مؤتمر "تجديد الخطاب الديني" يبحث إعلاء مبادئ الاعتدال وتعزيز الأخوة الإنسانية
تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي .. بدأت اليوم أعمال مؤتمر " تجديد الخطاب الديني " الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي على مدار يومين.
ويشارك في المؤتمر الذي يعقد برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية عدد من العلماء والخبراء من داخل الدولة وخارجها.
ويتناول المؤتمر عددا من المحاور التي تعنى بتجديد الخطاب الديني وإعلاء مبادئ الاعتدال والوسطية، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش التي تتبناها دولة الإمارات كمنهج لنشر روح المحبة والسلام، وتجسد رؤية قيادتها الرشيدة في تحقيق مبادئ العيش المشترك بين الشعوب ونبذ العنف والكراهية.
ورحب معالي الشيخ عبدالله بن بيّه في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالمشاركين من داخل الدولة وخارجها.
وقال " نأمل أن يكون المؤتمر فاتحة مشاريع طموحة في البحث المؤصل من أجل بث مفردات السلم والتسامح والأخوة الإنسانية في قاموس الحياة".. مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الديني يعتمد على استعادة مضمونه القيمي الذي أصابه ضمور شديد في العقود الأخيرة ووصل ما انفصل من علاقة الدين بالقيم لذلك لابد من خطاب يجدد القيم في النفوس ويعزز روح الرحمة والمحبة والتضامن لتتنزل سكينة على القلوب.
وأكد أن القيم روح الدين ولغته الكونية وسبيل عودته الرشيدة إلى الفاعلية وبمضامينه القيمة يمكن لخطابنا الديني الجديد أن يستعيد دوره في إرشاد العالم واقتراح الحلول.
وأضاف " نحن جميعا مدعون لهذه المهمة الجليلة مهمة تجديد الخطاب الديني من خلال انتاج رواية جديدة للدين تستعيد بها الأمة فاعليتها في العالم وليس على هامشه أو مواجهته فهو دعوة إلى بناء إنسان جديد فخور بأصالته ومتفاعل مع عصره ويستطيع بكفاءته الروحية والخلقية والنفسية والعلمية المنافسة في ميدان الحياة والانخراط في العالم الجديد بتحدياته ومجهولاته".
وقال إن الخطاب الديني الذي نرنو إليه يتصف بالانضباط والانفتاح والتسامح لأنه خطاب منبثق عن استيعاب كامل التراث واستثمار الامكانيات المتاحة فيه، ولكونه يقوم على منهج المواءمات الحضارية والتحالف بين القيم والتوازن بين الكليات، وهو ايضا يقبل الاختلاف ويتسع لمختلف وجهات النظر والآراء وهو خطاب متصالح لا يكفر ويتوخى مصالح الناس ويراعي ضعفهم ويعلي قيمة الإنسان.
كما خاطب المؤتمر معالي الدكتور حمدان مسلم المزروعي رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، مشيدا بدور القيادة الرشيدة في دعم مسيرة الجامعة.
وتوجه بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي تشرفت الجامعة بحمل اسمه.
وأثنى على رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لفعاليات المؤتمر ونقل شكر وتقدير سموه للمشاركين في المؤتمر من داخل الدولة وخارجها.
وقال " نحمد الله اننا في دولة بناها زايد الخير ويرعاها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" دولة يعلي صرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي" رعاه الله" ويحفظ أمنها وايمانها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة وبفضل هذه القيادة ورؤيتها السديدة أصبحت الإمارات بحق وحقيقة وطن السلام والتسامح والأخوة الإنسانية حيث تعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية بأمن وأمان وانسجام تام".
وأضاف المزروعي إن مواقف الإمارات الأصيلة تجاه الآخرين جعلتها تتصدر دول العالم في منح المساعدات الإنسانية دون النظر لجنس أو لون أو عرق أو أي اعتبارات غير إنسانية مشيرا إلى أن استضافة الدولة لإكسبو 2020 يجسد الثقة التي تحظى بها من الجميع.
