سيغطون نصف الخسائر البالغة 69 مليار دولار

المودعون في لبنان يتحملون العبء الأكبر من خطة إنقاذ جديدة

صورة

بعد مرور عامين على الانهيار الاقتصادي الذي يقول البنك الدولي إنه من بين الأسوأ من نوعه على الإطلاق، اقترح حكام لبنان طريقة لسد فجوة كبيرة في النظام المالي، أُلقي باللوم عليهم في التسبب فيها: أن يدفع المودعون معظم الفاتورة، وليس البنوك أو الدولة.

وتسعى الخطة، التي اطلعت عليها «رويترز»، إلى إحياء نظام مصرفي يحتضر من خلال جعل المودعين يغطون أكثر من نصف الفجوة البالغة 69 مليار دولار، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد اللبناني.

وتشمل الخطة تحويل جزء كبير من الودائع بالدولار إلى الليرة اللبنانية، بمعدلات تمحو جزءاً كبيراً من قيمتها.

وستسهم الدولة، والمصرف المركزي، والبنوك التجارية بمبلغ 31 مليار دولار أو أقل من النصف.

ويُعد الاتفاق على خطة عمل أمراً حيوياً لضمان الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، ووضع الدولة على طريق التعافي، ويتعين أن يوافق مجلس الوزراء على الخطة الجديدة.

خلافات

وتقف الخلافات بين الساسة والبنوك على حجم الخسائر، ومن يجب أن يدفع، حائلاً دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن. ويتعين أيضاً أن تقنع هذه الخطة الأخيرة صندوق النقد الدولي. لكن اللبنانيين العاديين، الذين دفعت الأزمة الكثير منهم دفعاً إلى براثن الفقر، لن يكون لهم رأي يذكر في الخطة أو رأي من الأساس.

وقال الخبير الاقتصادي، توفيق كاسبار، الذي عمل مستشاراً لصندوق النقد الدولي ووزارة المالية اللبنانية «الضحية هي التي تتحمل الجزء الأكبر من العبء. منطقهم غير مقبول بأي من معايير المنطق في أي مكان في العالم».

يواجه المودعون «اقتصاصاً» من ودائعهم في أزمات أخرى حول العالم، غير أن صغار المودعين ينعمون بالحماية عادة.

وسيحتفظ المودعون في لبنان الذين تقل ودائعهم عن 150 ألف دولار بأموالهم كاملة -بما يصل إلى نحو 25 مليار دولار- لكنهم سيحصلون عليها على مدار 15 عاماً شأنهم شأن المودعين الآخرين. وحيل بينهم وبين السحب من حساباتهم إلى حد بعيد منذ عامين.

ومع ذلك، فإن حجم الأزمة اللبنانية، وهي الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها خلال الفترة من عام 1975 إلى 1990، يتضاءل أمامه معظم الأمثلة العالمية الأخرى.

وتشير تقديرات إلى أن ديون الحكومة اللبنانية بلغت 500% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، في حين أن الزعماء الطائفيين نفسهم الذين وضعوا البلاد في المأزق الذي تواجهه مازالوا يمارسون نفوذهم كالمعتاد.

لم يتبقَّ سوى القليل

وقال الخبير بشأن الأزمة اللبنانية، مايك عازار «ببساطة، لم يتبق سوى القليل من الأموال. ولهذا السبب تعد المسألة مهمة للغاية. تحاول القيادة السياسية طي الصفحة، وإغلاق هذا الفصل دون محاسبة أحد».

ولم ترد الحكومة، والبنك المركزي، وجمعية مصارف لبنان على طلبات بالبريد الإلكتروني للتعليق.

وبموجب الخطة، سيُحول الجزء الأكبر من الودائع الدولارية البالغة 104 مليارات دولار -والتي لم يعد لدى البنوك ما يكفي من العملة الصعبة لتغطيتها- إلى الليرة اللبنانية، ولكن بمجموعة من أسعار الصرف، يقل اثنان منها عن مستويات السوق الجارية بكثير.

وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها منذ اندلاع الأزمة في عام 2019.

ومن بين هذه الودائع، سيفقد 16 مليار دولار 75% من قيمته و35 ملياراً 40%.

