معظم الناخبين المسلمين لا يكترثون ببايدن
نسيبة مبارك ليست من أكثر المعجبين بالمرشح الرئاسي الديمقراطي، جو بايدن، لكنها تبذل كل جهدها لحث كل ناخب مسلم آخر على الإدلاء بصوته لمصلحته، وتقول: «لست راضية عن المرشح الديمقراطي، لكنني أفعل كل ما بوسعي لإخراج ترامب من منصبه».
مبارك ليست وحدها التي تعبّر عن هذه المشاعر، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، أخيراً، أن 18% فقط من الناخبين المسلمين يؤيدون دونالد ترامب، بينما ذكر 71% منهم أنهم يدعمون بايدن، لكن هذا التفاوت لا يضمن أن المسلمين سيصوتون لبايدن بأعداد كبيرة، ولن يستفيد نائب الرئيس السابق من شعبية خصمه المتآكلة، إلا إذا تمكن من إقناع الناخبين المسلمين، الذين يشعر بعضهم بعدم رضاهم عن الانخراط في حملة بايدن.
أهمية المشاركة
في حين أن المسلمين الأميركيين يشكلون نحو 1% فقط من سكان الولايات المتحدة، فإن هذه الفئة من المجتمع تمثل وزناً كبيراً في ولايات متأرجحة عدة، بما فيها فلوريدا، وأوهايو، وفيرجينيا، وويسكونسن، وبنسلفانيا، وبالطبع ميتشيغان، حيث فاز ترامب بنسبة أقل، وفيما يتعلق بالقضايا التي تهم المجتمع الإسلامي، لا توجد مقارنة حقيقية بين المرشحين الرئيسين، فقد استخدم ترامب بشكل روتيني خطاب الإسلاموفوبيا، ودافع عن قراره بحظر المسلمين، الذي يمنع دخول المهاجرين واللاجئين من بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة إلى الولايات المتحدة، ودعم مجموعة من السياسات الفيدرالية، بما في ذلك برامج المراقبة الشاملة التي تضر بشكل غير متناسب بالأميركيين المسلمين. وتعتقد مبارك، التي تقود فريق تعبئة الناخبين في منظمة «موف أون MoveOn.org، أنه كي لا يحظى ترامب بولاية ثانية فإن ذلك يعني، جزئياً على الأقل، تعبئة الناخبين المسلمين في مناطق متأرجحة رئيسة. ويتطلب ذلك عملية من خطوتين: تذكير المسلمين الأميركيين بمخاطر ولاية ترامب الثانية، وإعطاؤهم سبباً وجيهاً لكي يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهذا العامل الثاني، كما تقول، جزء أساسي من مهمتها من الآن وحتى الثالث من نوفمبر، وتقول إن بايدن، في المقابل، لم يستفز معظم الناخبين المسلمين بشكل ملحوظ، لكنه فشل في إقناعهم بالوقوف خلفه، وتعهد بإلغاء حظر المسلمين في أول يوم له من منصبه، وهذا يدل على أن إدارة بايدن «ستدعم الأميركيين المسلمين لكي يخدموا على كل المستويات»، ونشر جداول أعمال سياسية تستهدف مساعدة الجاليات الأميركية المسلمة، والعربية الأميركية، وفي حين أن مثل هذه الوعود الانتخابية ليست كافية، كما تقول مبارك، فإنها تحث المسلمين على التصويت لبايدن «لأنها المرة الأولى التي نجلس فيها حقاً على الطاولة».
ارتفاع ملحوظ في مشاركة المسلمين
وشهدت الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المشاركة السياسية للمسلمين، الذي كان جزئياً استجابة لخطاب وسياسات الرئيس ترامب المعادية للإسلام، كما يقول الخبراء، في ولايات فلوريدا، وأوهايو، وميتشيغان، وفيرجينيا، التي كانت ساحة للمعركة الانتخابية، إذ قفزت نسبة تصويت المسلمين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2014 إلى 2018 إلى 25%، من 130 ألف صوت إلى أكثر من 285 ألفاً، وفقاً لمجموعة «إيموجي»، وهي مجموعة مشاركة مدنية أميركية مسلمة.
وجهود التواصل مع الناخبين المسلمين آخذة في الازدياد أيضاً، ففي عام 2015، على سبيل المثال، تم تأسيس «مشروع جورجيا للناخبين المسلمين» الذي اعتبر «رداً على خطاب الإسلاموفوبيا الصادر عن السباق الرئاسي في ذلك الوقت»، إلى جانب المشاركة المنخفضة نسبياً بين الأميركيين المسلمين، كما يقول المدير التنفيذي للمنظمة، عمر روباني.
مجتمع «يستحق الوصول إليه»
تاريخياً، لم يبذل الديمقراطيون ولا الجمهوريون الكثير من الجهود للوصول إلى الجالية المسلمة لأنها صغيرة جداً، ويقول الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة كريستوفر نيوبورت، يوسف شهود: «لم تَرَ الحملات السياسية أبداً أن هذا المجتمع (المسلم) يستحق وقتها»، لكن في السنوات الأخيرة بدأ هذا الاتجاه يتحول.
أحد الأسباب هو التركيبة السكانية، فبينما هاجر عدد كبير من الأميركيين المسلمين بعد قانون الهجرة والجنسية عام 1965، الذي أزال الحواجز أمام الهجرة من آسيا وإفريقيا ومناطق أخرى خارج أوروبا، فإن أطفالهم غالباً ما يكونون مولودين في أميركا، أولئك الذين هم على وشك الاقتراع لديهم تجربة مختلفة تماماً عن أميركا، ويعرف الكثيرون منهم فقط عالم ما بعد 11 سبتمبر، ويقول مدير اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز، وهي منظمة حقوق مدنية، عبد أيوب: «إنهم بالغون الآن، ولم يعرفوا شيئاً سوى الهجمات على مجتمعهم».