الرئيس التشيلي المنتخب غابريال بوريك «يساري» من نوع خاص
مع أن معارضيه المتطرفين يرون أن تشيلي ستصبح فنزويلا أو كوبا جديدة في عهده، يميل غابريال بوريك، الرئيس المنتخب على رأس تحالف يساري، إلى أوروبا ليستوحي منها نموذجاً اقتصادياً جديداً يضمن إعادة توزيع الثروة.
وكان هدف حملة الإنكار التي قادها اليمين المتطرف قبل الدورة الثانية من الانتخابات الأحد الماضي، زرع الخوف في أذهان المترددين، عبر التأكيد على أن تحالف يسار الوسط مع الحزب الشيوعي، يمكن أن يحول تشيلي إلى نظام استبدادي مستوحى من الاشتراكية الثورية.
وقال خوسيه أنطونيو كاست خلال خطابه الأخير في الحملة إن «اليسار لا يشجع سوى على الفقر. هذا الفقر الذي أدى إلى جر فنزويلا، ونيكاراغوا، وكوبا التي يفر منها الناس لأن ديكتاتورية المخدرات هذه لا تجلب سوى الفقر والبؤس».
في الواقع، قال ناخبون قابلتهم وكالة فرانس برس مثل المتقاعد ريكاردو (75 عاماً) إنهم سيصوتون ضد «الشيوعية»، أو مثل المدرسة ماريا لويزا غايغيوس (53 عاماً) إنه «لو لم يكن هناك بينوشيه (...) لكنا اليوم سنكون مثل فنزويلا».
ورأى باحث العلوم السياسية في جامعة دييغو بورتاليس في سانتياغو، رودريغو إسبينوزا، أن «هذا نموذج لحملات الإرهاب التي يقوم بها اليمين المتطرف بشكل أساسي. يتعلق الأمر بالأخبار الكاذبة أكثر منه بالواقع».
من جهته يؤكد الخبير الاقتصادي فرانسيسكو كاستانيدا من جامعة يونيفرسيداد مايور لفرانس برس من تشيلي إن «غابرييل بوريك يميل إلى اليسار أكثر من الأحزاب التقليدية» التي كانت في الحكومة في تشيلي لكنه «ليس شيوعياً».
ويشير بورتاليس إلى أن «غابريال بوريك دان بشدة انتهاكات حقوق الإنسان في فنزويلا أو وضع الديمقراطية في نيكاراغوا»
وأضاف أنه «يجسد، أكثر من أي مشروع يساري في أميركا اللاتينية مثل مشروع رافائيل كوريا (الإكوادور) أو هوغو شافيز (فنزويلا) أو إيفو موراليس (بوليفيا)، بشكل أكبر الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية، مثل (حزب) بوديموس في إسبانيا». وتابع أن «خطابه واضح: لا قطيعة مع نظام السوق الحرة بل رغبة في تنظيم أكبر وتدخل أكبر للدولة في سياسات إعادة التوزيع».
إعادة التوزيع
أكد بوريك دائماً أنه يريد وضع حد للنموذج المفرط في الليبرالية الذي يحكم تشيلي بعدما أصبحت واحدة من الدول التي تعاني من أكبر تفاوت اجتماعي في العالم، ويملك واحداً بالمئة من أغنيائها أكثر من ربع ثرواتها حسب وكالات للأمم المتحدة.
وسيكون على الرئيس المنتخب الوريث السياسي للانتفاضة الاجتماعية التي جرت في 2019 تطبيق هذه المطالبات عملياً بمجتمع أكثر مساواة.
ويقول إنه يريد أن يؤسس في تشيلي «شيئاً يبدو واضحاً تماماً في أوروبا: ضمان دولة رفاهية يتمتع فيها كل فرد بالحقوق نفسها بغض النظر عن الأموال التي يمتلكها».
لذلك يعتزم الاعتماد على المؤتمر الدستوري الجاري.
وقال بورتاليس «بعد صياغة الدستور الجديد، سننتقل من دولة سوق حرة مع القليل من الضوابط الحكومية، إلى نموذج ديمقراطية اجتماعية يدرج في الدستور عدداً من الحقوق الاجتماعية»، مشيراً إلى مجانية التعليم العالي، وحق السكن، والحصول على رعاية صحية.
والمشروع الرئيس لبوريك هو إصلاح نظام التقاعد عبر إلغاء الشركات. كما وعد بتقليص ساعات العمل الأسبوعية من 45 إلى 40 ساعة، ودفع عجلة «الاقتصاد الأخضر»، وإيجاد 500 ألف فرصة عمل للنساء.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة تشيلي ماريا كريستينا اسكوديرو، إن النموذج الذي يريد بوريك نسخه في الديمقراطيات الاجتماعية في أوروبا، يمكن اتباعه في أميركا اللاتينية مع الأوروغواي.
وأوضحت أنها «دولة صغيرة ومستقرة تتبع بنموذج تنمية معتدل، وفيها دولة قوية مع طبقة وسطى كبيرة وعدالة اجتماعية أكبر».
لكن كاستانيدا تحذر من أنه «من غير الممكن على الأمد القصير التحول إلى نظام إعادة التوزيع» لأن الإصلاحات لسد الفجوات الاجتماعية يجب أن تكون «تدريجية وطويلة الأمد».
• أكد بوريك دائماً أنه يريد وضع حد للنموذج المفرط في الليبرالية الذي يحكم تشيلي بعدما أصبحت واحدة من الدول التي تعاني من أكبر تفاوت اجتماعي في العالم.