بايدن يرغب في تبني استراتيجية عسكرية «حازمة» تجاه الصين
عبّر الرئيس الأميركي، جو بايدن، لنظيره الصيني، شي جينبينغ، عن قلقه بشأن أوضاع حقوق الإنسان في هونغ كونغ وشينغيانغ، في أول محادثة بينهما منذ تسلمه مهامه في 20 يناير، كما عبّر بايدن عن رغبته في تبني استراتيجية عسكرية جديدة «حازمة» ضد الصين، مؤكداً في الوقت نفسه أن استخدام القوة يجب أن يكون «آخر أداة» للحل.
وحسبما أعلن البيت الأبيض، في بيان، عبّر بايدن لشي في المحادثة - التي وضعت أطراً قد تكون استمراراً للعلاقات الشائكة بين القوتين العظميين - عن «تحياته وتمنياته الطيبة» للشعب الصيني بمناسبة احتفالات رأس السنة القمرية الجديدة.
لكن في رسمه أرضية للعلاقات بين واشنطن وبكين، بعد أربع سنوات مضطربة خلال عهد سلفه، دونالد ترامب، تحدى بايدن نظيره إزاء توسع نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وقمع النشطاء المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ، واضطهاد ملايين الأويغور المسلمين في منطقة شينغيانغ.
وفي المحادثة الهاتفية، قال بايدن لشي إن أولوياته هي حماية أمن وازدهار وصحة الأميركيين ونمط عيشهم، والحفاظ على منطقة المحيطين «الهندي والهادئ حرة ومفتوحة»، حسبما ورد في بيان البيت الأبيض بشأن الاتصال.
وقال البيان إن بايدن «أكد تحديداً على مخاوفه العميقة بشأن الممارسات الصينية الاقتصادية القسرية وغير العادلة، والقمع في هونغ كونغ، وانتهاكات حقوق الإنسان في شينغيانغ، والإجراءات الحازمة المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك تجاه تايوان».
كما ناقش الرئيسان، وفق البيان، جائحة «كوفيد-19» والتغيّر المناخي وانتشار الأسلحة.
وقال البيت الأبيض إن بايدن «تعهد بممارسات عملية تسعى إلى تحقيق نتائج عندما تصبّ في مصلحة الشعب الأميركي ومصلحة حلفائنا».
وفي بكين، أكد مسؤولون المحادثة الهاتفية، واكتفت وسائل إعلام رسمية بالقول إن الجانبين «تبادلا بشكل عميق الآراء حول العلاقات الثنائية، ومسائل دولية وإقليمية كبرى».
والمحادثة ليست أول تواصل بين بايدن وشي، فقد التقى الرجلان عندما كان بايدن نائباً للرئيس في إدارة باراك أوباما بين 2009 و2017.
لكن بايدن استخدم المكالمة لرسم نهجه للعلاقات الثنائية التي شابها توتر كبير خلال عهد ترامب.
واتخذ ترامب تدابير تجارية أحادية حازمة ضد الصين، في مسعى لم ينجح في سد عجز تجاري للولايات المتحدة معها، وتحدت إدارته بقوة مطالبات الصين بالسيادة على مناطق في البحر، وعَاقب الصناعة الصينية، والباحثين لسرقتهم المفترضة لتكنولوجيا أميركية.
وساءت العلاقات بدرجة أكبر قبل عام، عندما اتهم ترامب بكين بالتستر على منشأ فيروس كورونا المستجد.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن الرئيس الجديد شعر بأنه في وضع قوي للتأكيد على المصالح الأميركية لشي.
وفيما قطع ترامب علاقات مع حلفاء قديمين من أجل نهج أحادي تجاه بكين، استخدم بايدن الأسابيع الثلاثة الأولى له في البيت الأبيض لإعادة بناء تلك العلاقات كأساس لنهج أشمل.
وقال مسؤول أميركي آخر، إن بايدن وجد أن نهج ترامب الذي سعى لتنافس استراتيجي مكثف تجاه الصين «مجدٍ»، وهناك ضرورة لاتباع ذلك النهج في كل أوجه العلاقات الثنائية وبكل أدوات القوة الأميركية.
من جانب آخر، قال المسؤول إن الصين استغلت ابتعاد ترامب عن شركاء، وتطبيقه الفوضوي للسياسات.
