تشكيك غربي في اللقاح الروسي.. وموسكو تعتبره «مزاعم» لا أساس لها
شكك مسؤولون غربيون في أمان وفاعلية اللقاح الروسي، الذي أعلنت موسكو تطويره كأول لقاح في العالم ضد فيروس كورونا المستجد، فيما اعتبرت موسكو الشكوك حول اللقاح وفاعليته «مزاعم لا أساس لها»، بينما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن عقد مع شركة «موديرنا» من أجل 100 مليون جرعة من لقاح «كورونا».
وتفصيلاً، عبر وزير الصحة الأميركي أليكس عازار، أمس، عن شكوك إزاء إعلان روسيا تطوير أول لقاح في العالم ضد الفيروس، مشيراً إلى نقص المعطيات من تجاربه الأولى.
وقالت موسكو، أول من أمس، إن اللقاح يوفر «مناعة مستدامة» ضد الفيروس، لكن العلماء الغربيين أبدوا قلقاً إزاء سرعة تطوير العلاجات الروسية واعتبروا أن الباحثين غير صارمين.
وعبر الوزير عازار عن تلك المخاوف، أمس، في ختام زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى تايوان. وقال للصحافيين في مؤتمر بالهاتف «من المهم أن نوفر لقاحات آمنة وفاعلة، وأن تكون المعطيات شفافة، هذا ليس سباقاً على المركز الأول».
وأضاف «أشير إلى أن اثنين من اللقاحات الأميركية الستة التي استثمرنا فيها، دخلت قبل أسابيع المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي بدأها للتو اللقاح الروسي».
وتابع «لم يتم الكشف عن معطيات التجارب الأولى في روسيا، إنها غير شفافة».
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن اللقاح آمن، مؤكداً أن إحدى ابنتيه تلقت جرعة.
وأطلق على اللقاح اسم «سبوتنيك في» تيمناً بأول قمر اصطناعي أسهم في وضع الاتحاد السوفييتي في مقدمة سباق الفضاء خلال الحرب الباردة في 1957.
وقال عازار إنه على ثقة بأن اللقاح سيكون متوافراً للأميركيين. وقال «نعتقد أنه من بالغ الصدقية أن يصبح لدينا عشرات ملايين الجرعات من اللقاح العالي المعايير والآمن والفعال بنهاية هذا العام، ومئات ملايين الجرعات مع دخولنا العام المقبل».
وكان الرئيس ترامب أطلق برنامج «أوبيريشن وارب سبيد» الهادف إلى تطوير وتصنيع وتوزيع لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لجميع الأميركيين بحلول يناير 2021.
وحتى الآن قدمت واشنطن 9.4 مليارات دولار على الأقل لسبعة مطورين للقاح ووقعت عقود إنتاج مع خمسة منهم لتوفير 700 مليون جرعة.
من جانبه، أعرب مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي، عن تشككه بصورة جدية في أمان وفاعلية اللقاح الروسي.
ونقلت شبكة «إيه بي سي نيوز» عن فاوتشي القول: «آمل أن يكون الروس قد أثبتوا بالفعل وبشكل قاطع أن اللقاح آمن وفعال.. أنا أشك بشكل جدي في أنهم فعلوا ذلك».
وأكد أن الوصول إلى لقاح وإثبات أن أي لقاح آمن وفعال هما أمران مختلفان.
وقال إن الولايات المتحدة تواصل تطوير عدد من اللقاحات، وأضاف: «إذا ما أردنا استغلال الفرصة لإيذاء الكثير من الناس أو إعطائهم شيئاً لا يعمل، فيمكننا البدء إذا ما أردنا، الأسبوع المقبل، في القيام بذلك. لكن هذه ليست الطريقة التي تسير بها الأمور».
وأكد أنه لم يسمع أي دليل يقنعه بأن اللقاح جاهز فعلاً، داعياً الأميركيين إلى فهم أن «الإعلانات الصادرة عن الصينيين أو الروس بأن لديهم لقاحاً» تختلف عن تلك الأميركية «لأننا لدينا طريقة للقيام بالأمور في هذا البلد، وهي أننا نهتم بالسلامة».
كما قال وزير الصحة الألماني ينس شبان، أمس، إنه متشكك في أن روسيا أصبحت أول دولة تمنح الموافقة التنظيمية للقاح لمرض «كوفيد-19»، قائلاً إن الأهم هو أن يكون اللقاح آمناً وخضع للاختبار.
