خالدة جرار: حريتي منقوصة لحرماني من توديع ابنتي
في العام 2019 أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار، لتكون مقبرة الأموات في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية هي قبلتها فور تحررها مباشرة، من أجل زيارة قبر والدها، الذي فارق الحياة وهي معتقلة خلف قضبان السجان.
وفي ذات العام أسرتها إسرائيل مرة ثانية، لتغيب لمدة عامين كاملين خلف القضبان، حُرمت خلالها من توديع ابنتها "سهى"، التي وافتها المنية في منزلها بمدينة رام الله، في شهر يوليو الماضي من العام 2021، جراء إصابتها بنوبة قلبية حادة.
وبعد انقضاء 24 شهرا من الاعتقال، تكرر المشهد مرة ثانية، حيث كانت مشاعر الحزن ومرارة الفراق هي سيدة الموقف، والتي خيمت على مشهد الإفراج عن النائبة القيادية جرار، فبدلا من الاحتفال بتحررها داخل منزلها، توجهت إلى المقبرة الجديدة في مدينة رام الله، لزيارة قبر ابنتها سهى التي منعت من احتضانها أثناء اعتقالها، فيما حرمت من طبع القُبلة الأخيرة على جبينها قبل مواراة جثمانها الطاهر الثرى، والمشاركة في جنازتها.
وعلى الفور، انحنت خالدة جرار تتحسس حجارة قبر ابنتها الصماء، بعدما وضعت عليها إكليلا من الورود قطفتها من جبل الكرمل في مدينة حيفا المحتلة، لتقول وسط حضور عائلتها ورفاقها مخاطبة قبر ابنتها سهى "حرمت من وداعك بقبلة، وودعتك بوردة، واحتضنتك اليوم بالورود".
فرحة منقوصة
وكان الاحتلال قد أفرج عن النائبة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية يوم الأحد الماضي 26 سبتمبر، بعد اعتقال سنتين، قضتها في سجن الدامون العسكري، كما اعتقلت جرار مرات عدة قضت معظمها في الاعتقال الإداري، كما صدر بحقها قرار بالإبعاد إلى مدينة أريحا.
وتقول النائبة جرار لـ"الإمارات اليوم" خلال استقبالها المعزيين بابنتها والمهنئين بحريتها داخل منزل عائلة زوجها في مدينة جنين شمال الضفة الغربية: "خلال عمليات اعتقالي الأربع الماضية كانت ابنتي وحبيبتي سهى هي أول من تستقبلني فور الإفراج عني مباشرة، ولكن هذه المرة كانت هي الغائبة الوحيدة، ولكنها حاضرة في عقلي وقلبي إلى الأبد".
وتضيف:" لأجل ذلك، كانت قبلتي الوحيدة عقب التحرر زيارة قبرها، وهذه كانت أمنيتي التي انتظرتها داخل السجن على أحر من الجمر".
وتصف القيادية في الجبهة الشعبية مشاعر تحررها بالمنقوصة، حيث واجهت لحظات شديدة القسوة، جراء فقدانها ابنتها وهي معتقلة داخل الأسر.
وتقول النائبة جرار: " عندما كنت في الاعتقال الماضي فقدت والدي، وهذه المرة فجعت بفقدان ابنتي سهى ، لكن روحها كانت ترافقني طوال الوقت، وهذا ما جعلني متماسكة بعض الشيء".
وتمضي جرار قائلة:" كان خبر وفاة ابنتي سهى فاجعة أذهبت عقلي وقلبي معها، ومنع الاحتلال مشاركتي في تشييع جثمانها الطاهر وإلقاء نظرة الوداع على ابنتي كان هو الأشد والأقسى على نفسي، فالاحتلال لا يدرك تماما معاني الإنسانية".
إجراءات تعسفية
وانتقالا للحديث عن واقع الأسيرات الفلسطينيات داخل سجن الدامون العسكري الإسرائيلي حيث كان الاحتلال يحتجزها داخل زنازينه، وصفته بالمرير والسيئ، حيث يعانين المرض والإصابة، والإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال.
الأسيرة الفلسطينية المصابة "فيروز البو"، والتي كسرت قوات الاحتلال قدمها لحظة اعتقالها، لا تستطيع الحركة على الإطلاق، وحتى الآن لم تتلق العلاج اللازم خلف القضبان، ولم تدخل المستشفى لمتابعة حالتها الصحية"، تقول النائبة خالدة جرار.
وتمضي القيادية بالجبهة الشعبية حديثها قائلة: "إن الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص من مدينة القدس الشريف، تحتاج إلى تدخل سريع وعاجل لإنقاذ حياتها، في ظل تعرضها الدائم للإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال، إلى جانب مواجهتها والأسيرات الفلسطينيات أوضاعا صحية صعبة للغاية".
وتبين النائبة جرار أن الاحتلال يحتجز خلف قضبان سجن الدامون العسكري (36) أسيرة فلسطينية، جميعهن يتعرضن لإجراءات تعسفية قاسية أثناء فترة الاعتقال، إلى جانب معاناة الأسيرات المريضات والمصابات، واللواتي يحرمن من تلقي الرعاية الصحية، والعلاج الطبي اللازم والضروري.
وبحسب جرار، فإن أبرز الإجراءات المشددة التي تواجهها الأسيرات الفلسطينيات، منع عائلاتهن وأطفالهن من زيارتهن منذ عامين كاملين، وعدم توفر اتصالات هاتفية للتواصل مع ذويهن، إلى جانب نشر كاميرات مراقبة في ساحة الفورة، والتي تحد من حرية الأسيرات.
وتلفت النائبة جرار المشرفة على لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، إلى أن إدارة مصلحة سجون الاحتلال فرضت إجراءات عقابية مشددة بحق الأسيرات الفلسطينيات عقب عملية نفق الحرية في سجن جلبوع العسكري، ومنها، إغلاق الأقسام والغرف عليهن لمدة يوم واحد، كما فرضت قانون جديد إما الخرج للفورة و إما أن تبقى الأسيرات بالغرف.