واستعرض معاليه في كلمته كيف كان حال الأمة قبل الإسلام وكيف أصبح حالها بعد الرسالة المحمدية التي بدأت بخطاب من المولى عز وجل لنبيه الكريم.
وقال " ما احوجنا هذه الأيام إلى خطاب ديني ينطلق من وحدة الأصل البشري ويجمع الكلمة ويوحد الصف ويحقن الدماء ويواسي الضعفاء ويعمر الأوطان ويعزز الانتماء والولاء لها حتى تنمو وتزدهر مجتمعاتنا".
ودعا المزروعي الذين يتاجرون باسم الدين إلى الكف عن العبث بالدين وبأرواح وأموال الناس مشيرا إلى أنه قد اكتشف الجميع حقيقتهم وزيف دعوتهم وبارت بضاعتهم.. كما دعا الشباب إلى أن ينتبهوا إلى دعاة التكفير والتضليل وان يستقوا أمور دينهم من الثقاة من العلماء والأئمة والدعاة.
من جانبه أكد معالي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في جمهورية مصر العربية أن الأصل في الإسلام هو السلام والتعايش السلمي بين البشر، ولا إكراه في الدين ولا قتل على المعتقد ولا تمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين واللون والجنس والعرق واللغة والقبيلة، إنما هي حقوق وواجبات على نحو ما رسخته وثيقة المدينة المنورة من أسس التعايش بين أهل المدينة جميعا.
وقال " إننا نؤكد من خلال هذا المنبر بأن التعايش الذي ننشده لا يعني التنازل عن ثوابتنا الشرعية بأي صورة من الصور أو النيل من الأديان، كما ان التجديد لا يعني التبديد".. لافتا إلى أن هناك أمران أضرا بالخطاب الديني والمجتمعات المسلمة على حد سواء، هما الجهل والمتاجرة بالدين، مشيرا إلى أن الجهل يجب مداواته بالعلم والمتاجرة تحتاج إلى كشف أصحابها وما يتصفون به من عمالة وتكسب بالدين.
وأضاف " عكست جماعات التطرف القواعد العامة فجعلت التحريم أصلا والحل استثناء، غير مدركين أنهم يعقدون على الناس أمور حياتهم، مع أن الأصل في الأمور الاباحة وأن التحريم لا يثبت إلا بالدليل، والاباحة لا تحتاج إلى دليل كونها الأصل والتحريم هو الذي يحتاج إلى دليل كونه الاستثناء".
من جانبه أشاد فضيلة الشيخ كامل سميع الله مفتي جمهورية تترستان بتنظيم جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية لهذا المؤتمر واختيار هذا الموضوع الحيوي للتداول حوله.
وقال " ليس من المستغرب أن يقام هذا المؤتمر في الإمارات التي تدعو دائما للتسامح والتعايش ونشر قيم الأخوة الإنسانية".
وأضاف إن تترستان تعتبر من أفضل البلاد التي تجسد منى التسامح والتعايش على أرض الواقع حيث تعيش 170 قومية في سلام ووئام حتى أصبحت نموذجا للتعايش في العالم.
وقال إن للإسلام في تترستان جذور عميقة وتستمد بلادنا قيم التسامح من التراث التتري الذي كان يمثل نموذجا يحتذى في التعايش الديني.
إلى ذلك أكد سعادة الشيخ راشد الهاجري رئيس الأوقاف السنية بمملكة البحرين في كلمته أن الخطاب الديني المعتدل من أهم الروافد التي تعنى ببناء الفرد والمجتمع، وهو السبب الرئيسي في حفظ وصيانة الأفراد والمجتمعات من الانحرافات الفكرية والعقائدية.
وقال إن الخطاب الديني المعتدل ضرورة ملحة ومطلب متجدد، لذلك تشرفنا بالمشاركة في هذا المؤتمر الذي يناقش هذاى الموضوع الحيوي.