حسان دياب يعلن استقالة حكومته: منظومة الفساد أكبر من الدولة في لبنان
قدم رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب، أمس، استقالة حكومته إلى الرئيس ميشال عون، مؤكداً أن منظومة الفساد أكبر من الدولة في لبنان، متهماً الطبقة السياسية الحاكمة بالتسبب في انهيار البلاد، وإهدار ودائع اللبنانيين، وإسقاط البلاد تحت أعباء الديون.
وتفصيلاً، قال رئيس وزراء لبنان المستقيل في كلمة للشعب اللبناني إن انفجار بيروت كان نتيجة الفساد المتفشي.
وقال دياب في كلمة متلفزة «اليوم وصلنا إلى هنا، إلى هذا الزلزال الذي ضرب البلد، اليوم نحتكم إلى الناس، وإلى مطالبهم بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة المختبئة منذ سبع سنوات، إلى رغبتهم في التغيير الحقيقي»، مضيفاً «أمام هذا الواقع نتراجع خطوة إلى الوراء بالوقوف مع الناس، لذلك أعلن اليوم استقالة هذه الحكومة».
وأضاف «الطبقة السياسية الحاكمة أوصلت البلاد إلى الانهيار، وأهدرت ودائع الناس، وأوقعت البلاد تحت أعباء الدين»، وأن حكومته «تحملت لأجل لبنان الكثير من الاتهامات، لكننا رفضنا استدراجنا إلى سجالات عقيمة. وبذلنا جهداً كبيراً لوضع خريطة طريق لإنقاذ البلد، وكنا حريصين على مستقبل أبناء البلد».
وتابع «انفجر أحد نماذج الفساد في المرفأ، لكن نماذج الفساد منتشرة في جغرافيا البلد السياسية والإدارية».
وأوضح أن «المفارقة أن الفاسدين، وبعد أسابيع من تشكيل الحكومة، حاولوا تحميلها مسؤولية الهدر والدين العام»، وأن هم حكومته الأول كان «العمل على تجاوز تداعيات الزلزال الذي ضرب البلد، والوصول إلى تحقيق عادل وشفاف».
وأكد أنه كان يفترض «من كل القوى الكبرى أن تتعاون من أجل تجاوز هذه المحنة، والصمت حداداً على أرواح الشهداء». وكان رئيس الوزراء المستقيل قد صرح عقب انتهاء اجتماع للحكومة (تضم 20 وزيراً بينهم دياب)، في «السراي الحكومي» بالعاصمة بيروت، أن «الحكومة ستستقيل».
وأشار دياب إلى أن «القرار بالاستقالة جاء لتحمل المسؤولية».
وبدت الحكومة اللبنانية، قبيل الاستقالة أمس، في وضع هش، بعد استقالة أربعة من أعضائها، إثر فاجعة انفجار مرفأ بيروت، فيما يتصاعد غضب اللبنانيين الذين يحاولون لملمة جراحهم، متمسكين بمحاسبة المسؤولين، وإسقاط كل التركيبة السياسية.
وبعد مرور خمسة أيام على الانفجار الضخم الذي تسبب في مقتل 160 شخصاً، وإصابة أكثر من 6000 بجروح، مع استمرار فقدان نحو 20 شخصاً، لم يصدر التقرير الذي وعدت به السلطات حول ما حصل. وبحسب السلطات، فإن الانفجار نتج عن حريق لم يجزم بأسبابه بعد، في عنبر يحوي 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم، لم يعرف سبب الاحتفاظ بها منذ ست سنوات، بعد مصادرتها من على باخرة غرقت في ما بعد. وكان آخر الوزراء المستقيلين وزير المالية غازي وزني، وسبقه كل من وزيرة العدل ماري كلود نجم، ووزيرة الإعلام منال عبدالصمد، ووزير البيئة دميانوس قطار.
وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام محلية عن ضغوط سياسية تعرّض لها وزراء راغبون في الاستقالة، لثنيهم عن ذلك، والحؤول دون مزيد من إضعاف الحكومة. وتتألف الحكومة من 20 وزيراً. وبموجب القانون، لابدّ من استقالة أكثر من ثلث أعضائها لتسقط حكماً.