وقال شبان لراديو «دويتشلاند فونك»: «الأمر لا يتعلق بأن تكون الأول بطريقة ما، بل يتعلق بالحصول على لقاح فعال خضع للاختبار وبالتالي آمن». وتابع «من أجل الحصول على الثقة في مثل هذا اللقاح، أعتقد أنه من المهم جداً جداً، حتى أثناء الجائحة، إجراء الدراسات والاختبارات ذات الصلة بشكل صحيح ونشرها على الملأ. المشكلة هي أننا لا نعرف سوى القليل جداً عنه إذ إن السلطات الروسية لا تتعامل بشفافية».
وقالت إيران حليفة روسيا، أمس، إن اللقاح «من المحتمل أن ينطوي على خطورة».
وكتب المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور على «تويتر»: «قبل اكتمال جميع التجارب السريرية، يكون استخدام اللقاحات مثل فتح صندوق طماطم (صندوق الشرور) وبالتالي يحتمل أن يكون خطيراً».
في المقابل، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزير الصحة ميخائيل موراشكو، قوله، أمس، إن المزاعم بأن لقاح «كوفيد-19» الروسي غير آمن لا أساس لها من الصحة ومدفوعة بالمنافسة.
وأضاف موراشكو أن اللقاح الروسي سيتوافر للعاملين في قطاع الصحة خلال الأسابيع المقبلة.
وتابع موراشكو في تصريحات نقلتها وكالة «أنباء تاس»: «في الأسبوعين المقبلين، سيتم الحصول على الدفعة الأولى من عبوات لقاح فيروس كورونا، أولاً للعاملين في مجال الطب».
يأتي ذلك، في وقت أعلن الرئيس ترامب، أول من أمس، عن عقد بقيمة 1.5 مليار دولار لتسليم 100 مليون جرعة من لقاح «كورونا» التجريبي الذي تُعدّه شركة «موديرنا»، وهو العقد السادس من نوعه منذ مايو.
وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض «يسرني أن أعلن الليلة أننا توصلنا إلى اتفاق مع شركة موديرنا لتصنيع وتسليم 100 مليون جرعة» من اللقاح الذي تعمل عليه الشركة. وأضاف ترامب أنّ «الحكومة الفيدراليّة ستمتلك جرعات اللقاح تلك، نحن نقوم بشرائها».
وأعلنت شركة الأدوية الأميركية «موديرنا» أن التجارب السريرية للقاحها المضاد لوباء «كوفيد-19» دخلت المرحلة النهائية في 27 يوليو. وتُعدّ شركة موديرنا في طليعة السباق العالمي من أجل التوصّل للقاح مضادّ للوباء.
ويحذّر العلماء من أنّ اللقاحات الأولى التي ستطرح في الأسواق لن تكون بالضرورة الأكثر فاعلية.
وكانت الولايات المتحدة أبرمت في الأسابيع القليلة الماضية صفقات للحصول على مئات الملايين من جرعات لقاحات محتملة لـ«كوفيد-19» من شركات عدة في إطار برنامج عملية التسجيل السريع، الذي يهدف إلى إنتاج لقاح في البلاد بحلول نهاية العام.
ويصل سعر الجرعة من «موديرنا» إلى نحو 30.5 دولاراً للشخص الواحد لنظام جرعتين.
وباستثناء صفقاتها مع «أسترازينيكا»، التي عرضت سعراً أقل للجرعة مقابل دفع تكاليف البحث والتطوير مقدماً، فإن جميع الصفقات تسعر لقاحات «كوفيد-19» بين 20 و42 دولاراً لدورة علاج من جرعتين.
وقالت «موديرنا» هذا الشهر إن لقاحها المحتمل (إم.آر.إن.إيه-1273)، من اللقاحات القليلة التي وصلت بالفعل إلى المرحلة النهائية من الاختبار، والتي ستنتهي في سبتمبر.
ولن تدفع الولايات المتحدة قيمة صفقتها مع «موديرنا» بالكامل إلا إذا أوفت الشركة بمعايير التوقيت لتسليم اللقاح. وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقيات مع «جونسون آند جونسون» و«أسترازينيكا» و«فايزر» و«بيونتك» و«سانوفي» و«جلاكسو سميثكلاين» لشراء لقاحاتها المحتملة.
وستحصل واشنطن بموجب هذه الاتفاقيات على أكثر من 500 مليون جرعة من لقاحات لـ«كوفيد-19»، على افتراض حصول الشركات المعنية على موافقة الهيئات التنظيمية. كما تمنح بعض الصفقات الولايات المتحدة خياراً لشراء جرعات إضافية.
فاوتشي: الوصول إلى لقاح وإثبات أن أي لقاح آمن وفعال هما أمران مختلفان.
يحذّر العلماء من أنّ اللقاحات الأولى التي ستطرح في الأسواق لن تكون بالضرورة الأكثر فاعلية.
موسكو تقول إن اللقاح الروسي سيتوافر للعاملين في قطاع الصحة خلال الأسابيع المقبلة.