مستشار جونسون أبرز نموذج ويرفض الاستقالة أو الاعتذار

انتهاك سياسيين حول العالم تدابير الإغلاق يثير غضب شعوبهم

كامينغز انتهك قواعد الإغلاق العام وقاد سيارته بينما كان يُشتبه في أنه وزوجته مصابان بـ «كورونا». إي.بي.إيه

رغم تفشي فيروس كورونا حول العالم، حاملاً معه الموت والخوف، تعرضت التدابير الصارمة للسيطرة على الجائحة، والتي تفرض تضحيات جسيمة على عامة الشعب، للانتهاك في الأغلب من جانب المسؤولين، الذين يفترض أن يسهروا لضمان تنفيذها.

والمسؤول، النموذج لذلك، الذي يتصدر عناوين الصحف، حالياً، هو دومينيك كامينغز، المستشار البارز لرئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، والذي انتهك قواعد الإغلاق العام، وقاد سيارته لمئات الكيلومترات من لندن، بينما كان يُشتبه في أنه وزوجته مصابان بفيروس كورونا.

وقد أدى رفضه الاستقالة أو الاعتذار، وإحجام جونسون عن عزله، إلى زيادة حدة الغضب العام في بريطانيا، حيث إنه رغم الانتقادات التي وجهت له، برر ما قام به، وقال صراحة: «لم ولن أتقدم بالاستقالة، ولم أفكر في ذلك».

ووصف أستاذ الصحة العامة العالمية في كلية الطب بجامعة إدنبرة، ديفي سريدهار، ما يحدث بأنه «يقوض بشكل خطير الرسالة الرئيسة للصحة العامة، وهي البقاء في المنزل لإنقاذ الأرواح».

وكتب سريدهار، على موقع «تويتر»، في وقت تدعم فيه الحكومة بالكامل تقريباً كامينغز: «من يقول إن انتهاك الإغلاق يبيحه أن يكون الشخص أباً جيداً، فهو عبقري في الالتفاف (على الحقائق). والأجدر فقط بهذه الحكومة أن تكون أقل التفافاً، وأكثر تركيزاً على القيام بالعمل الشاق المتعلق بتنفيذ تدابير الصحة العامة فعلياً».

وحذر ستيفن ريتشر، من المجموعة الاستشارية للحكومة البريطانية الخاصة بالعلوم السلوكية، في تصريح تلفزيوني: «إذا ما أعطيتَ الانطباع بأن هناك قاعدة لهم وقاعدة لنا، فإنك تقوض بشكل قاتل شعور (نحن في هذا الأمر معاً)».

ومن واشنطن إلى ويلينغتون، لم تكن تصرفات بعض القادة والوزراء تصرفات يقتدى بها، خصوصاً عندما ينظر إليها أفراد عاجزون عن رعاية أحبائهم، أو حتى حضور جنازاتهم، نتيجة الحفاظ على التباعد الاجتماعي.

وهناك من هم مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يرفض ارتداء قناع الوجه في الأماكن العامة. ومثله في ذلك مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يؤكد لمواطنيه ضرورة ارتداء الكمامة، كلما طل عليهم في خطاباته المتلفزة.

وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الخدمات الصحية الوطنية، الذي يمثل منظمات قطاع الرعاية في بريطانيا، نيال ديكسون، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، إن الجدل الذي أثاره كامينغز «يمكن أن يضر بموظفي القطاع وثقة الجمهور بالتوجيهات الرسمية». إلا أن كامينغز ليس الوحيد في ذلك.

فقد انتقدت أحزاب المعارضة المستشار النمساوي سباستيان كورتس، بعد أن وضع نهاية لمرحلة الإغلاق التي فرضتها حكومته بزيارة وادٍ بعيد في منطقة تيرول، حيث احتشد السكان المحليون والصحافيون، وتجاهلوا قاعدة الحفاظ على التباعد الاجتماعي لمسافة متر. ودافع كورتس عن نفسه بإلقاء اللوم على وسائل الإعلام.

كما ركزت وسائل الإعلام النمساوية على الرئيس ألكسندر فان دير بيلين، بعد رصده وهو يتناول الطعام مع زوجته بمطعم إيطالي، بعد وقت إغلاقه المقرر ضمن تدابير التصدي للجائحة.