ونجم، كما وزني وعبد الصمد، من الوجوه السياسية الجديدة التي تسلمت حقائب وزارية للمرة الأولى في الحكومة التي شكلها حسان دياب في يناير، بعد سقوط حكومة برئاسة سعد الحريري، تحت ضغط تظاهرات شعبية، وكانت تضم ممثلين عن غالبية الأحزاب السياسية.
وكان يفترض أن تكون هذه الحكومة تكنوقراطية، تعمل على معالجة مشكلات اللبنانيين، لاسيما الاقتصادية والمعيشية، لكن من الواضح أن القرار فيها يخضع للقوى السياسية النافذة في البلاد، وعلى رأسها تيار رئيس الجمهورية ميشال عون، وحليفه «حزب الله».
ودعا دياب، السبت الماضي، إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإخراج البلاد من «أزمتها البنيوية». ومنح القادة السياسيين مهلة شهرين للاتفاق على الإصلاحات وعلى بديل للحكومة.
وارتفع عدد النواب الذين تقدموا باستقالاتهم بعد الانفجار إلى تسعة، فيما يبدأ البرلمان الخميس عقد جلسات متواصلة لمساءلة الحكومة.
وفي برنامج تلفزيوني الليلة قبل الماضية عبر شاشة «ام تي في»، قال النائب المستقيل نديم الجميل من حزب الكتائب، «لا توجد حكومة ولا مؤسسات.. هناك شخص واحد مسيطر على هذا البلد اسمه حسن نصرالله. إذا لم يزل سطو سلاحه عن كل المؤسسات، لا يوجد بلد».
وأضاف «إذا أردنا انتخاب رئيس جمهورية، يجب أن نأخذ موافقة حسن نصرالله. إذا أردنا تعيين رئيس حكومة، يجب أن نأخذ إذن حسن نصرالله، إذا أردنا إجراء انتخابات، يجب أن ننتظر أي قانون انتخاب يريد حسن نصرالله. اليوم، لا أحد يمكنه دخول المرفأ إلا جماعة حسن نصرالله»، الذي قال الجمعة «لا شيء لنا في مرفأ بيروت».
ويبقى «حزب الله » إجمالاً خارج المشهد السياسي المباشر، لكن واضح أنه القوة السياسية الأقوى اليوم، لاسيما أنه يملك ترسانة أسلحة تفوق سلاح الجيش اللبناني.
في هذا الوقت، يستمر الغليان في الشارع. وشهدت بيروت خلال اليومين الماضيين تظاهرات غاضبة، حملت شعارات «علّقوا المشانق»، و«يوم الحساب»، وتخللتها مواجهات مع القوى الأمنية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع، ورصاصاً مطاطياً، ما أوقع عشرات الإصابات، خصوصاً في صفوف المتظاهرين.
ويطالب المتظاهرون الناقمون أساساً على أداء السلطة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار، ورحيل الطبقة السياسية بكاملها.
ولا يظهر في الأفق أي حل للوضع الحالي المهترئ، إذ لن يكون من السهل تشكيل حكومة جديدة في حال استقالة الحكومة الحالية، كما أن إجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل قانون فُصّل على قياس القوى السياسية الممثلة في البرلمان حالياً، قد يعود بالقوى السياسية ذاتها إلى البرلمان، ناهيك عن صعوبة تنظيمها في ظل الفوضى السائدة.
وجاء التفجير في خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان.
وأوقفت السلطات أكثر من 20 شخصاً على ذمّة التحقيق، بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون. وتبدو السلطات غائبة تماماً، على الرغم من الدمار الهائل الذي تسبب به انفجار خلّف حفرة بعمق 43 متراً في المرفأ، بحسب مصدر أمني.
وأعلن الجيش اللبناني أن فرق الإنقاذ تمكنت، أمس، من انتشال خمس جثث لضحايا انفجار مرفأ بيروت «وتستمر عملية البحث على بقية المفقودين».
وبينما ينشط متطوعون في كل شارع وزقاق لرفع الركام وشظايا الزجاج المبعثرة في كل ناحية وصوب، تبدو الأجهزة الرسمية شبه غائبة. ويشكو مواطنون متضررون أن أحداً لم يتصل بهم من جانب السلطات، أو عرض عليهم أي مساعدة.
• دياب أكد أن نماذج الفساد منتشرة في جغرافيا البلد السياسية والإدارية، وأن حكومته تحملت لأجل لبنان الكثير من الاتهامات.