تشديد القيود الصحية حول العالم لتجنّب إعادة فرض العزل التام
يشدد العالم، من فرنسا إلى كندا مروراً ببريطانيا، القيود الصحية في مواجهة التفشي المتسارع لوباء «كوفيد-19»، إذ تسعى الحكومات بأي ثمن إلى تجنّب إعادة فرض عزل تام ستكون له تداعيات اقتصادية كارثية، فيما سيسعى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، خلال خطابه السنوي لزعماء العالم الأسبوع المقبل، للدفع من أجل وقف إطلاق النار على مستوى العالم حتى نهاية عام 2020.
وتفصيلاً، حذّر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، من أن «ما نشهده من حيث الأعداد في هذه الأيام يجب أن يقلق العالم». وسجّلت بلاده في نهاية الأسبوع الفائت أكثر من 1300 إصابة، في عدد غير مسبوق منذ بداية فصل الصيف.
وقال ترودو «آخر ما نريد أن نعيشه هذا الخريف هو عزل مثلما حصل في الربيع»، مذكراً بأهمية الالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وإذا كان احتمال إعادة فرض العزل التام، مثل ذلك الذي فُرض في إسرائيل لثلاثة أسابيع على الأقل، غير مطروح بالنسبة لمعظم الدول، فإن بعض المسؤولين لا يترددون في التهديد به.
وأكد رئيس وزراء أونتاريو، المقاطعة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في كندا، دوغ فورد: «أحرص على أن أكون واضحاً تماماً: كل الخيارات مطروحة».
والوضع مقلق أيضاً في فرنسا، حيث سُجلت، أول من أمس، أكثر من 6000 إصابة بالمرض، بعد تسجيل عدد قياسي السبت بلغ 10 آلاف و561 إصابة. وأُعلن، أول من أمس، عن مجموعة من القيود، من بينها منع حفلات الطلاب والنزهات المدرسية والتجمعات لأكثر من 10 أشخاص في مدن كبيرة عدة، خصوصاً في مارسيليا وبوردو (جنوب).
وأدت المخاوف المرتبطة بـ«كوفيد-19» في فرنسا إلى إلغاء المعرض الدولي للفن المعاصر، وهو أحد اللقاءات الفنية الدولية الأساسية، وكان مقرراً في باريس في أواخر أكتوبر.
واعتباراً من أمس، منعت برمنغهام، ثاني مدينة أكثر اكتظاظاً بالسكان في المملكة المتحدة، جميع اللقاءات بين العائلات والأصحاب. وفي أنحاء انجلترا، يُمنع منذ الاثنين أن يجتمع أكثر من ستة أشخاص من عائلات مختلفة.
وأودى فيروس كورونا المستجدّ بحياة 929 ألفاً و391 شخصاً على الأقل في العالم منذ أن أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض، حسب تعداد أعدته «فرانس برس» استناداً لمصادر رسميّة أمس.
وسجّلت منظمة الصحة العالمية، الأحد الماضي، عدداً يومياً قياسياً يقارب 308 آلاف إصابة في أنحاء العالم. وقال مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أول من أمس: «نحن بعيدون عن الخروج» من الأزمة.
في لبنان، حذّر نقيب المحامين في بيروت، ملحم خلف، أول من أمس، من تفشي المرض في سجن رومية، قرب العاصمة، الذي يؤوي نحو 4000 سجين، أي أكثر بنحو ثلاث مرات من قدرته الاستيعابية.
وقال خلف لوكالة «فرانس برس» إن «الفيروس داخل سجن رومية أشبه بقنبلة إنسانية لا أحد يستطيع أن يحملها».
في المقابل، يبدو أن الوضع يتحسّن في البيرو، إحدى دول أميركا اللاتينية الأكثر تضرراً من الوباء الذي أودى بحياة 31 ألف شخص على أراضيها. وسجّلت 102 وفاة جديدة في البيرو أول من أمس، وهو أدنى عدد مسجّل منذ 24 مايو.
من جهتها، لم تسجّل أستراليا أي وفاة جراء الوباء للمرة الأولى منذ شهرين. ويأتي ذلك بالتزامن مع تخفيف القيود المفروضة في ملبورن.
وفي وقت لايزال العالم بعيداً عن الوصول إلى نهاية الوباء الحالي، حذّرت لجنة دولية، أول من أمس، من أن العالم لا يستعد بما يكفي لمواجهة جائحة مقبلة قد تكون أخطر من وباء «كوفيد-19».
وحذّر مجلس الإشراف على التأهب العالمي، وهو هيئة رقابة مستقلة أنشأتها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، من أنه «إذا لم نأخذ العبرة من (كوفيد-19)، وإذا لم نتصرف من خلال الوسائل اللازمة، ونبدي الالتزام المطلوب، فإن الوباء التالي - وهو أمر مؤكد - سيكون أكثر تدميراً».
يأتي ذلك في وقت سيسعى أنطونيو غوتيريس، خلال خطابه السنوي لزعماء العالم الأسبوع المقبل، للدفع من أجل وقف إطلاق النار على مستوى العالم حتى نهاية عام 2020 لتتمكن الدول من مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد، لكنه قال إن فرصاً ستضيع بسبب عدم حضور زعماء دول بأنفسهم إلى نيويورك لعقد اجتماع على أرض الواقع.
وكان من المنتظر أن يحضر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى مقر الأمم المتحدة في ظهور نادر لإحياء ذكرى مرور 75 عاماً على تأسيس المنظمة التي تضم في عضويتها 193 دولة.
لكن بسبب الجائحة، سيكون الاثنان ضمن نحو 170 من زعماء الدول ورؤساء الحكومات الذين سيلقون كلمات عبر الفيديو خلال اجتماع المنظمة الذي يستمر أسبوعاً بدءاً من يوم 22 سبتمبر.
وقال غوتيريس للصحافيين، أول من أمس، بالأمم المتحدة «الدبلوماسية تعتمد كثيراً على التواصل بين البشر بالتأكيد، لذلك سنفقد أشياء خاصة فيما أعتبره أولويتي الأولى في الوقت الراهن. تطبيق وقف إطلاق نار عالمي».
ومنذ دعوته الأولى لوقف إطلاق النار على مستوى العالم في مارس مع بدء انتشار فيروس «كورونا»، قال غوتيريس إنه ظهرت بالفعل «إشارات إيجابية» مع التوصل لاتفاقات سلام في السودان، وبدء محادثات بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»، وتراجع العنف في مناطق مثل سورية وليبيا وأوكرانيا، وإجراء «مفاوضات مكثفة» من أجل هدنة تقود إلى محادثات في اليمن.
حذّرت لجنة دولية من أن العالم لا يستعد بما يكفي لمواجهة جائحة مقبلة قد تكون أخطر من وباء «كوفيد-19».
في لبنان، حذّر نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف، أول من أمس، من تفشي المرض في سجن رومية.