وجاءت دعوة بايدن إلى شي في اليوم نفسه الذي عقدت سفيرة تايوان الفعلية الأمر لدى الولايات المتحدة أول اجتماع رسمي لها معترف به علناً مع مسؤولي وزارة الخارجية في ظل إدارة بايدن الجديدة.
وجاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والصيني بعيد ساعات من زيارة قام بها بايدن إلى البنتاغون، وأعلن خلالها أنه شكّل فريق عمل في الوزارة مكلّف ملف الصين، وأنه أمر بإجراء مراجعة للمقاربة الاستراتيجية العسكرية للمخاطر التي تشكّلها بكين.
وخلال زيارته الأولى لوزارة الدفاع الأميركية منذ وصوله إلى البيت الأبيض، أعلن بايدن تشكيل فريق عمل داخل وزارة الدفاع لتطوير استراتيجية تجاه الصين، التي تعتبرها الولايات المتحدة خصمها الاستراتيجي الأول.
وقال بايدن، في خطاب أمام الجيش الأميركي، إن «فريق العمل هذا سيعمل بسرعة، ليتيح لنا اتخاذ قرار بشأن توجه حازم بشأن القضايا المتعلقة بالصين».
وأضاف الرئيس الأميركي أن «الأمر سيتطلب جهداً حكومياً كاملاً، وتعاوناً بين الحزبين في الكونغرس، وتحالفات وشراكات قوية»، مؤكداً أنه «بهذه الطريقة يمكننا الرد على التحديات التي تمثلها الصين».
وتتألف مجموعة العمل هذه من 15 مستشاراً مدنياً وعسكرياً، وستكون لديها مهلة أربعة أشهر لتقديم توصياتها إلى وزير الدفاع، لويد أوستن، وسيترأسها المستشار الدبلوماسي السابق لبايدن المتخصص في الصين، إيلي راتنر.
والهدف هو تحديد الموقف العسكري الضروري في المحيط الهادئ، لمواجهة الطموحات الإقليمية لبكين، وتطوير التعاون مع الحلفاء، لكن أيضاً تحديد نوع العلاقات التي ترغب الولايات المتحدة في إقامتها مع الجيش الصيني، أو حتى أنواع الأسلحة التي يمكن أو لا يمكن تطويرها.
لكن بايدن أكد من جديد أنه يريد إعطاء الأولوية للدبلوماسية في التعامل مع خصوم الولايات المتحدة، وقال: «لن أتردد أبداً في استخدام القوة للدفاع عن المصالح الحيوية للشعب الأميركي وحلفائنا عند الضرورة».
لكنه أضاف: «أعتقد أن القوة يجب أن تكون الأداة الأخيرة وليس الأولى لأي حل».
واشنطن قلقة من توغلات بكين في المياه اليابانية
عبّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لنظيره الياباني، توشيميتسو موتيغي، عن «قلقه» من توغلات الصين في المياه اليابانية.
وأكد بلينكن مجدداً في اتصال هاتفي، أول من أمس، مع موتيغي أن معاهدة الدفاع الموقعة بين واشنطن وطوكيو تشمل أرخبيل سينكاكو، حسب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس.
ووجهت الحكومة الأميركية الجديدة تحذيرات عدة إلى بكين، بشأن توسعها في بحر الصين، وأكد الرئبي جو بايدن، الشهر الماضي، لرئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا، «التزام الولايات المتحدة الثابت» بحماية اليابان، بما في ذلك أرخبيل سينكاكو الذي تسميه الصين دياويو وتطالب به.
وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الصين تشكل «المشكلة الأصعب والأكثر تعقيداً» بالنسبة للولايات المتحدة، لأن واشنطن تريد ردع بكين عسكرياً، لكنها تريد التعاون مع الصين اقتصادياً.
ويفترض أن يعلن أوستن برنامج رحلاته إلى الخارج في الأشهر المقبلة، ويرجح أن تكون أولى هذه الزيارات لآسيا.
ومن دون الإعلان عن قرار بشأن احتمال إبقاء القوات الأميركية في أفغانستان بعد مطلع مايو، الموعد النهائي المتفق عليه بين الإدارة الأميركية السابقة و«طالبان»، أكد بايدن رغبته في «وضع حد بطريقة مسؤولة للحروب التي استمرت طويلاً جداً». واشنطن - أ.ف.ب
بايدن يؤكد أن استخدام القوة يجب أن يكون «آخر أداة» للحل.