاولة «متعمدة» من جانب الصين، لاحتكار السوق لأنها أخفت وقللت من الخطر الذي يشكله تفشي المرض.
كان نافارو من بين المسؤولين الأميركيين، الذين أطلقوا إنذارات مبكرة، وكتبوا مذكرات، في وقت مبكر من العام، بأن تفشي الوباء يمكن أن يعرض ملايين الأميركيين للخطر، ما يتطلب زيادة إمدادات معدات الحماية.
وقالت نيكول لوري، التي عملت كمساعدة لوزير الصحة والخدمات الإنسانية للتأهب والاستجابة في إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما، إن البيت الأبيض «كان بإمكانه التصرف قبل ذلك بكثير لتخفيف النقص في أقنعة الوجه، من خلال العمل على خط إنتاج عالي السرعة، وتقديم الطلبات في وقت مبكر للشركات المصنعة، لزيادة الإنتاج».
وتجسد البيانات من كل من الولايات المتحدة والصين نطاق تدفق أقنعة الوجه، إلى أكثر دول العالم كثافة سكانية، خلال شهري يناير وفبراير. وفي هذين الشهرين، أظهرت بيانات التجارة الصينية، أن واردات فئة من السلع التي تشمل أقنعة جراحية وأقنعة من نوع «إن 95»، قفزت بنسبة 2200%، تقريباً، مقارنة بالعام الماضي.
تواجه أميركا، حالياً، نقصاً حاداً، في المعدات الطبية الضرورية؛ ووجد استطلاع حديث أن ما يقرب من 90% من رؤساء البلديات الأميركيين يقولون إنهم لا يملكون عدداً كافياً من أدوات الاختبار أو أقنعة الوجه، في حين يقول 85%، إنهم لا يملكون ما يكفي من أجهزة التنفس الاصطناعي.
وأفاد العديد من المستشفيات والولايات، بأن الممرضات والأطباء يضطرون إلى اللجوء إلى معدات مؤقتة تزيد من احتمالات التعرض للإصابة بـ«كورونا».
ترجمة: مكي معمري - عن «واشنطن بوست»