«المغيّر».. قرية منسية وسط المستوطنات
في أقصى حدود مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، تقع قرية المغيّر في الشمال الشرقي للمدينة كمنطقة منسية، فهي محاصرة من جميع جهاتها بمستوطنتَي «شيفوت راحيل» و«عدي عاد»، ومعسكر الجيش الإسرائيلي «مفيو شيلو»، إلى جانب الشارع الاستيطاني رقم (90)، الذي شق وسط القرية، وعزل أراضي المواطنين الزراعية عن منازلهم.
قرية المغير، المطلة على غور الأردن، مشهورة بزراعة الزيتون والعنب والقمح واللوز، ولا يتمكن سكانها، البالغ عددهم 4000 نسمة، من زراعة أراضيهم حالياً، أو رعي ماشيتهم فيها، حيث تحولت إلى مناطق عسكرية مغلقة، يُمنع أصحابها الأصليون من دخولها، أو حتى الوصول إليها، فيما ضم الاحتلال أجزاء منها إلى الوحدات الاستيطانية الممتدة من أعالي جبال المغير.
وكان الاحتلال قد أعلن قرية المغير منطقة عسكرية مغلقة، عقب احتلال الضفة الغربية والقدس عام 1967، لتصبح 90% من مساحة أراضي القرية من الناحية الشرقية، في منطقة العزل هذه.
ويحد المغير قريتا ترمسعيا وخربة أبوفلاح من جهة الغرب، وقرية دوما شمالاً، وفي جهة الجنوب قرية كفر مالك، وغور الأردن شرقاً، وتمتد أراضيها على مساحة 40 ألف دونم، الجزء الأكبر منها صادره الاحتلال منذ شق الشارع الاستيطاني «ألون»، أو كما يعرف بشارع «رقم 90» شرق القرية.
حصار جديد
لم يكتفِ الاحتلال بهذا القدر من تشويه قرية المغير، حيث يفرض عليها حالياً حصاراً جديداً، وذلك بإقامة بؤرتين استيطانيتين جديدتين على أراضي الفلسطينيين، من إجمالي أربع مستوطنات شيدها الاحتلال حديثاً في الضفة الغربية.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وليد عساف، في تصريحات صحافية، في العاشر من شهر أبريل الجاري: «إن حكومة الاحتلال والإدارة المدنية الإسرائيلية، استغلتا حالة الطوارئ التي يشهدها العالم جراء جائحة (كورونا) بشكل بشع، لتسريع عملية الاستيطان في الضفة الغربية، حيث شيد المستوطنون أربع بؤر استيطانية جديدة».
ويبين عساف أن البؤر الاستيطانية الأربع، التي شيدت نهاية شهر مارس الماضي، تتوزع على النحو التالي: بؤرة في محافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وبؤرة في مناطق الأغوار الشمالية، الواقعة شمال شرق الضفة، واثنتان قرب بلدة المغير.
من جهته، قال رئيس مجلس قرية المغير، أمين أبوعليا، في حديث خاص لـ«الإمارات اليوم»: «بدأت جرافات الاحتلال، في نهاية شهر مارس الماضي، عمليات توسعة لمستوطنة (شفوت راحيل)، القريبة من قرية المغير، والتي تلتهم مساحات كبيرة من أراضيها، وذلك بقرار من وزير الحرب في دولة الاحتلال، نفتالي بينت، بهدف إيجاد تواصل بين مستوطنتَي (مفيو شيلو) و(شيفوت راحيل) وبقية البؤر الاستيطانية القريبة منها، وصولاً إلى شارع (ألون)، حيث تقوم الجرافات بعمليات تجريف لأراضي القرية، والقرى المجاورة، ويتم فتح طرق جديدة لبناء البؤر الاستيطانية».
وأوضح أن البؤرتين الجديدتين ستقام واحدة منها غرب القرية على حدود قرية ترمسعيا، والثانية شمالاً بالقرب من قرية دوما.
ويتابع أبوعليا حديثه قائلاً: «إن المغير أبعد قرى قضاء مدينة رام الله، وتقع على حدود التماس مع الأغوار الشمالية، وجميع أراضيها تقع ضمن المنطقة المصنفة (ج)، الواقعة تحت السيطرة الكاملة للاحتلال، وفقاً لاتفاقية أوسلو، واليوم نحن نُحرم مساحات أخرى من أراضينا لمصلحة المستوطنات».
التهام
وأشار رئيس مجلس قرية المغير إلى أن شارع «ألون» والبؤر الاستيطانية التهما جزءاً كبيراً من أراضي قرية المغير البالغة مساحتها 40 ألف دونم، وما تبقى فقط 6000 دونم للأهالي، فيما يسمح الاحتلال لهم بالبناء في مساحة لا تزيد على كيلو متر مربع.
إرهاب واعتداء
لم تسلم قرية المغير من اعتداءات قوات الاحتلال، والمستوطنين القاطنين في البؤر والمستوطنات الإسرائيلية، خصوصاً البؤرة الاستيطانية «عدي عاد»، حيث شهدت الكثير من الاعتداءات على الأهالي، ومنعهم من دخول أراضيهم، وزراعتها، في محاولة لترحيلهم، والسيطرة على ما تبقى من أراضي القرية.
ويقول رئيس مجلس قرية المغير، أمين أبوعليا: «إن محاولة وصول الأهالي إلى أراضيهم الزراعية، في محيط شارع (ألون) والبؤر الاستيطانية، تشكل خطورة كبيرة عليهم، فبمجرد اقتراب المواطنين من أراضيهم، يستدعي المستوطنون قوات الاحتلال لمنع دخولهم، فيما يتم الاعتداء عليهم بالضرب وإطلاق الأعيرة النارية».
ويشير إلى أن اعتداءات المستوطنين ضد القرية، تسببت في جرح وإصابة 200 فلسطيني من سكان المغير، خلال العامين الماضيين، إلى جانب حرق المحاصيل الزراعية الموسمية، وتقطيع المئات من أشجار الزيتون، التي يفوق عمرها إقامة دولة الاحتلال.
من جانبه، يقول المزارع، رفيق النعسان، من قرية المغير: «أمتلك أراض زراعية تجاورها بؤرة (عدي عاد) الاستيطانية، إلا أنني بسبب ذلك حُرمت دخولها، يمنعني الاحتلال من شق الطرق الزراعية للوصول إليها، فيما تسببت اعتداءات المستوطنين على مزارعي بتقطيع 200 شجرة زيتون خلال الشهور الماضية».
ويشير إلى أن الاحتلال يفرض عليه غرامات مالية باهظة، جراء محاولته الوصول إلى أرضه وإدخال الآليات الزراعية لزراعة المحاصيل، حيث تصل تلك الغرامات إلى 200 ألف شيكل