أميركا في حرب مع نفسها بسبب ترامب
جائحة بلا هوادة، واقتصاد في حالة انهيار، ومدن في حالة من الفوضى بسبب مقتل مواطن بريء على يد الشرطة، وكل ما يفعله رئيسنا هو التغريد. أصبحت قذائفه اللفظية أعلى من أي وقت مضى، لكل ذلك لم يعد دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. فبسبب عدم وجود استجابة بناءة لأيٍّ من الأزمات الضخمة التي تقهر أميركا الآن، لم يعد لترامب وجود في منصبه، لم يعد يحكم إنما يلعب الغولف، ويشاهد تلفزيون الكيبل، ويغرد. كيف استجاب ترامب للاضطرابات الواسعة النطاق التي أعقبت مقتل جورج فلويد في مينيابوليس، الرجل الأسود الذي توفي، بعد أن جثم ضابط شرطة أبيض على رقبته لمدة دقائق، بينما كان مكبل اليدين على الأرض؟ لقد وصف ترامب المتظاهرين بـ«البلطجية»، وهدد بإطلاق النار عليهم. «عندما يبدأ النهب، سنطلق النار»، غرد بالعبارات نفسها لرئيس شرطة ميامي السابق، الذي أدت كلماته إلى أعمال شغب عرقية أواخر الستينات. يوم السبت، سخر من المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام البيت الأبيض، قائلاً إن «أكثر الكلاب شراسة، وأكثر الأسلحة فتكاً» تنتظر المتظاهرين خارج البيت الأبيض، إذا اخترقوا خطوط الخدمة السرية.
استجابة صفر
كانت استجابة ترامب صفراً للأشهر الثلاثة الأخيرة المروعة للوباء المتصاعد، والموت المتزايد. ومنذ ذلك الوقت يدعي أن فيروس كورونا «خدعة ديمقراطية»، وكمم أفواه مسؤولي الصحة العامة، وقام بمعاقبة إدارة الوباء في الولايات.
كان على حكام الولايات تدبير أجهزة تنفس بأنفسهم لإبقاء المرضى على قيد الحياة، ومعدات وقاية للمستشفى، والعاملين الأساسيين الآخرين الذين هم بأمسِّ الحاجة إليها، حيث إن ترامب تركهم في حيرة من أمرهم، كيف ومتى وأين يعيدون فتح اقتصاداتهم. لم يتحمل ترامب أي مسؤولية على الإطلاق بشأن الاختبارات والطرق الكفيلة باحتواء الفيروس. وتضع «خطته» الجديدة المسؤولية على كل الولايات في هذا الشأن. ترامب، أيضاً، وجد نفسه في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير. أكثر من 41 مليون أميركي عاطلون عن العمل، كما عجز خمس الأميركيين عن دفع الإيجار لشهر مايو.
ما هو رد ترامب؟ كان رده مثل الرئيس الحادي والثلاثين، هربرت هوفر، الذي قال في عام 1930: «تركنا الأسوأ خلفنا». وفي الوقت الذي يجوع فيه الآلاف، يقول ترامب إن الاقتصاد سيتحسن، ولا يفعل شيئاً بشأن الصعوبات المتزايدة. مرر مجلس النواب بقيادة الديمقراطيين حزمة إغاثة بقيمة ثلاثة تريليونات دولار في 15 مايو. قام زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بتعطيل مجلس الشيوخ دون اتخاذ أي إجراء، ووصف ترامب مشروع القانون بأنه ميت عند وصوله.
ماذا عن القضايا الملحة الأخرى، التي من المفترض أن يعالجها رئيس حقيقي؟ مرر مجلس النواب ما يقرب من 400 مشروع قانون، خلال هذه الفترة الأولى لترامب، بما في ذلك تدابير للحد من تغير المناخ، وتعزيز أمن الانتخابات، ومراجعة مبيعات الأسلحة، وإعادة تفعيل قانون العنف ضد المرأة، وإصلاح تمويل الحملات الانتخابية. جميع هذه المشروعات ظلت حبيسة في صندوق بريد ماكونيل، ولا يبدو أن ترامب على علم بأيٍّ منها.
الغولف
لا يوجد شيء أهم للرئيس من الغولف، ومشاهدة التلفزيون، والتغريد. لكن إذا كان هذا هو كل ما يفعله الرئيس، عندما تكون الأمة غارقة في الأزمات.. فهو ليس رئيساً.
عندما لا يقوم بإثارة العنف ضد المتظاهرين السود، فإنه يتهم شخصية إعلامية بارتكاب جريمة قتل، ويعمل على إعادة تغريدة عن افتراءات حول وزن سياسية سوداء، ونظرات رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، واستحضار المؤامرات ضد نفسه، التي يدعي أنها نظمتها المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، والرئيس السابق باراك أوباما، ويشجع أتباعه على «تحرير ولاياتهم من قيود الإغلاق».
الكذب
هو يكذب باستمرار. وفي الواقع، لا يدير ترامب حكومة الولايات المتحدة، لا يدير أي شيء، لا ينظم شيئاً، لا يقرأ المذكرات، يكره الاجتماعات. ليس لديه صبر على الإحاطات الإعلامية، منزله الأبيض في حالة فوضى دائمة. مستشاروه لا يروون الحقيقة.. إنهم عبارة عن تابعين متملقين وأقارب.
فمنذ انتقاله إلى المكتب البيضاوي، في يناير 2017، لم يولِ ترامب الحكم جزءاً من الاهتمام. إنه يهتم بنفسه فقط، وكشفت مجموعة الأزمات الحالية عن مدى انغماسه في أعماق ذاته، وازدرائه التام لوظيفته، وتجاهله لمنصبه.
روبرت رايش وزير العمل الأميركي السابق
لا يوجد شيء أهم للرئيس من الغولف، ومشاهدة التلفزيون، والتغريد. لكن إذا كان هذا هو كل ما يفعله الرئيس، عندما تكون الأمة غارقة في الأزمات.. فهو ليس رئيساً.
منذ انتقاله إلى المكتب البيضاوي، في يناير 2017، لم يولِ ترامب الحكم جزءاً من الاهتمام. إنه يهتم بنفسه فقط، وكشفت مجموعة الأزمات الحالية عن مدى انغماسه في أعماق ذاته، وازدرائه التام لوظيفته، وتجاهله لمنصبه.