وقال ناصر السعيدي، الذي سبق أن شغل منصب وزير الاقتصاد ونائب محافظ البنك المركزي «إنه تأميم فعلي للودائع»، وألقى باللوم على البنك المركزي في تكبد «خسائر ضخمة في الميزانية العمومية» للدفاع عن عملة مقومة بأكثر من قيمتها الحقيقية.

ويساوي الدولار نحو 20 ألف ليرة حالياً مقابل 1500 فقط قبل الأزمة.

وقال السعيدي عن الخطة الأخيرة «إذا قبلها مجلس النواب، فسيكون ذلك قبلة الموت لنظام مصرفي يحتضر وسيحكم على لبنان واقتصاده وشعبه ببؤس طويل الأمد».

النخبة الراسخة الجذور

وكانت البنوك والمصرف المركزي والساسة الحاكمون قد تسببوا في انهيار خطة سابقة، وُضعت في عام 2020، بسبب اعتراضات على طريقة حساب الخسائر وتقاسمها، وانهارت على أثر ذلك المحادثات مع صندوق النقد الدولي.

وتهدف الخطة الجديدة إلى إنشاء شركة لإدارة الأصول لاستثمار الودائع في مشروعات مثل إعادة بناء مرفأ بيروت -الذي دمره انفجار ضخم في عام 2020- ومحطات الطاقة في بلد لا تستطيع محطات الكهرباء التابعة للدولة إنارته.

وتقضي الخطة بأن تصدر شركة إدارة الأصول، التي ستملكها الدولة لكنها ستدار باستقلال عنها، أوراقاً مالية مضمونة بالأصول لسداد أموال المودعين، بهدف «توليد القيمة».

وقال طلال سلمان، المسؤول السابق في وزارة المالية «هناك حاجة إلى إطار حوكمة رفيع لإدارة كل تلك الأصول دونما فساد، والساسة الذين يديرون هذا البلد هم على الأرجح أسوأ المؤهلين في العالم للقيام بذلك».

لكن ليس هناك ما يشير إلى حدوث تغيير في السياسة اللبنانية، من شأنه أن يغير المسؤولين الذين يُلقى باللوم عليهم على نطاق واسع في عرقلة الإصلاحات التي يسعى إليها المانحون.

ورسخ نظام تقاسم السلطة في لبنان بين الطوائف الإسلامية والمسيحية نفوذ عدد قليل من الأفراد والعائلات والجماعات على مدى عقود، و«حزب الله» من أقوى الجماعات الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران.

كما تقضي الخطة بتحويل 12 مليار دولار من ودائع أغنى المودعين، البالغة 22 ملياراً، إلى أسهم مصرفية لبنانية، وسيحصلون أيضاً على سند دائم قيمته خمسة مليارات دولار.

أما البنوك فستسهم بمبلغ 13 مليار دولار في سد الفجوة، وذلك بشكل أساسي عن طريق شطب رأس مال المساهمين.

وقد ينتهي الأمر بالمودعين الأثرياء إلى امتلاك 72% من رأس المال في البنوك اللبنانية، ما لم يضخ المساهمون الجاريون أموالاً جديدة.

وقال عازار «لا إلزام على البنوك وإداراتها بتوزيع أرباح، أو دفع تعويضات مالية، وهو أمر فيه ظلم بيّن للمودعين».

• الخلافات بين الساسة والبنوك على حجم الخسائر، ومن يجب أن يدفع، تقف حائلاً دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

• بموجب الخطة، سيُحول الجزء الأكبر من الودائع الدولارية البالغة 104 مليارات دولار إلى الليرة اللبنانية، وسيفقد 16 مليار دولار 75% من قيمته، و35 ملياراً 40%.

• ليس هناك ما يشير إلى حدوث تغيير في السياسة اللبنانية، من شأنه أن يغير المسؤولين الذين يُلقى باللوم عليهم على نطاق واسع في عرقلة الإصلاحات التي يسعى إليها المانحون.

• سيحتفظ المودعون في لبنان الذين تقل ودائعهم عن 150 ألف دولار بأموالهم كاملة -بما يصل إلى نحو 25 مليار دولار- لكنهم سيحصلون عليها على مدار 15 عاماً شأنهم شأن المودعين الآخرين. وحيل بينهم وبين السحب من حساباتهم إلى حد بعيد منذ عامين.

تويتر