واعتذر عن ذلك عبر موقع «تويتر»، وكتب: «إنني آسف بشدة على ذلك. لقد كان خطأ»، ووعد بدفع الغرامة التي تصل إلى 30 ألف يورو (33 ألف دولار)، التي قد يضطر المطعم لدفعها.

كما ثارت ضجة في بولندا، عندما ظهر رئيس الوزراء ماتيوس مورافيكي، وكبار المسؤولين غير مراعين للتباعد الاجتماعي، أثناء وضع أكاليل من الزهور على نصب تذكارية في ذكرى تحطم طائرة قرب مدينة سمولينسك عام 2010.

كما أثار مورافيكي السخرية لعدم التزامه بلوائح التباعد في مقهى، بعد بدء الفتح التدريجي للمطاعم. وقال المتحدث باسمه، في اعتذار، إن معاوني رئيس الوزراء لم يبلغوه بالمعلومات الدقيقة حول اللوائح المعمول بها بالفعل في هذه المرحلة.

وكتب السياسي روبرت بيدرون، على موقع «تويتر»: «رئيس الوزراء السعيد مورافيكي يتصرف في مطعم وكأن القواعد التي أعلنتها حكومته لا تنطبق عليه، وذلك في الوقت الذي تفرض فيه الشرطة في الشوارع الغرامات على المواطنين العاديين».

وتعرض وزير الصحة النيوزيلندي ديفيد كلارك، لتقليص مهامه، بعدما قاد عائلته في رحلة ذهاب وعودة لمسافة 40 كيلومتراً إلى الشاطئ أثناء الإغلاق في أبريل الماضي.

واضطر رئيس الوزراء الأيرلندي، ليو فارادكار، الذي عمل كطبيب لسبع سنوات، إلى الدفاع عن نفسه بعدما خرج في نزهة مع أصدقاء له في دبلن، وقال متحدث باسمه إن رئيس الوزراء لم ينتهك اللوائح.

وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي فارادكار وشريكته، واثنين من أصدقائهما، وهم يسترخون تحت أشعة الشمس. ونصحت ليز كانافان، المسؤولة برئاسة الوزراء الأيرلندية بالقول: «إذا كنت تزور أحد المرافق العامة، فحاول ألا تمكث في المكان لفترة طويلة جداً، وعليك بالعودة إلى المنزل فور الانتهاء من ممارسة رياضتك». أما الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، فلم يثر الجدل فقط لسفره جواً إلى مدينته دافاو بجنوب البلاد، في وقت لا تُسمح فيه برحلات جوية من أو إلى مانيلا، لكنه دعم أيضاً مسؤولاً أمنياً، أقام حفل عيد ميلاد منتهكاً حظر التجمعات. ورفض دوتيرتي مطالب إقالة قائد قوة شرطة مانيلا الكبرى، ديبولد سيناس، لكنه حذر في الوقت نفسه الجمهور من مخالفة القواعد.

وقال دوتيرتي: «القاعدة هي القاعدة، وعندما تبدأ في العبث بالقانون، أؤكد لك أنك ستدخل السجن لانتهاكك القانون».

وكتبت صحيفة «مانيلا ستاندرد»، في افتتاحية بها، أن الوباء «كشف عن الفشل الذريع لدى بعض القادة في القيادة بصورة حقيقية، ما يمثل نتائج مدمرة بالنسبة لشعوبهم».

وأثار الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا جدلاً، عندما توقف لالتقاط صورة ذاتية (سيلفي)، أثناء قيامه بتمشية صباحية في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، التي من بين دول العالم التي تفرض أكثر لوائح الإغلاق صرامة. وأظهر مقطع فيديو رامافوزا يرتدي كمامة، وبدا كأنه تراجع في البداية، عندما فوجئ بسيدتين تسرعان نحوه. ووافق لاحقاً على التقاط صورة معهما، وقال: «تعاليا، قبل أن يتم إلقاء القبض علينا».


وسائل الإعلام النمساوية تركز على الرئيس ألكسندر فان دير بيلين، بعد رصده وهو يتناول الطعام مع زوجته في مطعم إيطالي بعد وقت إغلاقه.

تويتر